لا تستأذنوا الوفاء لعرفات - موفق مطر
لا تحتاج الجماهير اذنا من سلطات لا شرعية، للتعبير عن موقف أو رأي أو ايمان بقضية، فالجماهير الواعية المنظمة في مثل هذه الحالة هي القانون السائد.
ينطبق هذا الكلام على مليوني فلسطيني في قطاع غزة، حيث تسيطر حماس بقوة سلاح الانقلاب منذ أكثر من 8 سنوات على السلطة هناك، وعليه فان جماهير الشعب الفلسطيني هناك، المؤمنين بهويتهم الوطنية، وبأن رمز وقائد حركة تحررهم الوطنية ورئيسهم المنتخب الشهيد ياسر عرفات، الذي كانت فلسطين نبض قلبه، ونبراس عقله، يستحق تكريما في ذكرى رحيله يليق بسجل كفاحه ونضاله من أجلها.
لا تحتاج الجماهير المعتدة باراداتها لاذن من سلطة انقلبت أصلا على المشروع الوطني لاحياء الذكرى 11 لاستشهاد الثائر على الظلم والخضوع والذل ياسر عرفات، فالجماهير التي تعتبر أبو عمار رمزا ونموذجا ومثالا يحتذى، تعتنق أفكار ورؤى وسلوك هذا القائد كفلسفة عمليانية في الحياة، لا ترفض الانصياع لارعاب مستخدمي الدين وحسب، بل تعمل على اظهارهم أمام مموليهم وأسيادهم الاقليميين كعاجزين عن السيطرة على آماني وآمال ومقدرات هذا الجزء العظيم من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأنهم لا يملكون الحيلة في فرض مشاريع الاخوان المسلمين، وقوى اقليمية، كقدر محتوم، مهما دامت سيطرتهم بقوة السلاح، أما الشق الآخر والمهم جدا من الرسالة التي بامكان جماهير الشعب الفلسطيني في غزة اقناع العالم بها فهو: ان لا انتماء للفلسطينيين في القطاع الا للوطن فلسطين، ولا هوية لهم الا الهوية العربية الفلسطينية، ولا التزام الا ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية ممثلهم الشرعي والوحيد، وبسياسة الرئيس قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية أبو مازن حامل الأمانة الوطنية بعد ياسر عرفات باخلاص وصدق وصبر وحكمة .
قد تتصدى قوات الانقلاب في غزة وتحاول منع الجماهير الراجلة والمحمولة الى مكان مفتوح للمهرجان تحدده قيادة حركة فتح والقوى الوطنية، وقد تستخدم العنف بمستوياته، لكن ما يجب ان ينتصر هو المبدأ بوجهيه أولا: السلمية في احياء الذكرى، لأننا نريد سلاما وسلما وطنيا فلسطينيا لروح القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات، ثانيا: الاصرار على الوفاء للقائد لم يبخل علينا ولو بلحظة من عمره الكفاحي، وانجاز الذكرى الحادية عشرة لاستشهاده، وتحديدا في أيام هبة القدس التي ارتبطت روح الشهيد بأمل تحريرها ورفع علم فلسطين على أسوارها ومآذنها وكنائسها، فاحياء المهرجان ونجاح الجماهير في غزة، فعالية موازية لفعاليات هبة القدس .
قد يطلق مسلحو حماس النار على المواطنين (لا سمح الله) واذا فعلوها في هذا الوقت بالتحديد - فيما شبابنا يعدمون بسلاح جنود جيش دولة الاحتلال – سيكونون كمن ارتضى لنفسه أخذ دور (المستعربين) حتى وان كنا نرى منع احياء الذكرى في مكان عام دور خطير لا يصب الا في صالح الأهداف البعيدة المدى لدولة الاحتلال، التي تفعل المستحيل لمنع الفلسطينيين من اظهار تمسكهم بمقومات شخصيتهم الوطنية وبالوفاء بكل معانية لرموزهم المقدسة، وتجسيد مبدأ الحرية والاستقلال، فدولة الاحتلال معنية، بنفس قدر عناية أصحاب المشروع الاخواني بتبديد أي صورة تعزز الانتماء الوطني الشامل لدى الفلسطينيين، وتبعث فيهم الأمل والقوة والمثابرة على الكفاح ضد المشروع الصهيوني الاحلالي الاستيطاني .
قد نراهن على قدرة وارادة الملايين من شعبنا في غزة لاحياء المهرجان، لكنا لا نستطيع المراهنة على ان حماس ستسمح، أو انها لن تبدأ أو تختم المشهد بعنف دموي (لا سمح الله).. ورغم ذلك فان جماهير الشعب الفلسطيني في غزة لن تستأذن الوفاء لعرفات .