'كونسويلا' تتظاهر أمام البيت الأبيض منذ 34 عاما تنديدا بالاحتلال الإسرائيلي
- بلال غيث
'الرؤساء يدخلون البيت الأبيض ويغادرون، لكن كنسويلا تبقى موجودة'، هذا قول معروف في العاصمة الأميركية واشنطن بشأن سيدة تجاوزت السبعين من عمرها، وأمضت نحو 34 عاما تعتصم في خيمة صغيرة أمام البيت الأبيض، احتجاجا على الاحتلال الإسرائيلي وعمليات القتل الممنهجة التي ينفذها ضد الفلسطينيين.
كونسويلا التي تعود أصولها إلى أميركا اللاتينية لا تبرح خيمتها إلا لقضاء حاجتها، فيما يتناوب على حراسة الخيمة مجموعة من المتضامنين معها خشية قيام السلطات الأميركية بإزالة الخيمة. نجحت كونسويلا في المحافظة على الخيمة لمدة 34 عاما، وكانت أقامتها قبل إقرار قانون يمنع التظاهر أمام البيت الأبيض في العام 1995 ولم تستطع السلطات الأميركية إزالة هذه الخيمة.
من يزور البيت الأبيض في العاصمة واشنطن أو المنطقة المحيطة به، خاصة من جهة الحديقة الخلفية، يثير اهتمامه أمران بارزان، أولهما جمال البيت وأهميته، والثاني خيمة اعتصام كنسويلا.
وكنسويلا أضحت معلماً مهماً في واشنطن، لا يتردد كل من يتواجد أمام البيت الأبيض في التقاط صورة معها، بعضهم يدفعه الفضول لسؤالها عن سبب مكوثها في هذا المكان، والبعض الآخر يلتقط صورته معها مقابل بنسات قليلة يضعها في علبة أمامها ويمضي .
تعود قصة كونسويلا إلى العام 1981 عندما قررت أن تعتصم أمام البيت الأبيض عندما كان يقيم فيه آنذاك الرئيس الأميركي رونالد ريغان، احتجاجاً على حمام الدم الذي ارتكبه الإسرائيليون بحق الفلسطينيين، وتقول 'إن سكوت العالم على إسرائيل أمر مخز، ولا يجوز الصمت عليه للأبد، وإن المقاومة هي الحل' .
وتؤكد كونسويلا أن قناعتها بدموية إسرائيل تأكدت لها بعد عام تقريباً من نصبها لخيمتها عندما وقعت مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان في 16 أيلول 1982، وأن هذه المجزرة وما قبلها وما بعدها أكدت لها سلامة موقفها وقناعتها بدموية إسرائيل .
وتعرف كونسيلا كل ما يدور في البيت الأبيض، ومن يزوره أو يخرج منه، ولا يخفى عليها بعض تفاصيل ما يدور من لقاءات داخله.
وتسكن السبعينية في خيمة بلاستيكية في الجهة المقابلة لخلفية البيت الأبيض، بداخلها راديو وبعض حاجات المعيشة المتواضعة، إلا أنها مليئة بما يدعم فكرتها عن دموية إسرائيل وبلغات عدة منها العبرية، وفيها أيضاً صور مجازر، وأخرى للناشطة الأميركية راشيل كوري التي سحقتها دبابة إسرائيلية جنوب قطاع غزة عام 2003، عندما حاولت منع هدم منازل الفلسطينيين، بالإضافة إلى حجر تقول إنه من فلسطين طلته بألوان العلم الفلسطيني .
كونسويلا المدافعة العنيدة عن فكرتها، بمعلومات ومتابعة دقيقة لما يخص القضية الفلسطينية، تؤكد أنها لا تغادر خيمتها إلا للضرورة القصوى، وأنها تحظى بحراسة من الطراز الأول من قبل شرطة واشنطن التي تحرس في الوقت نفسه البيت الأبيض .
ويقول الأدلاء السياحيون الذين يتواجدون في المنطقة إن توماس وليم أيضا كان يتظاهر أمام البيت الأبيض قبل كونسويلا، وبقي كذلك حتى فارق الحياة عام 1981، حيث أطلقت كنسويلا اعتصامها.
ويضيف الأدلاء أن السلطات الأميركية تسمح لكنسويلا بمواصلة اعتصامها في خيمتها البلاستيكية أمام البيت الأبيض كرمز لحرية التعبير.
ورغم أنه لم يخرج من البيت الأبيض منذ العام 1981 أي رئيس للحديث مع كونسويلا والاستماع إليها ولسبب اعتصامها، إلا أن الشعب الأميركي وكل الزائرين للبيت الأبيض يقدرون عاليا ما تقوم به هذه العجوز من أجل فلسطين ومن أجل وضع حد لقضايا الظلم في العالم.