إبداع تكنولوجي لتقييم الفقر في قطاع غزة
في 31 أيار الماضي، استأنفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين 'الأونروا' الزيارات المنزلية لتقييم الفقر في غزة بعد توقف دام عاماً واحداً، انخرطت خلاله الوكالة في جهود مكثفة لتحسين جودة وعدالة وسرعة العملية التي تعمل على تحديد استحقاق الانتفاع من المعونات الغذائية والخدمات الأخرى التي تستهدف الفقر.
وفي إطار عملية إصلاح نظامها لتقييم الفقر في غزة، طورت الوكالة برمجيات تستخدم من خلال الأجهزة اللوحية والتي يمكن اعتبارها الجيل التالي من تكنولوجيا المسوحات حول العالم، حسب تقرير للأونروا بالخصوص اليوم الخميس.
ويمكن للأسر المنتظرة منذ فترة طويلة، بعضها منذ أكثر من عام، أن يتم ترشيحها لكي يتم اعتمادها ضمن قوائم المنتفعين من المعونات الغذائية، أن تخضع لتقييم الفقر وأن تتعرف على نتيجة التقييم سريعاً، وهو ما يعني أنه يمكن للمستحقين البدء في تلقي حصصهم الغذائية في دورة التوزيع التالية يقول التقرير.
ووفق التقرير، فقد أمكن تحقيق ذلك بفضل برمجيات المسح الجديدة والتي تمكن الأونروا من تقييم حالة الفقر لأكثر من مليون لاجئ فلسطيني، بمن فيهم المنتفعون الحاليون البالغ عددهم 876 ألفا ومقدمو الطلبات الجدد، بشكل أسرع وأكثر دقة.
وصُمم نظام تقييم الفقر خصيصاً بما يناسب الحالة والوضع في غزة، وهو مصمم لتقييم حتى الأسر الكبيرة ووضع توصيفات للأسر التي قد تضم ما يصل إلى 35 فرداً، حيث يعمل نظام المسح، الذي يعتمد تقنية الحوسبة السحابية على الأجهزة اللوحية، على توجيه الأخصائيين الاجتماعيين خلال العملية، مع ضمان عدم إغفال أية أسئلة وفحص اتساق الإجابات مع تلك التي سبقتها لضمان جودة ودقة التقييم.
وحيث أن النظام أصبح الآن متكاملاً، أي أن المعلومات التي تم تقييمها سابقاً محفوظة ومتوفرة على الأجهزة اللوحية، فإن التقييم أصبح أسرع وأسهل كثيراً للأخصائيين الاجتماعيين في الميدان، الذين يقومون بالزيارات المنزلية لكل الأسر التي تخضع للمسح.
وتضم الشراكة الثلاثية التي شُكلت لهذا الغرض مبرمجين في 'الأونروا'، وأعضاء من المشروع الاجتماعي الذي تدعمه الأونروا 'بوابة غزة'، وشركة 'هارفست يور داتا' التجارية في نيوزيلندا.
وقالت مديرة 'بوابة غزة' رشا أبو صفية: 'خلال الشهريين الأخيرين في المشروع كنت أعمل ليلاً نهاراً. كنت أعود إلى منزلي بعد دوام العمل وأقضي بعض الوقت مع أطفالي ثم استمر بالعمل حتى الساعة الرابعة فجرا لكي أتمكن من التواصل مع الشركة الشريكة في نيوزيلندا'.
أبو صفية تحمل درجة جامعية في تكنولوجيا المعلومات من الجامعة الإسلامية بغزة وتتمتع بخبرة في مجال تكنولوجيا المعلومات في القطاعات الخاص، والإنساني، والأكاديمي.
وأضافت: 'التكنولوجيا هي البوابة إلى جميع المعارف ويمكنها أن تؤدي إلى تغيير حقيقي. وبفضل برمجيات نظام تقييم الفقر، فقد طورنا الجيل الثاني من تكنولوجيا المسوحات والتي يمكن أن تفيد العالم أجمع. إنه إنجاز عظيم أن نكون جزءاً من هذه العملية'.
ويهدف المشروع الاجتماعي التجريبي (بوابة غزة) الذي أطلقته الأونروا، والذي شاركت رشا في تأسيسه، إلى استقطاب ثم استحداث فرص عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في سوق غزة عبر آلية التعاقد الخارجي في محاولة لخلق فرص جديدة ضمن اقتصاد غزة المدمر، والذي يعاني من حصار يفرض قيوداً مشددة على حركة الأفراد والبضائع.
وقال مدير مركز خدمات تكنولوجيا المعلومات في الأونروا في غزة مصطفى أبو طاحون: 'لقد أظهر نظام تقييم الفقر مدى نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما أثبت الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها المطورون في غزة'.
ولخص مصطفى الأمر قائلاً: 'تكنولوجيا المعلومات هي المستقبل للأونروا، وبوابة غزة هي المستقبل لغزة'.
واعترف رئيس شركة 'هارفست يور داتا' النيوزيلندية ستيف كون، بالموهبة الكبيرة التي يتمتع بها المطورون في غزة، قائلاً: إنه منخرط في مجال تطوير البرمجيات منذ 30 عاماً وأُعجب وتأثر جداً 'بقلة الدعم' الذي احتاجه فريق 'الأونروا'. وعملت شركة 'هارفست يور داتا' بأسعار ميسرة من أجل تطوير برمجيات نظام تقييم الفقر.
وأضاف ستيف: 'عندما أدركت متطلبات العمل ووضع الناس في غزة، أردت أن أساهم، وإن كان ذلك بقدر بسيط'.
وحسب بيان الأونروا، فقد تم تمويل نظام تقييم الفقر وتطوير البرمجيات المرتبطة به من خلال أموال الجهات المانحة المقدمة للنداء الطارئ، والتي بالتالي لا يمكن استخدامها للخدمات الأساسية كالتعليم. وفيما توفر هذه المساهمة دعماً حيوياً تشتد الحاجة إليه للاجئي فلسطين، إلا أن الموازنة العامة للأونروا ما تزال تعاني من عجز مالي بنحو 20 مليون دولار أميركي.