الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجزي تياسير والحمرا في الاغوار وينصب بوابة حديدية على حاجز جبع    حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    استشهاد مواطن وزوجته وأطفالهم الثلاثة في قصف للاحتلال جنوب قطاع غزة    رئيس وزراء قطر يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة    "التربية": 12,329 طالبا استُشهدوا و574 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب والتدمي    الاحتلال يُصدر ويجدد أوامر الاعتقال الإداري بحق 59 معتقلا    "فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس    34 عاما على اغتيال القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري    الاحتلال يعتقل 13 مواطنا من مخيم بلاطة شرق نابلس    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس  

الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس

الآن

دوما تفتقد ابتسامة ريهام دوابشة

خلدون البرغوثي - ليست وحدها رائحة منزل أسرة دوابشة تذكر كل من يدخله بالنيران التي اشتعلت فيه قبل نحو أربعين يوما. ولن تكون جدران المنزل التي اختفى لونها الأصلي تحت طبقة من السخام الأسود وصارت لوحا يعبر فيه الزائرون عن مشاعرهم تجاه الأسرة الفقيدة، ما سيذكر الطفل أحمد -أطال الله عمره-، بما حل بأسرته.

زجاجات حارقة ومجموعة إرهابية من المستوطنين وأربعون يوما كانت كافية لتحفر في ذاكرة دوما وفلسطين إرهاب الاحتلال ومستوطنيه. قبل يومين أتمت ريهام دوابشة سبعة وعشرين عاماً، ولم يكتب لها أن تتم اليوم الأول في العام الجديد من عمرها، فانضمت إلى زوجها سعد بعد شهر من استشهاده في ذكرى زواجهما، وإلى علي في اربعينه.

تقول علياء دوابشة (13 عاما)، إن اكثر ما ستفتقده هو اكثر ما ميز ريهام..  الابتسامة التي رسمتها في كل زاوية من زوايا البيت الذي تفحمت جدرانه، وفي بيت والديها.. وستفتقد اللحظات التي تقضيها الأخت مع اختها.. لحظات كانت تقدم فيها النصح.. ولحظات كانت تفرغ فيها علياء ما يجول في خاطرها لتجد الرد الشافي من ريهام.

تعود علياء لتغوص في السواد الذي اتشحت فيه نساء القرية، وعيونهن شاخصة الى الطريق، فالجثمان سيصل في أية لحظة.

وصل جثمان ريهام الى قريتها بعد الظهر، وانهمرت دموع طالبات في الصفوف التي درستها بمدرسة جوريش.. يتذكرن ابتساماتها، فقد كانت بالنسبة لطالباتها أيضا أكثر ما ميزها. تقول نسرين أحمد الطالبة في مدرسة جوريش إن ريهام كانت تعامل الطالبات كبناتها أو أخواتها، وانهن يفتقدنها ليس كمعلمة بل كأم وأخت.. كانت تقضي جزءا من وقتها في الاستماع الى "فضفضاتهن"..

الآن ذهبت هذه الأم.. ويبدو أن قاتلها وأسرتها سينجو بفعلته.. فمن سيحاسبه، وهل يحاسب القاتل قاتلا مثله؟! أدخل الجثمان إلى منزل أهلها، فودعتها أم اثقلت المصيبة روحها وجسدها. ارتفعت أصوات الباكيات واختلطت بالهتاف.. سارع المشيعون به إلى ساحة مدرسة القرية التي حملت اسم "علي وسعد دوابشة"، ويبدو أن اسم ريهام سيضاف لاسميهما.

مرت الجنازة بساحة المنزل الذي ضم يوما أسرة بقي منها طفل يتيم، سيحمل في ذاكرته لحظات احراقه وأسرته، وسيحمل في جسده ندوبا ستذكره في كل لحظة أن هناك من حرمه من أمه وأبيه وشقيقه، وحرمه من حياة عادية.. حرمه من نفسه. كبّر المؤذن أربعا، وردد المشيعون، ودعا في ختام الصلاة بالسلام في بلد يبدو السلام أبعد ما يكون عنه، حُمل الجثمان في جنازة عسكرية سارت خلفها جموع اختلطت دموعها بعرقها، واختلطت الهتافات بالتكبيرات. في المقبرة جهز قبر ثالث يوازيه قبران آخران، الأول صغير ضم الصغير عليا، والثاني ضم والده سعدا، وجيء بريهام لتعانق ترابا عانق حبيبيها قبلها.

القيت الكلمات وصدحت مكبرات الصوت وتحدث الكثيرون، فنعوا ودعوا وودعوا، لكن تحت التراب لم يكن سعد وعلي يستمعان لما تضج به مكبرات الصوت.. فقد كانا يرحبان بريهام، ويطمئنان منها عن أحمد.. ويسألانها عن حال الأموات الذين تدب أقدامهم فوق التراب. 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025