الخليل تزف شهداءها
- دعاء زاهدة
لم تنم أعين أمهات شهداء الخليل الخمسة أمس، بعد سماعهن بنبأ إفراج سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عن جثامين أبنائهن وبناتهن، بانتظار احتضان فلذات أكبادهن لآخر مرة.
ليست أمهات الشهداء وذووهم فقط، الآلاف احتشدوا الليلة الماضية، لاستقبال جثامين شهداء الخليل الخمسة: طارق زياد النتشة، وبيان أيمن العسيلي، وبشار نضال الجعبري، ودانية جهاد إرشيد، وحسام إسماعيل الجعبري.
ذوو شهداء المحافظة، الذين ارتقوا منذ بداية الهبة الشعبية، تجمعوا في مكان واحد، ليشدوا أزر بعضهم البعض، فيما احتضنت الأمهات بعضهن، ليتوحد الجميع تحت ظل علم فلسطين، الذي احتضن جثامين أطفالهم الشهداء.
على باب المنزل، وقفت والدة الشهيد طارق النتشة، ملوحة له بيدها في لحظة خروجه الأخيرة، وقفت تحمل صبر الأمهات جميعا، بعد أن احتضنت نجلها وقبلت جبهته الباردة، لتهمس في أذنه 'الله يرضى عليك'.
وتقول الوالدة المكلومة: 'عشنا أياما صعبة سادها التوتر والقلق الشديدان، بسبب تضارب الأنباء حول مصير طارق، فالبعض قال إنه استشهد، وآخرون قالوا إنه مصاب، لكن اليوم أطمأنت نفسي وسكنت روحي، فولدي ارتقى شهيدا'.
والدة الشهيد دانية لم تسعفها كلمات الصبر، فلوعة قلبها على فراق صغيرتها أكبر من ضجيج من حولها، لم تستطع الكلام في لحظة الوداع، ولم تسعفها تهدئة الحاضرات، ليتوقف بها الزمن مرتين، الأولى لحظة خروج الرصاصة من فوهة بندقية الجندي الإسرائيلي لتخطف حلمها بطفلتها، والثانية، لحظة خروج دانية من المنزل للمرة الأخيرة.
والدا الشهيدتين بيان ودانية، يقفان إلى جوار بعضهما في مسجد الحسين، لتلقي التهاني باسترداد جثامين ابنتيهما، يقول أيمن العسيلي والد الشهيدة بيان: 'الحمد لله الذي أكرمنا بشهادة أبنائنا، والحمد لله أننا استطعنا أن نحتضنهم للمرة الأخيرة'.
ويضيف: 'عزاؤنا يكون بملاحقة اليد الجبانة التي اغتالت أطفالنا واعدمتهم بدم بارد، لا بد من تقديمهم إلى العدالة'.
جهاد ارشيد والد الشهيد دانية، يقول: 'دانية ابنة محافظة الخليل، ووصية شهدائنا اليوم أن نتوحد من أجل استعادة باقي الجثامين المحتجزة'.
خرجت الخليل اليوم عن بكرة أبيها لتشارك ذوي الشهداء في عرس أبنائهم، لتُحمل جثامين شهداء المدينة على أكتاف محبيهم وإخوانهم في مراسم تليق بالأبطال.