أصل جرائم المستوطنين: نظرة إلى الخلف
شادي جرارعة
عندما نسمع كلمة مثلث برمودا يتبادر مباشرة الى ذهننا ذاك المثلث الذي تبلغ مساحته مليون كم² والذي يقع في المحيط الأطلسي بين برمودا، وبورتوريكو، والمعروف بـ 'مثلث الشيطان'، وهو منطقة جغرافية على شكل مثلث متساوي الأضلاع، نسب إليه هذا الاسم لتعدد حالات الاختفاء التي تم تسجيلها من قبل خفر السواحل في الولايات المتحدة الأميريكية.
بينما هنا في فلسطين يوجد مثلث لا يقل غرابة عن مثلث برمودا العالمي، لكن السبب هنا واضح فتلاشي الارض لها سبب واحد وهم المستوطنون.
مثلث متساوي الاضلاع يحيط بقرية قصره الواقعة الى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس يتمركز على مداخل البلدة الرئيسية .
رحلة الاختفاء بدأت عام 1981 عند وضع أول حجر من مستوطنة مجدليم على مدخل القرية الرئيسي، الأمور هادئة بعض الشيء بالنسبة لهذه المستوطنة.
كانت هي البداية لبدء سرقة الارض واختفائها فكان يجب ان تكون الأمور هادئة.
بدأت الامور بالتصاعد شيئا فشيئا، المواطنون بدأوا برؤية مستوطنة أخرى تقام على الجهة المقابلة لمجدليم.
هنا بدأت ويلات الأهالي فسكان مستوطنة 'احيا ' لا يريدون أي شخص يتواجد على الأرض غيرهم.
بدأت الاعتداءات تظهر بشكل علني، حرق للأشجار، مصادرة للأراضي، قتل للمواشي، اعتداء على المزارعين ورعاة الاغنام .
اكتمال المثلث الاستيطاني، كان بإقامة مستوطنة ' ايش كودش' ليسكنها ست عشرة عائلة فقط، أذاقوا أهالي القرية جميع انواع الويلات لقد كانوا مجموعات إرهابية تقوم باعتداءات منظمة وبشكل دوري.
آخر اعتداء سجل لسكان هذه البؤرة، عندما انقسموا الى ثلاث مجموعات لمهاجمة راعي اغنام كان بالجبل المقابل لهم .
أصبحت الاعتداءات تتكرر من جميع البؤر المحيطة بالقرية من دون سابق إنذار، يخرج بعض المستوطنين يعيثون بالقرية فسادا يشتبكون مع الأهالي بالأيدي وتكون أغلب اعتداءاتهم بحماية من الجيش الاسرائيلي.
بالنسبة للناطق الاعلامي باسم مجلس قروي قصرة عبد العظيم وادي يقول ' كان أبرز موقف من الاعتداءات المتواصلة من المستوطنين هو ذاك الذي حصل في عام 2011 بعد أن اشتبكت مجموعة من المستوطنين مع أهالي البلدة واستشهد في هذه المواجهات ‘عصام بدران ‘ برصاص قوات الاحتلال '.
ويضيف وادي ' بأن هذه الاعتداءات لها جوانب سلبية كثيرة من النواحي الاقتصادية والنفسية على أهالي القرية ، فحرق الأشجار والاعتداء على الثروة الحيوانية يسبب خسائر اقتصاديه لهم ، ولا ننسى التأثير النفسي وبالأخص على أطفال القرية الذين يرون يوميا هذه الاعتداءات والخوف الذي يعيشون بداخله جراء ما يقوم به المستوطنون '.
'حب الأرض لدى أهالي القرية هو الذي يدفع المستوطنين الى غطرستهم والتمادي في اعتدائهم فهم لا يطيقون للحظة أن يروا مزارعا يعمل في أرضه إطلاقا ' يشير وادي .
ويشير مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس إلى أن وجود هذه المستوطنات سبب حالة من التوتر الدائم لدى أهالي القرية وخاصة الأطفال'.
وأضاف 'أن أهالي القرية لم يعد يجرؤون على إنشاء مشاريع تعود عليهم بدخل وربح جيد لحياتهم اليومية وخاصة في الأراضي القريبة من هذه المستوطنات'.
وجود هذه المستوطنات يخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة فما يقوم به المستوطنون لا يولد سوى العنف المتبادل لأن من حق أهالي القرية الدفاع عن أرضهم وممتلكاتهم وأرواحهم.
وتشير آخر الاحصائيات المسجلة لدى مجلس قوري قصرة بأن هناك 84 اعتداء للمستوطنين منذ تاريخ 28-10-2010 لكن هذه الاعتداءات هدأت وتيرتها بعد حادثة القبض على مجموعة مستوطنين في السابع من يناير لعام 2014 لكنها بدأت بالازدياد مع الأحداث الأخيرة التي تشهدها مدينة نابلس.
فمثلث 'برمودا' الاستيطاني على أراضي قصرة يبتلع الأراضي ويخفي المعالم ولكن مع وجود فاعل طليق.