سياسة "الاكروبات " في " وداعا للبكائيات " ! موفق مطر

ان يستقيل من رئاسة مجلس الوزراء بعد 6 سنوات من جلوسه على كرسي الحكومة الأول    مخلفا ديونا عليها  بمقدار الف مليون دولار ، ويأتي بعد حوالي سنتين ونصف من تنحيته ؛ ( وداعا للبكائيات ) الحافلة بفنون الخفة ( الاكروبات ) السياسية  - هذا ان لم نقل الاستخفاف ، هنا يحق لنا الاستنتاج ان للدكتور سلام فياض عينان الأولى : رقمية يرى بها مشروعه الخاص وطموحاته السياسية – هذا حقه -  والاخرى المكحلة بكحل شعبوي تقليدي ، وكلتاهما كان يجب ان تقدم لمركز الدماغ  ( الأميركي الأوروبي ) الذي فرضه كوزير لمالية المنحة الأوروبية ومساعدات البيت ألأبيض الصورة بايجابياتها وسلبياتها ، ليتم اقرار وضعها النهائي  

كأن تكون مائلة او مستوية أو باحدى زواياها على رأس دبوس ، ليتسنى للدماغ المحرك ، اشغال دماغ المتلقي ( الشعب الفلسطيني ) بمصير لقمة عيشه ليومه على الأكثر ، وبمستقبله الشخصي الفردي ، ليطغى على التفكير بمصيره الجمعي الوطني ، وبمستقبله على ارض وطنه  .

 كثيرا ما تحكمنا نوايانا الطيبة ، وايماننا بمبادىء العمل الوطني ، ومفاهيمنا لمعاني الشراكة الوطنية ، في ابداء مواقف وآراء ايجابية  بحق هذا ( المواطن  المسئول ) او ذاك ، وكثيرا ما كنا نرى المواقف المخالفة بمثابة مشاغبة لاضرورة لها ، لكن والحق يقال ان عيون الثقة الوطنية التي نرى بها المسئولية ، لافسحة فيها للدموع  ولا هي موظفة للبكاء ، وانما للرؤية الصحيحة الدقيقة للأمور ، وهذا ماكنا نفعله وفق المعطيات  المادية بين ايدينا وما سنفعله دائما عندما يتبين لنا الخلل والخطأ .

في لقاء مع صحيفة الدستور الاردنية في 9-11-2014 قال فياض :" كنت أدعو لأن نذهب إلى الأمم المتحدة تحت عنوان إنهاء الاحتلال وليس الاعتراف بدولة فلسطين، لدينا 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة اليوم، ولو افترضنا أن 192 منها اعترفت بدولة فلسطين، وإسرائيل لم تعترف بنا، فهذا لا يغير من الوضع شيئا " فدكتور الأرقام والحسابات  يريدنا الذهاب  لانهاء الاحتلال أولا ، قبل اقرار العالم واعترافه ومعرفته بحدود دولة فلسطين التي يجب جلاء الاحتلال الاسرائيلي عن اراضيها كلها ، وكأنه يضع عربة امام حصان ويحثه على السير للأمام ! لذا لانستغرب ان شهادات الثناء والتقدير التي منحت له وللحكومة في سنوات توليه  من منظمات عالمية معنية بتقييم الأوضاع الاقتصادية ، كانت يمثابة الساتر غلى ديون وصلت الى حوالي مليار دولار مازالت السلطة الفلسطينية تعاني من أثقالها المتراكمة !.

يعرف الدكتور فياض وهو الذي تولى رئاسة مجلس الوزراء( الحكومة ) اثر انقلاب حماس الدموي وسيطرتها بالسلاح على السلطة وقطاع غزة ، يعرف اكثر من غير مقومات النظام السياسي الفلسطيني ، ومكامن ركائزه ألأساسية ، لذا لايمكننا قبول رؤية منه تغفل عن منظمة التحرير الفلسطينية  كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ، او (معادلته الخاطئة ) في  تفكيك مهمامها ومسئولياتها التاريخية ، باعتبارها المكون الوحيد والفريد المعبر عن مجموع ارادات الشعب الفلسطيني دون تمييز ايا كان مسماه ، لذا لايمكننا تفهم تماهي الدكتور فياض مع مقولة دفع الاطار القيادي المؤقت ، وازاحة مكانة منظمة التحرير الفلسطينية ، حتى ولو غلف ذلك بتوزيع مهام يتبين لقارئها بعمق ودقة ، انها شكلية في المظهر ، متعارضة في المضمون ، فهو وامتدادا لحديثه مع الدستورقبل حوالي عام  ،  قد كتب في( وداعا للبكائيات ) :" تكليف الإطار القيادي المؤقت باتخاذ قراراته بشأن المسائل المتصلة بالمصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني!!!!! بصورة جماعية لتشكل أساساً للتعبير عنها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، تضمن الفصائل من خارج منظمة التحرير، ودون القبول بالبرنامج السياسي للمنظمة ، شراكة حقيقية في سعي الفلسطينيين لتحقيق طموحاتهم الوطنية ، وفي ذات الوقت تتمكن المنظمة من الحفاظ على برنامجها وتمثيلها لكل الفلسطينيين ، وبطبيعته، فإن هذا التدبير يمثل وضعاً انتقالياً لحين إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني ، أو إلى أن يتم ذلك، لحين التوصل إلى صيغة توافقية بشأن توسيع العضوية في منظمة التحرير وتعديل برنامجها".

 وسؤالنا هنا للدكتور فياض كيف ستعبر منظمة التحرير عن المصالح العليا للشعب الفلسطيني فيما فصائل متمثلة في الاطارالقيادي ، غير متفقة اساسا على برنامج سياسي ، واذا افترضنا حسن النية في هذا الكلام ، فان فياض يختزل هدف الفصائل فقط بالمشاركة في القرارات المتعلقة في الادارة الذاتية للسلطة ، اي تقاسم  المراتب الوظيفية في السلطة  لا اكثر !!! وإلا مامعنى القول حول مسائل المصالح العليا للشعب الفلسطيني دون خضوع الجميع لبرنامج منظمة التحرير ، فالبرنامج غير مقدس ، متطور متجدد ، لكن عندما تأخذ الفصائل التي يقصدها فياض مصالح الشعب الفلسطيني في الحسبان، وتفك ارتباطاتها الخارجية وتؤمن بالقرارالوطني المستقل ، وتنفذه فعليا على ألأرض ،  وعندما تنهي حماس انقلابها على المشروع الوطني ووحدانية تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني ، وتنهي انقلابها الدموي منذ العام 2007 ، وتعلن ولاءها وانتماءها لفلسطين ، حينها ستتمثل قيادات هذه الفصائل في المنظمة ، التي تعبر حتما عن الكل الفلسطيني ولو لم يكن ممثلا باطار تنظيمي اوحزبي او  فصائلي فيها .

اذان هي سباحة شبر مياه ، وبكائية في زمن الصمود ، والصبر الذي اثمر ميلاد دولة ، ستكون في الغد القريب ملهما لانشودة الفرح الوطني ، نتداولها بلغة الجمع ، وليس الضرب او القسمة أوالطرح ، فهذه قد تركناها لذوي الحسابات الخاصة جدا جدا ..وللحديث عن ( وداعا للبكائيات ) بقية .