الصورة الجانبية في مواجهة المحتل
- الحارث الحصني
انتشر مؤخرا مشاهد وصور غير مألوفة للمتظاهرين خلال المواجهات الدائرة بين الشبان الفلسطينيين وجنود الاحتلال، منها فيديو لشاب يدبك في ساحة المواجهات وهو يرمي الحجارة، وآخر أتى بكرسي وجلس عليه وسط المواجهات بالقرب بيت لحم، ومنهم من التقط لنفسه صور 'سيلفي' والمواجهات خلفه.
هذه المشاهد والصور عبرت عن رغبة الفلسطينيين بالحياة حتى في ساحات الموت، والتي اعتبرها الكثيرون أنها صورة جانبية وغير مباشرة وغير مألوفة وتحمل الصورة الجانبية في طياتها دلالات كثيرة.
يقول مصور الوكالة الأوروبية في شمال الضفة علاء بدارنة، 'إن هذا النمط من الصور ليس جديدا، وهي مستخدمة منذ سنوات في التصوير الإخباري'. لكنه يعتبر 'الصور الجانبية' لا تقل أهمية عن الصورة الصحفية المباشرة، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال التفاعل الكبير معها في وسائل التواصل الاجتماعي.
ويضيف بدارنة أن الإعلام المحلي يركز على الصورة المباشرة بشكل أكثر منه على الصورة غير المباشرة، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى تسارع الأحداث اليومية، إضافة للمساحة الصغيرة المخصصة للصور الجانبية، الأمر الذي يدفع الصحفيين لنشر الصور الأكثر أهمية.
ويتابع: أما على الصعيد العالمي وتحديدا في الإعلام الغربي، فإن للصورة الجانبية مكانة؛ من خلال نشرها كما هي بكل أريحية واستخدامها إعلاميا بزخم.
ويأمل بدارنة أن يكون للصورة غير المباشرة أهمية وحيزا أكثر في وسائل الإعلام المحلي، إذ تحمل الصورة الجانبية في طياتها دلالات كثيرة، منها أن الشاب الفلسطيني يطلب الحياة من وسط الموت.
ويقول أستاذ الإعلام الالكتروني في جامعة القدس مأمون مطر، 'إن الصورة المنقولة عبر وسائل الإعلام التي يلتقطها مصورون محترفون، لا تختلف عن الصورة الجانبية التي يلتقطها المواطن العادي'.
ويضيف أن الصورة تعبر عن واقع الحال الفلسطيني، وعن رغبة الشباب الفلسطيني بالحياة يمارسها بشكل طبيعي'.
ويشير مطر إلى أن صورا كهذه تكون أحيانا عفوية، تقدم نموذجا مختلفا للفلسطيني الذي لديه حب الحياة، عكس نموذج الإعلام الإسرائيلي الذي يبين للجمهور أن الفلسطيني مندفع نحو الموت.
ويقول نائب جامعة النجاح الوطنية للشؤون الاجتماعية ماهر أبو زنط، 'إن الشاب الفلسطيني الذي يتوجه نحو المواجهات يريد أن يبعث رسالة من خلال هذه الصور بأنه لا يخشى مواجهة الموت. مثل هذه الممارسات من الشبان المنتفضين تكون مستفزة للجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح والذي يسعى لتخويف الفلسطيني وقتله.
ويرى أبو زنط أن الفلسطيني رغم الرصاص والقنابل إلا أنه قادر على قتل نفس الجندي من خلال هذه الممارسات. وكما هو الحال مع جنود الاحتلال فإن المواطن الإسرائيلي ينظر إلى هذه الصور بخوف شديد.
من جانبه، يرى الإعلامي عماد الأصفر، أن الأثر الذي تخلفه الصورة يختلف من شخص لآخر، فما يقرأه الأوروبي في صورة جندي مدجج بالسلاح وهو يهرب من طفل متظاهر، مغاير تماما لما يقرأه العربي المتحمس للقضية الفلسطينية.
ويحسب الأصفر، فإن الصورة غير المألوفة تحمل عدة تفسيرات، فمثلا صورة 'السلفي' وغيرها يمكن أن تدل على مقدار التحدي والجرأة لدى الفلسطيني.
ويرى الأصفر أن هذه الصور قد تبرز سلمية المظاهرات، لكنه يحذر من استخدامها بكثرة لأنها قد تجذب الأنظار بعيدا عن الرسالة الرئيسية وهي أن هذا احتلال، ويجب أن يزول وأن هناك شعب ينتفض لأنه ضحية.