الرئيس يريد عنباً، لا قتال الناطور- حسن سليم
"لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي..الحرب تندلع من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين"، تلك هي العبارة التي ختم بها الرئيس الشهيد ياسر عرفات عام 1974 خطابه من على منصة الامم المتحدة، وهو يمد يده للسلام ويذكر العالم بمسؤولياته تجاه شعب اقرت الشريعة الدولية بحقوقه، لكنها بقيت عاجزة عن ايصالها له.
اليوم يحمل الرئيس ابو مازن ذات العبارة، ولكن في اطار مختلف، وفي ظروف مختلفة لم يعد فيها مقبولا مماطلة وتسويف اسرائيل، وتنصلها مما وقعت عليه من اتفاقات، بل وبموازاة حملة شرسة من الاستيطان والتهويد والقتل سعيا منها لالغاء الهوية الوطنية لفلسطين، وتكريس احتلالها على كامل الارض كأمر واقع من الصعب تعديله.
يحمل الرئيس هذه المرة العديد من الرسائل في خطابه الذي سيلقيه في مقر الامم المتحدة في نيويورك اليوم الاربعاء، واستحب البعض ان يطلق عليه "القنبلة" لتوقعات لما سيحمل من مفاجآت، ينظر اليها ساسة العالم والمحللين بان القوة ليست فيما سيصدر من مواقف، بل في الارتدادات الناجمه عنها، ولا سيما فيما يخص اتفاقية اوسلو والتوقع بان يتجه الرئيس الى الغاء بنود ووقف العمل بها وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بقرار المجلس المركزي بوقف التنسيق الامني.
الرئيس ابو مازن واعتمادا على نهجه السياسي وطريقته في ادارة ملف المفاوضات مع اسرائيل، "لا يريد قتال الناطور، بل يريد عنباً " ولكن هذه المرة وبخلاف سابقاتها لديه الكثير من التحصينات القانونية للمطالبه بـ " العنب "، فقد تحصل في تشرين الثاني 2012 على اعتراف دولي بفلسطين" دولة لترتقي مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو بصفة مراقب، بدعم من 138 دولة، ما اتاح لها حق العضوية في عديد من مؤسسات ومنظمات الامم المتحدة، والانضمام والتوقيع على عشرات الاتفاقات الدولية القادرة على حماية حقوقنا في المحافل الدولية وابرزها ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية التي دقت مسمارا غليظا في نعش دولة الاحتلال وارعبت قادتها.
رسالة الرئيس ابو مازن وبغض النظر عن منسوب التوقعات مما سيحمل من مفاجآت، فان مفادها بان الامر قد تغير، وان الغد لا يمكن ان يعود ليشبه الامس، والا فليتفضل العالم وليتحمل مسؤولياته تجاه ما رعى من اتفاقات وكان شاهدا عليها. وهذا الموقف تعلمه الادارة الاميركية، ولهذا كان جون كيري مواظبا على لقاء الرئيس ابو مازن وارسال الرسائل له، لكنه فشل لعدم قدرته على تقديم اي جديد، ولهذا السبب ايضا ابرق نتنياهو بانه مستعد للقاء الرئيس ابو مازن والعودة للمفاوضات دون شروط، ولهذا ايضا تعمد سيد البيت الابيض تجاهل الملف الفلسطيني، ولم يأت في خطابه الاخير على أي ذكر لحقوق الشعب الفلسطيني.
بعد انتهاء الرئيس ابو مازن من خطابه، ورفعه للعلم الفلسطيني وبما يمثل من رمزية وطنية لنضال شعبنا، وما قدمت تحت رايته من تضحيات، سيرفرف علم فلسطين لاول مرة في التاريخ على مباني الأمم المتحدة في نيويورك بجوار اعلام الدول كاملة السيادة، رغم انف من وضعوا العراقيل امامه، فان العالم مضطر للتعامل مع ارتدادات الخطاب، وعلى دولة الاحتلال ان تعي ما نتيجة سياستها المجنونة، وان تفهم ان الانتفاضة لا تكون بقرار رسمي، بل بقرار شعبي قد يكون من الصعوبة السيطرة عليه. فهل تفهم اسرائيل ؟