التطريز.. مصدر للرزق والمحافظة على أصالة التراث من النهب
الحياة الجديدة - غدير إسماعيل أبو رومية - يعدّ التطريز من الفنون الشعبية الفلسطينية التي تحولت عبر التاريخ الى حرفة وتطورت لتصبح مورد رزق لفئة كبيرة من النساء في فلسطين، حيث توفرت فيها خصائص تتلاءم مع البيئة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الفلسطيني ككل، الا أن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين ساهم في انخفاض الإقبال على الصناعات الحرفية، اضافة الى ان الحصار على غزة ساهم في عدم توفر المواد الخام، ومنع السياح من الوصول إلى القطاع، وهم يشكلون مصدرا مهما في تسويق وشراء هذه المنتجات.
البيت الصامد
جمعية مؤسسة البيت الصامد هي جمعية نسوية خيرية غير ربحية وغير حكومية، تعتمد على التمويل الذاتي في تنفيذ برامجها ونشاطاتها وبشكل جزئي على المؤسسات المانحة، وتسعى بشكل اساسي على تثبيت الهوية الفلسطينية بإحياء جانب مهم من تراثنا بتطريز قطع فنية زخرفية مستمدة من تراثنا.
وتعمل في هذا المجال أكثر من خمسين مواطنة، يقمن بالتطريز في منازلهن، يوفر دخلا لهن ويعد مصدر دخل للمواطنات غير المتعلمات وزوجات الشهداء والأسرى، وهناك الكثير من المواطنات يقمن بالتطريز لتوفير احتياجات عائلتهن.
ويشمل التطريز الأثواب والشالات والمعلقات والوسائد وبطاقات المعايدة والمفارش، كما يقوم القسم بتطريز الشعارات الخاصة بالمؤسسات والوزارات والسفارات، وتنظم المؤسسة سنويا معرضا خاصا تعرض فيه الكثير من قطع التطريز ذات التنظيم المبتكر، بالإضافة الى معرضها الدائم في المؤسسة وتشارك الجمعية في المعارض المقامة داخل وخارج القطاع.
التطريز عادة
تقول الحاجة فاطمة (75 عاما)، التي تسكن في محافظة خان يونس: التطريز في حياة المرأة الفلسطينية عادة خاصة انه يعد اللباس الأفضل والأجمل لدى الفلسطينيات، وتراث فلسطيني ترثه الابنة عن أمها، الى ان أصبح من الضروري أن يكون لكل فتاة فلسطينية على الاقل 6 أثواب مطرزة يدويا تقوم الفتاة بتطريزها بنفسها قبل الزواج وهذا يعد من تحضيرات الزواج.
وبعد تنهيدة لا يمكن وصفها قالت الحاجة فاطمة: ليت تلك الأيام تعود، الآن انعدمت هذه العادة عند الفتيات واصبح من النادر ان تجد فتاة تطرز اثوابها بنفسها.
وأكدت أنها تملك الى الآن ثوبا منذ كان عمرها 20 سنة. وقالت: كنا يوميا بعد العصر وحتى الغروب نطرز أثوابا وكان التطريز عادة يومية لنا. واضافت: يجب التمسك بتراثنا خاصة في هذا الوقت لأنه يدعم ويؤكد حقنا في وطننا.
التطريز والدراسة
تقول الشابة سلمى أحمد (20 عاما) التي تدرس اللغة العربية في جامعة الأقصى: تعلمت التطريز كهاوية في البداية، تسلية وتمضية للوقت خاصة انني أحببته بشكل كبير خاصة أثواب الدبكة والثوب الفلسطيني الجميل كونه تراث بلدي.
وتضيف: بالتدريج أتقنته وبدأت أذهب للعمل في الجمعيات الخاصة بالتطريز اليدوي، وبدأت اتلقى المال مقابل العمل وهذا ساعدني في توفير مصاريف الجامعة، وأخصص يوميا ساعتين للتطريز، لدرجة انه اصبح أمرا اساسيا في حياتي لا يمكن ان اتخلى عنه.
وتتابع: الآن أنا في السنة الثالثة في الجامعة وأعمل في التطريز منذ 5 سنوات وسأبقى أعمل حتى بعد اتمام دراستي الجامعية والحصول على وظيفة، واتمنى من جميع الفتيات تعلم التطريز.
حافظت على الاصالة
"على الرغم من جمال وسهولة انتاج هذه المشغولات، إلا أنها تحتاج للكثير من الصبر والدقة والجهد والوقت في اعدادها، ما ينعكس على أسعارها نظرا لطبيعة الجهد المبذول، فتجد أنها غالية بعض الشيء".. هكذا بدأت أم محمد الشرافي (40 عاما) حديثها عن تجربتها في تعلم فن التطريز والحياكة كأحد المشغولات اليدوية التي تلقى رواجا في المجتمع الغزي على وجه التحديد.
وقالت أم محمد: "كنتُ أحلم باتقان التطريز الفلسطيني بمختلف اشكاله ومسمياته منذ صغري، وبالفعل تعلمت من والدتي بسرعة كبيرة جدا، وكأنها شيء متوارث تأخذه الابنة من والدتها، وانا الآن انقل هذا التراث الثمين الى بناتي وأحفادي حتى يبقى حيا ينبض مع كل جيل".