حناء مجبولة بالتراب
رشا حرزالله
استيقظت النسوة صباح اليوم الخميس، بدأن بجبل حناء العريس سليمان، وتزيينها بالورود، علقوا بدلته في منزله المجاور لعائلته في تجمع بدو الكعابنة في بلدة الطيبة شرق رام الله، تم تحضير كل ما يلزم من الحلويات، كل شيء جاهز لإتمام سهرة الفرح المقررة يوم غد الجمعة.
وبينما النسوة منشغلات بإنهاء الترتيبات الأخيرة، قطع عملهن صوت الجرافات والجيبات الإسرائيلية التي اقتربت من التجمع الذي تقطنه خمس عائلات، لتقلب عاليه سافله، غير آبهين بصرخات النساء ودموعهن.
أربعة منازل بما فيها منزل العريس، بالإضافة إلى ثلاث حظائر لتربية الأغنام، سوتها الجرافات بالأرض، واختلطت حناء العريس وبدلته بالتراب، بخسارة قدرها أهل التجمع بـ40 ألف شيقل، هدم الاحتلال التجمع؛ بحجة أنه مبني في المناطق 'C' الخاضعة لسيطرته.
لا يبدو على العريس سليمان الكعابنة (25 عاما) الحزن لما أصاب منزله، وبإمكانك أن تعرف ذلك من ابتسامته طيلة الحديث، ليختصر كلامه بالقول: 'يعتقدون أنهم سيكسرون فرحتنا بفعلتهم هذه، سأقوم ببناء منزل جديد، وسأقيم حفل الزفاف رغما عنهم، سبق وأجلت فرحي قبل ثلاثة أسابيع نتيجة التهديدات الإسرائيلية بهدم المنزل، ولكن هذه المرة سأتزوج'.
والدته ذهبت لتفقد منزل ابنها، تحاول إزالة ما تبقى من مقتنيات لم تتضرر، تبحث بين الركام عن بدلته وبقايا الورود، والحناء، والحلويات، لكن محاولاتها باءت بالفشل، لأن الجرافات الإسرائيلية كانت أقسى من أن تترك شيئا دون تدمير، عادت أدراجها للانطواء داخل خيمة قريبة، وهي تتحدث حول بناء المنزل الذي بلغت تكلفته 6 آلاف شيقل، من ألواح 'الزينكو' والخيمة والتجهيزات الداخلية له، وتقول: 'الجنود عملوا لنا حفلة خاصة'.
تقطن عائلة الكعابنة المكونة من 25 فردا، في هذا التجمع البدوي الذي يطلق عليه اسم 'ضويعين' منذ عام 67، لا يهدأ لهم بال نتيجة الاعتداءات المتكررة للمستوطنين من مستوطنة 'ريمونيم' المقامة على أراضي بلدة الطيبة، كذلك من تجمع استيطاني بالقرب من مستوطنة 'كوخاف شاحر' أو ما يطلق عليها اسم 'كوكب الصباح' القريبة.
غالبا ما يقوم المستوطنون بالتسلل ليلا إلى التجمع، والاعتداء على سكانه، وسرقة المواشي، كذلك فإن جنود الاحتلال يأتون بين الحين والآخر لتسليمهم إخطارات بضرورة الرحيل من تلك المنطقة، وتهديدهم بهدمها وترحيلهم بالقوة، ما دفع أبناء التجمع على التناوب على حراسته ليلا، خوفا من تكرار تلك الاعتداءات.
وما زال منزل المواطنة يامنة الكعابنة قائما، حيث لم تستطع الجرافات الإسرائيلية هدمه، نتيجة تصدي رجال ونساء وأطفال التجمع لهم، لكن الضابط الإسرائيلي أبلغها بأنه مصمم على العودة لهدمه الأحد المقبل، إذا لم تقم هي بذلك.
يامنة تسخر من التهديدات الإسرائيلية، وقالت إنها ستدخر مبلغا من المال لشراء ألواح 'الزينكو' وخيمة، لبناء منزل جديد، فيما لو صمم الاحتلال على هدم منزلها الحالي، وترفع أصابعها متوعدة الاحتلال بأنها ستجعل 'الشيب يطلع في لحاهم' طالما هي على قيد الحياة.