الشهيد إسكافي.. زف قبل خطبته بيومين
دعاء زاهدة:
لم تمر ساعات الليلة الماضية سريعاً على والدة الشهيد إبراهيم سمير إبراهيم إسكافي (22 سنة)، فهذه المرة الأولى التي تطلب فيها النوم فيخذلها، تذرف الدموع لعل قلب العين يبرد، فتهب نيران قلبها مشتعلة على فقدان فرحتها وسندها إبراهيم.
نساء العائلة، وجارات الحي اللواتي التفين حول والدة الشهيد إبراهيم وشقيقته الوحيدة، حاولن التخفيف من فاجعة لحظة الوداع الأخيرة.
والدة الشهيد بكت بحرقة فرحتها بخطبة ابنها الأكبر إبراهيم، كان يفترض بأن تكون على موعد مع الفرحة يوم السبت لتكن رصاصات الاحتلال أسرع إليه، فتخطفه من والدته وخطيبته وجميع من أحبوه.
بالزغاريد استقبلت النسوة إبراهيم، أما والدة الشهيد التي لم تقو قدماها على حملها، فتحت ذراعيها لتحتضن ابنها هامسة: 'وصل العريس، وصل الغالي' .
تقول ابنة عم الشهيد، أم جهاد إسكافي: 'يعمل إبراهيم حلاق في عرعرة بالنقب، تناول طعام الغذاء مع عائلته أمس، وخرج من المنزل سعيداً ضاحكاً فهو قد أنهى للتو تجهيز منزله استعداداً لخطوبته، وفي البداية سمعنا عن شهيد، وبدأت والدة إبراهيم تحاول الاتصال به لتطمئن على وصوله إلى عمله، حتى حضر والده إلى المنزل ليخبرنا أن الشهيد هو العزيز إبراهيم.
أشقاء إبراهيم الثلاثة، إضافة إلى شقيقته الوحيدة احتضنوا جثمان إبراهيم لآخر مرة، بكوا من كان سنداً لهم في الحياة، فهو المعيل الوحيد للعائلة، ومصدر بهجتها وفرحتها، تقول شقيقته والحروف ضائعة بين شهقاتها: ' دخول إبراهيم إلى المنزل يعني الفرح لنا جميعاً ، كيف ستكون حياتنا دونك يا إبراهيم!' .
حمل أصدقاء الشهيد ومحبوه جثمانه من منزلة، باتجاه مسجد الحسين ليصلى عليه، ولتودعه الشوارع التي سار بها ابراهيم صاحب الابتسامة العذبة جسده لآخر مرة.
ويعقب عم الشهيد على هذه الأحداث قائلا: ' إبراهيم روى بدمائه أرض خليل الرحمن، وهو شهيد فداء للقدس والأقصى، كان كأخ لنا، ولم يعرفه أحد إلا وأحبه، ويشهد له بخلقه وشهامته، ستكون صعبة علينا أن ننسى الم فراقه، فالحزن على رحيله اقوي من كل الكلام'.
أما والد الشهيد الذي ذرف الدموع الخجولة حسرة على شباب ابنه الذي خطف منه بضغطة على الزناد، اتخذ مكاناً فوق رأسه قبيل الصلاة عليه، ليتلوا هو وأبنائه آيات من القرآن الكريم على رأسه.
ويرد والد الشهيد على رواية الاحتلال بشأن تفاصيل اغتيال إبراهيم: ادعى الجانب الإسرائيلي أن ابني نفذ عملية دهس، والحقيقة أن إبراهيم قُتل بدم بارد، فهذا الاحتلال يريد القتل ولا شيء غيره، فكيف لشاب بدأ الاستعداد لزواجه أن يذهب لينفذ عملية'!.
وكان الجيش الإسرائيلي قد سلم الليلة الماضية جثمان الشهيد إبراهيم إسكافي لطواقم الهلال الأحمر الفلسطيني على معبر ترقوميا غرب الخليل، فيما تواصل سلطات الاحتلال احتجازها لجثامين 11 شهيداً من أبناء محافظة الخليل، وترفض تسليمهم لذويهم لمواراتهم الثرى.