ريهام.. ضحية النازيين - موفق مطر
هل كانت صورة الطفل الفلسطيني علي الدوابشة ستبلغ قوة الـتأثير على ضمائر العالم الانسانية مثلما بلغت صورة الطفل السوري عيلان، لو ان الصحافة نشرت صورة علي المحروق بنيران المستوطنين العنصريين الارهابيين، أم أن للعالم عيونا وبصائر مزدوجة، يوصل ما يشاء الى مركز الدماغ الدعائي المسيس، ويتغافل عما يشاء، من اجل عيون ورضى الصهاينة اصحاب النعم؟!
لا نريد تصديق ازدواجية الشعور او الاحساس او ردة الفعل تجاه مأساة انسان، ولا نقبل تسييسها، فتكون مجرد حدث وخبر، كجريمة احراق الرضيع علي دوابشة ووالدته ووالده حتى الموت في قرية دوما الفلسطينية، وتصبح هناك صاعقا يفجر المشاعر والاحاسيس الانسانية، ويقلب السياسات رأسا على عقب، وتتغير خطط وبرامج دول ونظرتها حول قضية ما، كقضية غرق الطفل عيلان، مع ان الضحية طفل لم يبلغ الفطام بعد!.
قرار الرئيس محمود عباس باعلان الحداد الرسمي ثلاثة ايام على استشهاد السيدة ريهام الدوابشة والدة الرضيع الضحية علي، برهن على نبل رؤية قيادة الشعب الفلسطيني لمعاني وقيم وقداسة الروح والنفس الانسانية، وتحديدا فيما يتعلق بضحايا مجرمين عنصريين همجيين، ورثة الغزاة المتجردين من قيم الفضيلة، والأخلاق والسلوكيات، متمردين على شرائع ومناهج امة الانسان، لا يمكنهم تصور او تحمل رؤية حياة كريمة عزيزة حرة للفلسطيني على ارض وطنه، لأنهم باختصار لا يفقهون معنى الوطن، ولا يستقيم العيش عندهم الا بسفك دماء (الأغيار) وقتلهم حتى ولو كانوا في المهد، حتى بتنا لا نعرف ان كان هؤلاء هم أنفسهم اعداءهم الذين خطوا عنهم الروايات، ام ان نفوسهم المريضة بالعداء والكراهية للانسانية هي شخص (العدو). فالشر المطلق لا يمكن ان يكون عدوا لشر مثله او حتى دونه، فكلاهما شر ولا يضير ان احدهما عملاق والآخر قزم، وهذا حال المستوطنين، افراد (دولة نتنياهو اليهودية) الذين احرقوا (العائلة المقدسة)، في نصوص شرائع السماوية كافة، ورسالاتها، الدساتير وقوانينها، فالضحايا رضيع ووالدته المعلمة المربية ريهام، ووالده سعد.. فالطفل جوهر البراءة والانسانية، واطفاء بريقها، وقتلها كأنما أطفا شمس الدنيا وقتل الناس جميعا!.
بثت القنوات الفضائية امس، خطابا لديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، قال فيه: "سنحرص على ان تكون اولوياتنا الأطفال الأكثر عرضة للخطر" فهلا اخبره احد ان اطفال فلسطين يحرقهم الغزاة المستوطنون اليهود أحياء حتى الموت كالرضيع علي الدوابشة، والفتى محمد ابو خضير وأن جيش (دولة نتنياهو الديمقراطية جدا!) قد أباد عائلات باكملها في غزة، يوم صهرت قنابل وقذائف طائرات (جيش اسرائيل) عظام الأطفال مع فولاذ المباني وحجارتها، كما تسبب مجرمون باغراق عائلة الطفل السوري عيلان، الذي هرب وعائلته من جحيم الهمجيين والدكتاتوريين، هلا قال له صاحب ضمير إن الخطر الاشد والافظع على اطفال فلسطين يأتي من بؤر الجريمة العنصرية، المخالفة للقانون الدولي، من المستوطنين وجنود الاحتلال الاسرائيلي، وانه اذا عاش اطفال فلسطين بكنف دولة فلسطينية حرة مستقلة، فان اطفال دول حوض البحر الأبيض المتوسط كلهم سينعمون بالأمان والسلام، بمن فيهم اطفال الاسرائيليين المحبين للسلام، الذين يحترمون حق اطفالنا بالحياة فيناهضون سياسة دولتهم، ومبدأ احتلال أرض شعب فلسطين ومحاولات اخضاعه.
أحرق المستوطنون اليهود المزروعون بأيادي جنرالات جيش دولة الاحتلال في ارض الدولة الفلسطينية الطفل علي الدوابشة، ووالده سعد، ووالدته رهام، واحرقوا مع (العائلة المقدسة) طائرا كان سيبشرنا بالسلام، واحرقوا دعاية (واحة الديمقراطية) حتى بانت عورة (دولة اسرائيل) فالاحتلال ارهاب، والاستيطان جريمة حرب، فحجارة الصوان في بلادنا اذا اصابتها النار تتشظى، فتجرح! ولا يحق لمن اكتووا بنيران (النازيين)، سنقاوم اغتصاب ارضنا، وتسليط شياطين مستوطنيهم (الناريين) علينا. فنحن ان كنا دعاة حرية بعدل وحق وسلام، فانا مصممون على نصب ميزان العدل والقانون الدولي، في يوم حساب لقتلة الأطفال.