نصل السكين، وزجاجة حارقة وجيل التسعين ، كلمة سر الإنتفاضة
علا أبو حليلو
جعلوا من نصل السكين، أقوى من وقع الصواريخ، وبالزجاجة الحارقة، سجلوّا أقوى الكلمات في سجل التاريخ الكفاحي .
غاب صوتهم لزمن طويل، لكنهم صرخوا معاً ” حان دورنا” ، أُطلق عليهم جيل ” الإنترنت” ، لكن فتيان ” الجينز الساحل ” والشعر المصفف ” بالجل ” جعلوا للسكين هيبتها، وبصوتهم فرضوا منع التجول على قطعان المستوطنين .
فلسطين تستحق …
هي سيدة الأرض، لم تكن يوماً الأرواح والدماء أغلى من ترابها، بهذه العبارة وصفت الفتاة “ر.ك”، وطنها خلال المواجهات في رام الله ، مضيفة أنه ومهما كان
الوضع أثناء المواجهات خطراً ، فإننا نضع حجرنا على كف وفي الكف الاخرى أرواحنا التي لو امتلكنا روحاً اخرى لقدمناها أيضاً فداءَ لفلسطين ، لإنها تستحق !
أما عن الشاب ” ر.ك” ، أحد المشاركين في الهبة الشعبية في رام الله، يؤكد على ما قالته زميلته أثناء المواجهة، أن ” فلسطين “هي الدافع الوحيد لنا، إن القوة في القلب و ليست في الأسلحة التي يتملكونها ، فعلى الرغم من اننا لا نملك ما يتجاوز الألعاب النارية وبضع الزجاجات الحارقة، إلا أن أحقيتنا في الأرض تجعلنا الأقوى .
وبروحِ حماسية تحلت بها أثناء ربط اللثام بواسطة الكوفية، توضح الفتاة “هـ.ر” أن الضغوطات التي أصبحنا نعاني منها ضاعف شعور التمرد والطغيان بداخلنا، متجاوزين أي صعوبة كانت، إيماننا في الوطن جعلنا الأقوى في كل مواجهة نخوضها مع الجنود الجبناء.
الحجر لا يلغي الأنوثة
أم لا تنجب سوى الأبطال.. وسيدة إن وضعت من رحمها طفلاً.. قالت هيا يا ولدي للنزال.. فأنت لم تخلق لتحيى.. انما خلقت لتشقى.. وتموت شهيدا تفجر أعداء الاحتلال .
شهدت الهبّة الشعبية مشاركة واسعة من الفتيات ، وجه الكثير إليهن الانتقاد، لكن الفتاة “ر.ح” من رام الله تقول :” لم أهتم أبداً لما يقال، فالإنتقاد في المجتمع الشرقي متواصل ، بالنسبة لي فلسطين أهم من العادات والتقاليد ، فهي لا تٌهمني ان كانت عائقاً أمام الدفاع عن فلسطين، والمشاركة النسائية في الحروب أمر طبيعي ، فالجيش الإسرائيلي لديه مجندات يحاربن معه، وهو ليس بوطنهم، فلماذا نقف نحن مكتوفات الأيدي ؟”.
لم يتوقف الأمر على مشاركتهن في الضفة الغربية ، فقد شاركت العديد من الفتيات بغزة في المواجهات على حدود قطاع غزة، حيث أكدت ” م. ع” أن هذه الانتقادات لن تفيد وطننا، وإن الحجارة لا تلغي مفهوم الأنوثة ، والحجر مهما كان وزنه ، فإننا نشعر بخفته، خاصة حينما نرى رعب الجندي المختبى خلف خوذته من ذلك الحجر الصغير بيدنا ! .
“بالفكاهة نرهبكم ”
يرسمون ابتساماتهم في شوارع القدس، ينشرون صورهم أثناء تناول القهوة وسط المسجد الأقصى، وغيرهم رقص الدبكة أثناء رميه الحجر بواسطة ” المقليعة” وأخرون يأخذون قسطاً من الراحة بالجلوس على ” كنبة” وسط دخان القنابل الغازية .
يتحلون بروح فكاهية لم نجد لها مثيل، وصفها الشاب ” ر.ك” ، بأنها طرق استفزازية مجدية لجنود المحتل، فيقول : ” نحن نواجهكم بصدورنا العارية وكأننا نلعب ، لنبث لكم أننا لا نخشاكم وانتم مدججين بالأسلحة، يكفي أننا بروحنا الفكاهية أرهبناكم.
نحن اخوة رغم الحواجز
شعبٌ يحُب الإلتحام ، ومليءٌ بالإقدام، فقد نادت الضفة، فهبت غزة تلبي النداء ، صرخت بهذا وكأنها ترغب بأن يسمعها كل العالم ” م.ع” من غزة، تقول بعد أن رأينا الأقصى يُقتحم كلّ يوم، ونساؤنا هناك يعُتدى عليهم، لم نستطع صبراً ، شعرنا أن الضفة تنادي فأسرعنا إلى ناحل عوز لنلبي النداء .
أما في الضفة الغربية ، فقد عارض الشباب هناك ما يفعله اخوتهم بغزة التوجه للحدود والاشتباك مع العدو، معتبرين ذلك بأنه إنتحار، فقد وجهت ” هـ.ر” رسالتها إلى غزة : ” إننا ندرك أن أرواحنا من أجل فلسطين، لكن أرواحكم ودماءكم أغلى بكثير من أن تُهدر قنصاً من جندي مختبئ خلف سواتر رملية لا ترونه انما هو يراكم من وراء منظاره، وتؤيدها بالرأي “ر.ك”، حيث تصف ذلك بالانتحار وهذا ما لا نريده، مضيفة:” يكفي ما قدمتوه لنا وللقدس خلال الحروب الثلاثة، دعونا نكمل دوركم.”