مرارة متجددة يعيشها أبناء قطاع غزة في ذكرى أبو عمار
أسيل الأخرس
11-11-2004 تاريخ فارق في حياة الفلسطينيين، رمزية عالية طويت صفحتها الأخيرة، 11 عاما مرت على رحيل شمس الشهداء أبو عمار، الذي تشتاق له غزة التي أحبها واحبته كما سائر المدن الفلسطينية.
سنوات تحت الاحتلال عاشتها فلسطين، خرج منها آلاف الأبطال الذين رسموا بتضحياتهم قصة شعب كان شمسهم ابو عمار كما أحب أن ينادوه، بالاسم الحركي لمحمد القدوة.
في ذكرى استشهاده، يقول الحاج أبو سلامة من مدينة رفح في المحافظات الجنوبية، إن أبناء فتح ومحبي ابو عمار من أهالي غزة الذين حرموا من رؤية القائد خلال سنوات حصاره، ولم يتمكنوا من المشاركة في تشييعه، لا زالوا يعيشون ألم عدم قدرتهم على إحياء ذكرى القائد بما يليق به وبحبهم له ووفائهم لشخصية تستحق التقدير كرمت في دول العالم المختلفة فيما منعهم أبناء جلدتهم من الوفاء له في ساحات وميادين القطاع.
وأوضح، أن ياسر عرفات يمثل كل ما هو فلسطيني، بعظمته بكوفيته وبزته العسكرية، التي ارتداها وخرج يهتف ليقوي من عزيمة شعبه بينما كان محاصرا، إلا انه عاش بطلا ومات شهيدا كما طلب مرارا .
وأضاف: إن كافة أبناء شعبنا شعروا باليتم بعد استشهاده، وان 11 عاما مرت على استشهاده لم تكن كافية ان تنسيهم إياه ليبقى اسمه الذي ارتبط بكونه القائد، هو ما يعرفه حتى من لم يعاصر وجوده ونضاله، فالأبطال يدخلون التاريخ ليبقوا فيه الى الأبد.
واشار إلى أن أبا عمار كان أبا لكل فلسطيني بعفوية خطابه الذي كان يلامس قلوب الجميع، ويخاطب الكل الفلسطيني ويشعر بالتزام أمام كافة القضايا والمعاناة الفلسطينية.
فيما تقول الحاجة أم أشرف من سكان مخيم الشاطئ في مدينة غزة، 'أبو عمار كان أبونا وأخونا، كان مش زي الرؤساء، كان حنون ويحب الكل'.
واضافت 'ان الجميع كان يحبه ويخشاه ولم ينس أحد من المواطنين “، مشيرة الى ان كلماته التي وجهها للشعب وخطاباته لا تزال تبكيها وتبكي مئات الفلسطينيين.
عضو المجلس الثوري لحركة فتح محمد جودة النحال، يقول ان الكل الفلسطيني وأحرار العالم يفتقدون ياسر عرفات، الرجل الذي كان بحجم ثورة، علّم النضال لحركات التحرر في العالم'.
وأوضح، أن أبا عمار ومنذ وصوله الى قطاع غزة ضمن اتفاق 'غزة اريحا أولا'، خرج آلاف المواطنين لاستقباله، وعمل على بناء المؤسسات المدنية والعسكرية، والتأكيد على الثوابت الوطنية، معتبرا ان المخيمات محطة للعودة الى الأرض.
وأشار الى أنه كان قريبا من المواطنين الذين أحبوه، وكان يقضي يوم العيد وحتى ساعات متأخرة من مساء العيد في استقبال المهنئين، فيما كانت الأسر المستورة تنتظر العيد لمعرفتها بأن الرئيس سوف يعايدهم بالمال..
وأكد أن 8 سنوات منذ عام 1994، لم يبتعد فيها ابو عمار عن فلسطين وغزة التي كانت مقرا للقيادة والمؤسسات الرسمية، حتى منع من العودة الى قطاع غزة في العام 2002 تمهيدا لحصاره في رام الله.
واضاف، ان شعبنا خرج في كافة المحافظات رفضا لحصار الرئيس ولتحذير اسرائيل من المساس به، حتى باغته الإعياء بعد حصاره الطويل، ما دفع القائد المتعلق بشعبه للخروج لوداعهم قبل ان يغادر الى باريس، موصيا عددا من المسؤولين بأبناء الشهداء والأسرى والجرحى.
وتابع، فور إعلان نبأ استشهاده توشحت سماء غزة السواد في جو من الحزن بكى فيه الرجال قبل النساء.
وعن إحياء الذكرى في قطاع غزة لهذا العام، قال 'كان هناك اجتماع ضم فصائل العمل الوطني أصرت فيه حماس على إحياء ذكرى القائد في مكان مغلق الأمر الذي رفضته حركة فتح'.
ويشهد قطاع غزة فعاليات يومية في بعض الأماكن العامة لإحياء الذكرى، فيما تصر حركة فتح على إحياء الذكرى في ساحة الكتيبة أو السرايا الأمر الذي رفضته حماس.
ولفت النحال الى ان 8 سنوات ومنذ سيطرة حماس على غزة تمنع إحياء ذكراه، مؤكدا على أن يوم 11-11 ستشهد غزة خروجا عفويا لكل أبناء شعبنا في الساحات والميادين ورفع أعلام فلسطين وصورة الشهيد، داعيا الأوفياء من حركة حماس للمشاركة في إحياء الذكرى حتى لا يسجلوا في التاريخ الوطني انهم منعوا الذكرى ولم يكونوا جزء منها.
وشهد العام 2007 خروج لأكثر من 800 ألف مواطن من أهالي القطاع في ذكرى القائد أبا عمار، اعتدت عليهم حماس واستشهد 9 مواطنين فيما اصيب العشرات بجروح.
يشار الى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المقر الرئاسي 'المقاطعة' وفرض حصارا دام ثلاث سنوات، ودار قتال عنيف بين الحرس الرئاسي والجيش الإسرائيلي، وأثناء الحصار تدهورت صحة ياسر عرفات كليا ما أدى إلى خروجه من المقاطعة والذهاب إلى فرنسا لتلقي العلاج.
عاش أبو عمار بعيدا عن وطنه، ومات بعيدا في مستشفى بيرسي العسكري الواقع في مدينة كلامار الفرنسية في الضواحي الغربية القريبة من العاصمة باريس، ليستشهد هناك عن عمر يناهز 75، وكتبت آخر سطور حياة الرئيس القائد، لتضمه الأرض التي عشقها 'فلسطين' منتظرا نقل جثمانه كما أوصى الى مدينة القدس التي عادة ما اختتم خطاباته بها 'حتى القدس'.