لم يبق سوى البرتقال والزيتون
- بسام ابو الرب
'أنا الرصاصُ.. البرتقالُ.. الذكرياتُ'، ربما لم يترك شاعر فلسطين الراحل محمود درويش فرصة في أشعاره إلا وتحدث فيها عن برتقال وزيتون فلسطين، وكذلك غسان كنفاني الذي كتب مجموعة قصصية بعنوان 'أرض البرتقال الحزين'، التي كان البرتقال رمزا لكل ملامح الشخصية الفلسطينية.
في مشهد غير بعيد عن زمن وأرض تكالبت عليها أطماع الطغاة، وبالأمس تحديدا، وقفنا قرب بيوت تهدمت جدرانها وهزت التفجيرات أعمدتها التي وقفت تترنح، بعد أن فقدت دفء وحياة ساكنيها بمدينة نابلس، التي شهدت الهجمة الأشرس ضد الجدران.
يوم أمس السبت، فجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منازل عائلات الأسرى كرم المصري، ويحيى الحاج حمد، وسمير كوسا، الذين تتهمهم بمقتل مستوطنين شرق نابلس بداية تشرين الأول الماضي.
ما أن ظهرت خيوط النهار وبعد انسحاب قوات الاحتلال من مسرح جريمته، التي نفذها ضد الجدران، حتى توافدت جموع المواطنين في نابلس إلى المنازل المدمرة، الرجال يتفقدون آثار الدمار، والنسوة وقفن يساندن أصحاب المنازل ويشددن من أزرهم، والأطفال الذي عاشوا ليلة ظلماء أخذوا يتحدثون عن أصوات الانفجارات وكيف هزت المنطقة.
قصة التشريد واللجوء صورها كنفاني من خلال قصصه 'أرض البرتقال الحزين' هي فلسطين، المغتصبة التي اقتلع أهلها وتركوا برتقالهم لأيد غريبة، فيما اختار محمود درويش لديوانه الشعري الأول عنوان: 'أوراق الزيتون'، مستدلان على البرتقال والثمار المقدسة، حيث عشق أهل الجليل البرتقال واعتبروه رمز أرضهم المحتلة.
في منزل الأسير كرم المصري وقرب شارع عمان بمدينة نابلس، ما أن تدخل حتى ترى ثلاثة شقق سكنية، استهدف الاحتلال الشقة الوسطى حتى تطايرت جدرانها ومنها وصلت داخل المنازل المجاورة حسب شهادات البعض، لكن في زاوية هذه المنازل وقفت شجرة برتقال وتحمل ثمارها، لم تسقط منها سوى حبة واحد وبالقرب من جذورها.
كل الدمار وقوة التفجر لم تقتلع شجرة البرتقال بل بقيت واقفة، كما أهالي المنازل المدمرة الذين أكدوا أن كل سياسات إسرائيل وتدميرها للبيوت وتشريد العائلات لن يقف أمام عزيمة وصمودهم في هذه الارض.
فيما تجمع آخرون يحضرون لوجبة الفطور الشعبي، وينثرون القوة والعزيمة في أرجاء المكان.
وفي منزل عائلة الأسير يحيى الحاج حمد، كانت أشجار الزيتون المزروعة على مدخل المنزل، تعاني فقط من انتشار غبار التفجير، وتهتكت بعض أفرعها، لكنها بقيت شاهدة شامخة أمام المنزل.
محافظ نابلس اللواء أكرم الرجوب، قال لـ'وفا' إن سياسات الاحتلال لن تطال من عزيمة وصمود الأهالي وتمسكهم بأرضهم ومنازلهم.
وأضاف أنه بناء على قرارات سابقة من الحكومة الفلسطينية، التي أكدت التزامها بترميم وبناء ما يدمره الاحتلال، ونحن سنقوم بترميم هذه المنازل والمنازل المجاورة المتضررة.
فيما عبرت الجماهير الفلسطينية عن غضبها ورفضها لسياسة هدم المنازل، بخروجها والتصدي لقوات الاحتلال خلال مواجهات اندلعت بالمدينة أدت إلى إصابة عدد من المواطنين.