في اللبّن الشرقية.. الميدان للشبان
يامن نوباني
صيحة واحدة من بيت يقع على مدخل قرية اللبن الشرقية، في منتصف الطريق الواصل بين مدينتي نابلس ورام الله، كانت كافية لإيقاظ الحس الوطني للعشرات من شبان القرية، الذين بدأوا التكبير في الحارات والدعوة للتصدي لأكثر من مائة مستوطن، ركنوا مركباتهم على الشارع الرئيسي، وخرجوا في مسيرة هتفوا خلالها 'الموت للعرب'.
أحد عناصر لجان الحراسة الشعبية في القرية قال لـ'وفا'، إن عشرات المستوطنين تجمهروا مساء أمس الاثنين، على المدخل الجنوبي للقرية الرابط بين نابلس ورام الله، في منطقة حيوية بين اللبن الشرقية وسنجل، للحيلولة دون إفلات أي مركبة فلسطينية من اعتداءاتهم، وقاموا بمهاجمة عشرات المركبات المارة.
وأضاف: بعد ساعة ازدادت أعداد المستوطنين وأصبحوا بالمئات، وساروا بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي في مسيرة استفزازية حاولوا خلالها الاعتداء على منازل القرية، لكن بسالة الشبان في التصدي حالت دون وصولهم للمنازل، حيث أشعل عشرات الشبان الإطارات وأغلقوا مداخل القرية بالحجارة وما تيسر من قطع حديدية، ووصلوا الى مكان قريب من مسيرة المستوطنين الاستفزازية، وبدأوا بالتكبير والصراخ على المستوطنين، ما دفع جيش الاحتلال لإطلاق النار وقنابل الغاز والصوت لحماية المستوطنين. دارت مواجهات استمرت ثلاث ساعات، أصيب خلالها 5 مواطنين بالاختناق بالغاز، ومن ضمنهم الطفل الرضيع مؤمن عويس (شهران)، وجرى نقله الى مستشفى ياسر عرفات في مدينة سلفيت.
على ثلاثة محاور تمركزت آليات الاحتلال، فالطبيعة السهلية للقرية، تجعل منافذها متعددة، ومعظمها ترابية، حيث يمنع الاحتلال شق طرق جديدة، لدوافع أمنية، بينما لم يتمكن الأهالي من استخدام المدخل الرئيس طيلة تسع سنوات، حيث أغلق بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية في العام 2000، وأعيد فتحه في العام 2010.
15 آلية عسكرية تولّت حماية هجمة المستوطنين الأخيرة، وأطلقت عشرات القنابل المضيئة لكشف الطريق أمامهم، ومراقبة تحركات شبان اللجان الشعبية، الذين أشعلوا الإطارات بكثافة حول القرية، ما خلق حالة رعب لدى المستوطنين، وأوصل لهم رسالة مفادها: 'إذا اقتربتم فالنار بانتظاركم'.
أكثر من 20 منزلا تقع مباشرة على الشارع الرئيسي، جرى إخلاؤها خلال اقتحام المستوطنين للقرية، خشية أن يقدموا على الاعتداء عليها. ويعيش أصحاب المنازل الواقعة على حدود منطقة التماس، والشارع الرئيسي حياة صعبة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث شهدت القرية اعتداءات عديدة، كان أبرزها إحراق المستوطنين مسجد القرية في أيار 2010، وتكرار إغلاق مدارس القرية الواقعة على الشارع الرئيسي، ومهاجمتها وإخلائها من الطلبة، إضافة إلى حرق المحاصيل الزراعية وقطع أشجار اللوز والزيتون، وحالات دهس عديدة قام بها مستوطنون أسفرت عن إصابة العديد من المواطنين في القرية.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس، إن الجديد في اعتداءات المستوطنين هو أعداد الهائلة، حيث يقومون بأعمال العربدة والاعتداء على بيوت وممتلكات وأرواح المواطنين، ويؤدون طقوسا في الشوارع الرئيسية في الضفة الغربية، إضافة إلى إطلاقهم النار بحجم أكبر مما كان في هجمات سابقة.
يأتي المستوطنون إلى مدخل اللبن الشرقية، من مستوطنات 'عيلي'، و'معاليه ليفونا'، و'شيلو' وعدد من البؤر الاستيطانية القريبة، بقصد أعمال عربدة وخلق حالة قلق ورعب للأهالي، مدججين بالأسلحة ومدفوعين بحماية جيش الاحتلال، بينما لا يملك المواطنون في القرية سوى أجسادهم وحجارتهم، وإيمانهم بحقهم في البقاء.