"التقاليد".. حجر عثرة أمام فتيات غزة لدراسة الصحافة
رجاء يحيى الشاعر - الصحافة والإعلام تدخل ضمن المهن الصعبة والشاقة على الفتيات كما يراها البعض.. لكن الفتيات ابدعن في ممارسة العمل الصحفي ونقل الأخبار.. كما ابدعت في هذا المجال كوكبة من الصحفيات اللواتي رسمن بأيديهن لوحات من الابداع والمسؤولية والشجاعة في عالم الصحافة والإعلام حتى اصبحن منافسات ويكدن يتفوقن على الرجال.
يقول الدكتور احمد ابو السعيد عميد كلية الاعلام بجامعة الأقصى سابقا: "لم يكن هناك ترحاب لوجود المرأة في العمل الصحفي في العالم العربي بشكل عام، وفي المجتمع الفلسطيني على وجه الخصوص، فكان لا يسمح للفتاة بدراسة الصحافة، السبب قد يرجع الى عادات وتقاليد أو لجهل وسوء فهم لمدى اهمية وجود المرأة ودورها البارز والفعال، اضافة الى وجود بعض النوعيات المحبطة التي تهمش دور المرأة، لكن بالمقابل هناك نوعيات اخرى تنبذ هذه الأفكار خاصة بعد خوض المرأة مساحات واسعة في هذا المجال والقناعة بأهمية وجود المرأة في كل المجالات".
ويضيف: احترام الصحفيين بعضهم بعضا مهم، وأصبح التفريق بين الرجل والمرأة لا وجود له من الاساس فالعمل الصحفي ليس للمرأة أو الرجل فقط انما للاثنين معا، فعملها لا يقل عن عمل الرجل، ومشاركة المرأة بدأ منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حين كانت تضمد المصابين، لذا لا بد ان توجد ايضا في الأزمات والحروب التي نتعرض لها في ايامنا هذه، وتوقع ان يكون هناك مستقبل زاهر للمرأة في عالم الصحافة والإعلام في المستقبل القريب.
تقول الطالبة أماني الجرو (19 عاما): "كانت رغبتي من الصغر دراسة الصحافة والإعلام حيث كان لي دور كبير في الاذاعة المدرسية، فكنت أنظم حفلات على مستوى المدارس اضافة لامتلاكي مهارة الكتابة، إلا ان رغبة والدي حالت دون تحقيق مرادي حيث وجدت معارضة شديدة لديه كوني فتاة بحجة ان هذا التخصص لا يليق إلا بالرجال، وحاولت اقناعه جاهدة لكن دون جدوى.
تحديات واصرار
الطالبة جيهان ابو منصور تقول: "التحقت بتخصص الصحافة والإعلام بصعوبة تامة وبمساندة من أمي، رغم رفض والدي".
وتضيف: مع انني اتممت السنة الاولى في دراستي إلا ان احباطات والدي ورفضه ما زالت تلاحقني من وقت لآخر، فتارة يطلب مني الاسراع بتغيير تخصصي وتارة اخرى يملي علي بمزيد من الإحباطات بعدم قدرتي على مواصلة هذه الطريق او الانجاز وان مصيري في النهاية الجلوس في البيت لذلك ما زلت احاول جاهدة تغيير فكرته بأنه لا مانع من التحاق الفتاة بتخصص الاعلام وقدرتها ودورها المهم والفعال بمثل هذه المجالات".
وتتابع: "يجب علينا السعي جاهدين لتغيير هذه الانطباعات السلبية التي تكون حجر عثرة امام تحقيق رغبات الفتيات لإفساح المجال لهن للابداع والتميز دون أي عراقيل أو صعوبات".
عادات وتقاليد
الطالبة آلاء المدهون (20 عاما) فتشير الى رفض والدها لالتحاق الفتيات بتخصص الصحافة والإعلام بشكل عام، وليس لي أنا فقط لعدة أسباب منها: "ان الفتاة تقلل من احترامها لذاتها عند ظهورها على التلفاز ويراها الملايين من الناس، وان الفتاة ليس لها القدرة على تحمل مثل هذه المهن كونها بحاجة الى التنقل من مكان لآخر والسرعة في التقاط المعلومات والأخبار وبحاجة للعمل ساعات طويلة خارج المنزل ناهيك عن مخالطة الرجال".
تقول آلاء: حتى في يومنا هذا ما زال بعض الآباء متمسكين بالعادات والتقاليد القديمة التي تنبذ حرية المرأة في كافة المجالات.
الطالبة سهيلة الفرا (19عاما) تقول: " تفكير والدي من العهد القديم حيث يرى انه من المستحيل ان تفكر إحدى بناته بدراسة الصحافة والإعلام على وجه الخصوص بما فيها مخاطبة للجنس الآخر أو حتى التنقل هنا وهناك بمفردها أو الاعتماد على نفسها، وإن كانت تريد استكمال مسيرتها الجامعية فعليها بتخصص التعليم الاساسي أو أي تخصص يلائم قدرة وطبيعة الاناث، فمن وجهة نظره يجب ان تكون الفتاة معلمة او مربية للأطفال".
اما الطالبة افنان الجاروشة (20 عاما) الحاصلة على معدل امتياز في الثانوية العامة وكانت ميولها دراسة تخصص "اذاعة وتلفزيون" فتقول: اجبرت على دراسة تخصص لا ارغب فيه لأنني واجهت رفضا عائليا للالتحاق بتخصص الصحافة والإعلام، والسبب الرئيسي انني فتاة وانني حاصلة على معدل عال، فأجبرت على درساة تخصص اللغة الانجليزية الذي يفوق قدراتي ولا يستهوي ميولي وما زلت اعاني منه.
المرأة الصحفية ونظرة المجتمع
ويوضح الدكتور درداح الشاعر الاخصائي الاجتماعي بجامعة الأقصى ان المرأة في المجتمع الشرقي محاطة بنظام من التابو والقدسية، وبالتالي كل عمل يعتقد بأنه لا يناسب انوثة المرأة يحاولون ابعادها عنه وتقييدها عن المهن التي فيها اختلاط بالرجال.
ويضيف: المرأة الفلسطينية قادرة على تقديم نموذج جديد وفريد عن صورة المرأة الفلسطينية العربية التي تحمل هم القضية الفلسطينية التي تقع على عاتق الرجال والنساء على حد سواء، فهموم الشعب الفلسطيني ليست هموم الرجال فقط، فالحياة شراكة في الأوقات السعيدة وفي تحمل الأعباء وتقاسم المسؤولية والصعاب، كذلك لا بد ان تواجه الفتاة عراقيل ومعيقات من خلال نظرة المجتمع التي تدل في كثير من الأحيان على عدم الوعي، ومع ذلك سيكون للمرأة دور بارز ومهم وفعال في المراحل المقبلة خاصة في عملية التحرير والدليل على ذلك ما اثبتته المرأة في الصراعات السابقة، حيث ظهرت في مساحة كبيرة في الاعلام الفلسطيني وتقبلها المواطن الفلسطيني.