المستوطنون قضاة والجنود جلادون: اعدام بإشارة إصبع في شوارع القدس
زويا المزين - أن تكون مقدسيا هذه الأيام، يعني أن تحمل روحك على كفيك كلما تنطلق من بيتك قاصدا العمل او الطبيب او لأي غرض. يكفي ان يصيح مستوطن مشيرا اليك بكلمة "مخبيل"، اي "مخرب"، لتجد الرصاص ينصب عليك من كل عنصر من عناصر الاحتلال الذين يضعون اصابعهم على الزناد. وبعد اطلاق النار لا يسلم الجسد الشريف من الأذى، بعد ان يراق دمه، فتجد من يركل او يشتم. فادي علون، قتله شرطي بثماني رصاصات وحوله مجموعة مستوطنين تصيح "مخرب اقتله"، الشرطي الذي كان وصل للتو ومن المؤكد انه لم يدرك ما الذي يحدث اطلق صلية من الرصاص فارتقى علون شهيدا.
الشخص الذي صور الفيديو كان صوته واضحا بالعبرية وهو يبدي الاعجاب بقيام الشرطي بقتل "هذا العربي"، وفي الثانية الأخيرة منه يهتف بالعبرية "مافيت لعرفيم.. مافيت لعرفيم".. (الموت للعرب). والجملة الأخيرة قد تكون المفتاح الذي يحرك هؤلاء لقتل الفلسطيني بإشارة إصبع وكلمة "مخرب". يقول الكاتب الاسرائيلي جدعون ليفي "حملة الاعدام دون محاكمة تملأ البلاد، إنها بربرية، وتحظى بالتصفيق من الجمهور والتشجيع من السلطات". يضيف ليفي في مقال بصحيفة "هارتس": أضيفت الآن عملية هي الاسوأ: المجتمع في إسرائيل يفقد احساسه الانساني. لقد كانت هناك فترات سيئة، لكن لم تكن مثل هذه الفترة حيث أن كل من يطعن أو يهدد بالسكين أو المفك أو المقورة يتم قتله حتى بعد أن يرمي سلاحه. أما القاتل فيتحول إلى بطل الأمة. من أراد اعدام المخربين حصل على ما هو أكثر من ذلك: الاعدام بدون محاكمة. قُتل 14 فلسطينيا بهذه الطريقة في الاسبوع الاخير، اغلبيتهم لا يستحقون الموت في دولة قانون. التعطش الغير مسبوق للدماء يريد المزيد فالمزيد.
ويكتب الصحفي احمد عواودة في هارتس ايضا: أنا قلق، بل وخائف، والسبب هو: أنا فلسطيني أسكن في القدس.. رغم كوني سائقا حذرا إلى درجة أن اصدقائي يقولون إنني أسوق مثل الجد – سافرت بشكل يومي في قلب الاحياء الحريدية في القدس حيث يمكن هناك مواجهة طفلة عمرها ست سنوات تدفع عربة رضيع بيدها اليمنى وتمسك اثنين من اخوتها الصغار بيدها اليسرى وتقوم بقطع الشارع. إن حدوث حادث سير في ظروف كهذه هو خطر غير معقول. مثل هجوم متطرفي اليمين الذين يهاجمون الفلسطينيين في المدينة. "سكين، مقوار، مفك" أسلحة يصورها جيش الاحتلال بالقرب من جثامين الشهداء الذين قتلهم، أسلوب جديد أثبت نجاعته امام العالم الغربي واتخذته اسرائيل لتبرير تنفيذ عمليات اعدام وقتل الفلسطينين بدم بارد، بالضبط كما حدث مع الشهيد ثائر أبو غزالة الذي أطلق عليه النار بحجة قيامه بطعن مجندة بمفك واطلاق النار على أربعة إسرائيليين في تل أبيب. "ثائر كان خارج من عمله وقت استراحة الغداء، وقد نسي مفك العمل في جيبه، وعندما رآه أحد جنود الاحتلال اعتقد أنه ينوي القيام بعملية طعن فقام بإطلاق النار عليه فورا." هذا ما قاله احد جيرانه. "بديش اموت.. بديش اموت" هكذا صرخت "فتاة العفولة" اسراء عابد التي وقفت ساكنة وشرطة الاحتلال يحيطونها دون محاولة الاقتراب منها، ومن ثم انطلقت دفعة من الرصاص باتجاهها. وكالعادة زعمت شرطة الاحتلال في بيان ان الشابة هاجمت "حارس الامن" محاولة طعنه بسكين فاطلق النار عليها على الرغم من أن فيديو الفتاة يوضح عدم وجود اي سكين اضافة الى التزامها بالتعليمات الموجهة اليها.
"مخرب رغم انفي
" يضيف عواودة "أخاف أن أتحول يوم ما الى مخرب رغم أنفي، يدهس طفلة في العربة أو يهاجم اسرائيليين بسكين، وأن أكون شهيدا أو مناضل حرية نفذ عملية مستقلة دون الانتماء الى أي تنظيم"، تماما كما حدث مع الشهيد الخطيب. اشاعات تطلقها اسرائيل لتبارك تصفية الفلسطيني وتبرر سبب كل رصاصة اخترقت جسد كل شهيد أو "منفذ عملية الطعن" كما يفضلون تسميته، كل هذه الأوصاف تختلف عندما يتعلق الامر "بالاسرائيلي" فتصبح عملية دهس من قبل مستوطنين لفلسطينيين في "كريات يوفيل" "حادث سير". ليس بالضرورة ان يحمل الفلسطيني سكينا من أجل اتهامه بعملية الطعن، فقط نداء من أحد المستوطنين الذين استفزهم وجود الفلسطيني بسبب او بدون، "عربي..مخرب" بمجرد ان ينطق بهما مستوطن فإن هاتين الكلمتين كافيتين ليمزق الاحتلال جسدك بالرصاص دون محاكمة أو طرح أي اسئلة، في مشهد يكون فيه المستوطنون هم القضاة، وكلمة "مخرب" هي الحكم، وجنود وشرطة الاحتلال هم الجلادون.
رعب في القدس
وكما يبدو يعيش المقدسيون حالة من الرعب، بسبب هذه الأوضاع، وتكتب الصحفية رولين تفكجي على صفحتها على فيسبوك: "انا و كل الي بعرفهم خايفين.. فش حد بحكي معه بقولي رعب... السيارة و القطار والمشي وليل و نهار خايفين اه خايفين.. في القدس رعب عمري ما شهدته!" .