اوسلو..(تعيشوا انتو) ! موفق مطر
قال العرب في امثال الحكمة والواقعية والعقلانية: "لاترم الماء العكر حتى تجد الماء الصافي "لذا نتمنى على الذين يطالبون الرئيس بالاعلان صراحة عن الغاء اتفاق اوسلو ان يقدموا بدائل مقنعة للشعب الفلسطيني، شرط ألا تكون تقليدية ونمطية، محشوة بالشعارات والخطابات الديماغوجية العبثية.
يجب على (العنتريين) المحاربين في ميادين الفضائيات أن يعلموا، أن الاتفاقات حتى بين الدول المستقلة ذات السيادة لا يتم الاعلان عن الغائها من طرف واحد، لأن من شأن ذلك تحميل الطرف اللاغي للاتفاق مسؤولية النتائج والتداعيات، الا اذا كان هذا الطرف (الدولة) قوية بما يكفي لدرء اخطار الغاء اتفاق ما قد يؤثر على مصير شعبها ومستقبله، او على ركائز الدولة الاقتصادية الاستراتيجية كحد ادنى.
على القابعين في الدوائر المريحة، ألا يشككوا بذكاء الشعب الفلسطيني وبقدرته على فرز المناضلين الوطنيين الذين يعملون باخلاص وصدق وعقلانية من اجل حياة حرة كريمة وعزيزة لأجياله، وبين الوطنجيين المضللين، الذين يسعون على عربة اعداء القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وتحت غطاء الشعارات النارية، المرضية لرغبات (شعبوية) ضئيلة ومحددة لتعميم صور الموت والدمار، لتغطية عورة جهلهم في القيادة، والتعمية على سقوطهم الذريع في امتحان اطلقوا عليه مسمى (الحكم والمقاومة)، فهؤلاء الذين يطالبون الرئيس ابو مازن باعلان الغاء الاتفاق يعلمون جيدا ان الخطوة التالية تعني اجهاض كل ما تم انجازه.
يعلم هؤلاء يقينا ان اتفاق اوسلو قد بات وراء ظهورنا بحكم الوقائع الجديدة التي فرضها نضال الشعب الفلسطيني، وبفضل حكمة ودهاء وعقلانية قائد حركة التحرر الوطنية، رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس، ومعه قادة وطنيون مخلصون من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وعليهم ان يعلموا ايضا ان لم يكونوا ممن يعلمون ويغفلون أن اتفاق اوسلو، ليس كتابا مقدسا، ولا ميثاقا لنضالنا الوطني، وانما ضرورة، كجسر عبور لاعادة بوصلة الكفاح الى موطنها الجغرافي الزماني والمكاني الأصلي (فلسطين)، بعد حوالي ثلاث عقود من انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الفاتح من العام 1965.
يجب ان يعلم المفتوحة شهيتهم على قوائم شهداء وجرحى واسرى ومقدرات الشعب الفلسطيني اللامحدودة أن اوسلوا ستصبح مجرد ذكرى ان هم آمنوا وعملوا بما تقتضيه اخلاقيات وادبيات النضال الوطني، ان يكونوا جزءا من عملية البناء، وليس الهدم، ان يكونواعونا للقيادة بالنصح والراي السديد، وليس تسديد السهام النارية لاحراق اشرعة سفينة القيادة، أن يكونوا جسورا للاجيال القادمة لاستكمال الكفاح بأدوات ووسائل حسب المرحلة، وألا يكونوا موانعاً، او كمثل الذين يظنون ان التاريخ يبدا بهم وينتهي عندهم!! وانهم وحدهم (ملاك الحقيقة)،فالشعب الفلسطيني بلغ من الرشد والحكمة مايكفي لاختيار سبل كفاحه التي تمكنه من تحقيق اهدافه، مادام توفير الدماء والدمار ممكنا، ولديه من الارادة والابداع النضالي ما يكفي لبعث الحياة في دولة فلسطينية، لم نكتف أن دولة الاحتلال (اسرائيل) قد اقرت بحقنا فيها في اتفاق اوسلو وحسب، بل ناضلنا حتى غيرنا قواعد الصراع، وانتزعنا اعتراف العالم بحقنا بدولة على ارضنا التاريخية والطبيعية فلسطين، على حدود الرابع من حزيران، وأسقطنا بعد حوالي عشرين عاما من اتفاق اوسلو مقولة (ارض متنازع عليها)لتصبح كل هذه المناطق التي احتلت منذ الخامس من حزيران من العام1967 ارض دولة فلسطين المحتلة بعاصمتها القدس الشرقية.
إن كان المنادون بإعلان إلغاء اتفاق اوسلو جادون فليأتوا إلى البيت الوطني (منظمة التحرير الفلسطينية) ليمارسوا وطنيتهم قولا وفعلا، ويساهموا بما لديهم من تأثير في قناع حماس بالعودة عن انقلابها، والتراجع عن مشاريعها الخاصة التي من شانها إعادة إحياء ما كنا قد قبرناه (تعيشو انتو) ليس مشروع (غزة واريحا) وحسب، بل مشروع (غزة فقط)، فواقع القضية والنضال الوطني بعد رفع علم فلسطين في الأمم المتحدة، يتطلب من الجميع التفكير بكيفية إدامة حياة المشروع الوطني، وتجسيم هدف (الدولة) بعاصمتها القدس، وليس البحث في الدفاتر القديمة، عن اتفاقات شاخت حتى باتت في مرحلة النزع الأخير لجعلها مواضيع خصام وخلاف وطني داخلي.
يجب ان يعلموا ان الحق الفلسطيني لايسقط بالتقادم اما اوسلو فانه ساقط حتما بتقدمنا نحو فلسطيننا ودولتنا.