قصتي مع العلم الفلسطيني
أمل حرب
'عندما كنت أسمع الأغاني الوطنية والأخبار في إذاعة منظمة التحرير الفلسطينية، والعمليات النوعية للفدائيين في فترة السبعينيات، كانت تحمسني وتزيد من حسي الوطني... خفقان قلبي كان يزيد عند رؤية العلم الفلسطيني يرفرف على أعمدة الكهرباء ومآذن المساجد، وأسوار المدارس في صباح أي مناسبة وطنية كيوم الأرض'.
بهذه الكلمات استهلت الأسيرة السابقة فاطمة أبو شرخ من بلدة الظاهرية جنوب الخليل، حديثها لـ'وفا' عن حكايتها حول انخراطها بالعمل الوطني.وأضافت'لم أتردد في المشاركة بأي عمل وطني عندما كان عمري 17 عاما في عام 1975م، فكانت مهمة خياطة العلم الفلسطيني في ذلك الوقت عملا سريا يتطلب الحيطة والحذر، وكان في منظور الاحتلال عمل إرهابي مقاوم لدولة الاحتلال'.
وتابعت، كنت أشتري القماش من كل محل لون.. حتى لا يشتبه أحد بي من خلال الألوان... وأحيانا كنت اشتري لونين من القماش من محلات في مدينة الخليل، واللونين الآخرين من بلدتي بالظاهرية .. وأخفيهن بين ملابسي حتى عن أهلي... وأعمل على حياكتهن على ماكينة الخياطة في الليل.. لأسلم الأعلام بعد تجهيزها بشكل سري أيضا..
وأردفت أبو شرخ، كانت سعادتي لا توصف عندما أرى العلم الفلسطيني يزين البلدة في صباح يوم الأرض.. في حين كان العلم يستفز جيش الاحتلال.. يمنع التجول على البلدة كعقاب جماعي.. ويجمع الشباب في ساحة المسجد أو المدرسة، ويجبرهم على إنزال العلم،ويجري معهم تحقيقات ميدانية لمعرفة النشطاء الوطنيين في البلدة'.
واستطردت، استمر عملي في خياطة العلم الفلسطيني مدة خمسة أشهر، وشهدت البلدة حملة اعتقالات من بينهم من أعرفهم وأتعامل معهم، وشعرت بالخوف... بعد فترة وصل إلىأهلي تبليغ واستدعاء باسمي لمقابلة مخابرات الاحتلال... استغربأهليالأمر وقالوا هناك تشابه في الاسم، من المؤكد أن في الأمر خطأ ما.. وشجعوني على الذهاب في الموعد لمقابلة المخابرات... وكانت المفاجأة باحتجازي للتحقيق..
وقالت أبو شرخ، إن تجربة الاعتقال والتحقيق مع فتاة في السابعة عشرة من عمرها ليست بالسهلة على الفتاة وعلى أهلهاأيضا في ذلك الوقت،وأضافت في التحقيق تمالكت نفسي ونفيت انتمائي إلى أي جهة وطنية وكل التهم الموجهة إليّ .. إلىأن تمتمواجهتي مع اعترافات أعضاءفي الخلية التي أضعفتني.
ووجهت المحكمة العسكرية الإسرائيلية تهمة خياطة العلم الفلسطيني إليها، وحكمت عليها بالسجن مدة تسعة أشهر، كما أصدرتأحكاما ضد أعضاء الخليلة تراوحت بين سنة إلىأربع سنوات.
وأشارتأبو شرخ، إلىأنها كانت تعاني في أول فترة من اعتقالها من أحلام يومية مزعجة، حول ردة فعل أهلها من اعتقالها، وكانت تحلم بأن أباها كان يركض وراءها لقتلها.. ولكن عندما زارها أهلها بعد ثلاثة أشهر من سجنها، قالوا لها إننا نفتخر بك ونتشرف بهذا العمل الوطني.. ما طمأن قلبها وهدأ سرها.
في حين استقبلت المناضلات الفلسطينيات في سجن الرملة أبو شرخ، بحفاوة واحتضنها كونها فتاة صغيرة السن.. مشيرة إلى دورهن في صقل شخصيتها وتوعيتها في كافة المجالات من أمثال رسمية عودة، ومريم الشخشير، وفاطمة برناوي، وتريز طنوس 'رحمها الله'.
وأكدت أن حياة الأسر مدرسة وطنية بفضل الأسيرات المناضلات اللواتي كرسن حياتهن للعمل الوطني داخل الأسر وخارجه.
وعبرت أبو شرخ عن سعادتها بطريقة استقبال عائلتها لها عند خروجها من السجن بعد انتهاء مدة محكوميتها، وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية، والزغاريد التي تعبر عن احترام المواطنين للنضال الوطني بكل إشكاله، فيما كرمت السلطة الوطنية جميع الأسرى الذين اختاروا طريق مقاومة الاحتلال نهجا في حياتهم، مبينةأنها فرغت في جهاز الـ17 أو حرس الرئاسة، على رتبة مساعد، وتقاعدت على رتبة رائد شرف.
وقالت أبوشرخ، العلم الفلسطيني رمز لوجودنا.. وسيادتنا، كان حلمناأن نراه شامخا فوق مؤسساتنا وشوارعنا.. وما زلنا نناضل بحقنا في رفعه في الأمم المتحدة إلى جانب أعلام دول العالم.