المنتج الوطني والمنظومة التعليمية.. ثقافة أم استجابة ؟
ضحى سعيد
أثار توقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون المشترك لإبراز دور الصناعة الفلسطينية والمنتج الوطني في بيئة النظام التعليمي، بين وزارة التربية والتعليم ومجلس إدارة الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، شكوكا تتعلق بمدى قدرة مثل هذه الاتفاقية بجعل المنتج الوطني حاضرا ويلعب دورا في التنمية الاقتصادية.
لطالما كان المنتج الوطني الحاضر الغائب في إطار الاستجابة للمرحلة أو ما يسمى بردة الفعل المنسجمة مع الدعوات لمقاطعة الاحتلال اقتصاديا، والتوجه نحو منتجاتنا للإسهام في تطويرها وخلق فرص عمل جديدة، فنجحت هذه الدعوات دوليا وخيبت الآمال في كثير من الأحيان محليا.
بحسب موقعي الاتفاقية، تأتي في سياق التأكيد على دعم المنتج الوطني عبر تعميق الانتماء لدى الطلاب والعاملين في المؤسسات التربوية، وكرد على ممارسات الاحتلال من خلال مقاطعة منتجاته.
رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات الفلسطينية بسام الولويل، قال لــ'وفا' إن هذه الاتفاقية ليست وليدة المرحلة وجرى نقاشها وتطويرها منذ فترة، وهي نابعة من الايمان المطلق بدور التعليم الذي يعتبر منبرا أساسيا في عملية البناء والتطوير وتعزيز الانتماء أمام الاحتلال الذي عمل عبر سنوات احتلاله الطويلة لأرضنا لمحاربتنا ثقافيا وخلق ثقافة غير سليمة تجاه منتجنا الوطني مرتبطة بضعف جودته وعدم قدرته على المنافسة، الأمر غير الدقيق، خاصة واننا استطعنا كمصانع وشركات من تصدير العديد من منتجاتنا للخارج ما يعكس تطورا ملحوظا ومطابقة لكافة المعايير والمواصفات المطلوبة.
وبين الدور الكبير لهذا التعاون لا سيما وأنه يستهدف البيئة التعليمية في الوقت الذي لا تحتوي المناهج المدرسية موادا تعليمية من شأنها التعريف بالمنتج الوطني وتعزيز دوره في الاقتصاد، لخلق جيل منتمٍ يفخر بمنتجاته، لافتا الى أن هذا العمل يتطلب دعم وتطوير وشراكة حقيقية خاصة أن حجم المشكلة ليس بسيطا، فالأفكار والرؤية موجودة لكن بحاجة لعمل حقيقي.
وأشار الولويل الى ان الترجمة على الارض ستتم من خلال العديد من النشاطات كتخصيص حصص مدرسية للتعريف بالمنتج الوطني وأهميته في الناتج القومي، واستقبال الطلاب في المصانع والشركات للتعرف عن قرب على آليات العمل ومراحل تطور المنتج وخروجه بشكله النهائي الذي من شأنه خلق نوع من الفضول والاسئلة والاستفسارات لدى الطلاب، والمعرفة كذلك عبر الإذاعة المدرسية والتواصل مع الأهالي؛ فالعملية تشاركية، إضافة إلى التأكد من أن المنتج الوطني له الأولوية في المدارس والجامعات والمعاهد في المقاصف والمشتريات.
وفي ذات الإطار، أوضح الولويل أنه تم التواصل مع وزارة الاقتصاد الوطني لعمل يوم وطني للصناعة الوطنية؛ يتضمن العديد من اللقاءات والورشات والمؤتمرات التعريفية، مؤكدا ان كل ما تم الاتفاق عليه سيتم تقييمه وقياس مدى الوعي الحاصل للبناء عليه من خلال اللجنة المشتركة التي تم تشكيلها من قبل الطرفيين.
بدورها قالت مدير عام النشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم العالي الهام المحيسن، إن الوزارة منفتحة على المؤسسات المجتمعية والوطنية، لا سيما وأنها تضم أكبر شريحة من الطلبة والموظفين، إضافة إلى مؤسساتها من الجامعات والمعاهد ورياض الأطفال، وبالتالي نحن موجودون في كل منزل ولنا دور كبير في خلق حالة من الوعي والمعرفة في مختلف الاطارات، والعمل على إدخال ثقافة دعم المنتج الوطني في النظام التعليمي تأتي منسجمة مع اهدافنا الوطنية والمصلحة العامة.
ولفتت إلى أن هذا التوجه ليس أول عمل رسمي للوزارة التي كان لها العديد من التجارب السابقة، مشيرة إلى ضرورة مخاطبة الطلاب بوعي عالٍ من قبل التجار، كونهم الأساس في عملية مقاطعة المنتج الاسرائيلي وتعزيز المنتج المحلي، وبالتالي يجب أن يصبح دعم المنتج الوطني سلوك ممنهج للطلبة وذويهم وليس موسميا أو ردة فعل، وأضافت: إن الوزارة ستعمل على تخصيص مساحه كافية لتحقيق هذا الهدف ضمن نشاطات متنوعه عبر الإذاعة المدرسية والحصص الصفية ضمن جو تفاعلي للحديث عن المنتج الوطني، واستضافة أصحاب الشركات والمصانع في مدارسنا وتوجيه رحلات تعليمية الى المصانع كذلك إصدار نشرات ومواد تعليمية وتثقيفية وفنية كالعروض المسرحية لنفس الغرض.
واوضحت المحيسن أنه سيتم عمل مراجعة لمخرجات التعليم المتعلقة بسوق العمل المهني، بمعنى التشجيع على دراسة التخصصات المهنية لتكريس العمل المهني وتغير الصورة المرتبطة باقتصاره على الطلاب ضعيفي التحصيل، مشيرة الى ضرورة توجيه البحث العلمي في الجامعات لدراسة قطاع الصناعة ودوره، وتناول أماكن القوة والضعف بحيث يصبح لدينا مرجعيات يمكن توظيفها والاستفادة منها.
واختتمت، 'المدرسة هي المكان الأول الذي تتشكل فيه السلوكيات وبالتالي يجب عدم الاستخفاف بقدرة ابنائنا ووعيهم'.