عبيد الله.. عندما تُغتال الطفولة
عنان شحادة
ما يبعث على الصدمة والحزن اكثر في قصة الفتى عبد الرحمن شادي عبيد الله (13 عاما )، الذي قضى شهيدا برصاص قناصة الاحتلال في بيت لحم، مساء امس، انه كان يقبض بحنو على لعبة المفضلة بين يدية، قبل ان تباغت قلبه رصاصة غادرة.
وحظيت حكاية استشهاد الطفل عبيد الله، ابن الصف التاسع بمدرسة ذكور عايدة، باهتمام واسع من قبل وسائل الاعلام المحلية والدولية، وباهتمام الرئيس محمود عباس، والحكومة الفلسطينية، الى جانب المؤسسات التي تعنى بحقوق الطفل.
'في هذه الأيام الصعبة التي تصعّد فيها حكومة اسرائيل الهجوم الشديد على الشعب الفلسطيني في كل مكان ولا تكتفي بالهجوم بل بالقتل، بقتل طفل عمره 13 عاما بحجة انه يلقي الحجارة' قال الرئيس محمود عباس في مستهل كلمته في اجتماع اللجنة التنفيذية اليوم، بينما قالت حكومة الوفاق الوطني إن الطفل عبد الرحمن شادي عبيد الله، أعدم بدم بارد من قبل جنود الاحتلال، الذين أطلقوا النار عليه من سلاح كاتم للصوت مستخدمين رصاصة من نوع 'توتو'، قطعت الشريان الرئيس المغذي للقلب واخترقت الرئتين ما أدى لحدوث نزيف حاد تسبب بالوفاة.
الحكومة أكدت أن ملف الطفل عبيد الله سيحال إلى الجهات القانونية تمهيدا لضمه مع ملفات أخرى لملاحقة إسرائيل على الصعيد الدولي، خاصة بعد رواية عائلة الشهيد، التي أكدت أن الطفل خرج من أجل اللعب وكان على مقربة من منطقة المواجهات ولم يشكل أي خطر أو تهديد على جنود الاحتلال.
يقول والد الشهيد شادي: 'ابني لم يكن يحمل سلاحا يصوبه نحو جنود الاحتلال بل كل ما كان يملكه لحظة استشهاده لعبته المفضلة التي كان يحرص دوما على اقتنائها وهي عبارة عن اوراق عمله كان قد اشتراها من محل تجاري قريب من المنزل قبل التوجه الى مركز لاجئ'.
' هل حاجيات ابني الشهيد ولعبته كانت تشكل خطورة على حياة جنود الاحتلال ؟'، تساءل والد الشهيد، وأضاف، اما آن الان للمجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بالأطفال التدخل والوقوف عن كثب عما يجري من انتهاك بحق الطفولة.
الا يستحق ابناءنا ان يعيشوا كبقية اطفال العالم؟ ام ان هذا حرام وممنوع عليهم ؟ كفانا الكيل بمكيالين، قال شادى قبل ان يغرق في الدموع وهنهنات البكاء..
والدته لم تتمالك نفسها وهي تستقبل جزء من قلبها لحظة دخوله المنزل محمولا على الأكف، اجهشت بالبكاء والنواح، وبأعلى صوت تحسبت الى الله: 'حسبنا الله ونعم الوكيل وان شاء في جنان رب العالمين، ربنا يمهل ولا يهمل ، الله يرضى عليك يا حبيبي يا قلبي يا نور عيني'.
وكان جثمان الشهيد قد زف عبر موكب حنائزي كبير انطلق من مستشقى بيت جالا، وصولا الى منزله في المخيم ثم الصلاة عليه في جامع المخيم قبل ان يوارى الثرى.
يقول الناشط منذر عميرة، استذكر المواقف البطولية للشهيد عبيد الله ومشاركاته الجسورة في زيارة اهالي المعتقل في سجون الاحتلال ناصر ابو سرور، مؤكدا ان الاحتلال بجريمته هذه، يحاول قتل الروح لدى الأطفال الفلسطينيين وسرقة بهجتهم.
امين سر حركة فتح اقليم بيت لحم ' قال هذه الجريمة النكراء لن تركعنا ولن تثنينا بل ستزيدنا العزم والاصرار نحو تعزيز وحدتنا الوطنية السبيل الوحيد لمواجهة الغطرسة الاحتلالية .
حكومة الاحتلال استبقت محاسبتها على جريمة قتل الطفل عبيد الله، بالإقرار بقتله بالخطأ.
وقال الضابط لصحيفة 'يديعوت أحرنوت'، إن الشهيد عبيد الله أصيب بطلقة نارية بالخطأ، حيث أطلق أفراد وحدة القنص رصاصة تجاه هدف ما، لكن الرصاصة ارتطمت بالأرض وعادت فأصابت الطفل في صدره، ما أدى لاستشهاده.
ورغم إقرار الضابط بارتكاب الجريمة دون أن يشكل عبدالرحمن أي خطر على جنود الاحتلال، إلا أن هذه الرواية تجاهلت حقيقة أن عبدالرحمن أصيب برصاصة من سلاح قناص 'روجر'، المعروفة بأنها شديدة الدقة في إصابة الهدف، وفقا لتقرير طبي فلسطيني، ما يكذب أن قنص عبد الرحمن تم عن طريق الخطأ.