نكبة مخيم قلنديا... شهداء وتهجير من جديد
أسيل الأخرس
ليلة حالكة مرت على مخيم قلنديا، تكررت فيها جميع أشكال المعاناة التاريخية للفلسطينيين منذ النكبة، من قتل وتشريد وفقدان للأب والزوج والأخ والمأوى.
جنود الاحتلال هجموا بلا هوادة، بقلوب قاسية لا تعرف الرحمة، إطلاق نار بشكل جنوني، قنابل إنارة وصوت ، هدير آليات في كل مكان كسرت هدوء المخيم، جرافات وتفجير وإصابات واختطاف، سقط الشهداء، كل ذلك خلال ساعات محدودة من الفجر، ليجسد الاحتلال معاناة شعبنا المستمرة منذ عقود.
صبا الأميرة تودع ملكها الوداع الأخير
أمام منزل والدها الشهيد احمد ابو العيش 28 عاما، تقف الفتاة صبا خمسة أعوام، وببراءة تقول: 'بابا وعدني انو بس أكبر أصير أميرة'، غير مدركة لما حولها، بالرغم من شعورها العجيب بالاهتمام المتزايد، إلا أن الحداد في المخيم والاضراب الشامل للمحال والمدارس جعلها تشعر بسعادة التحرر من الصف في الروضة غير آبهة بالسبب الذي سيغير حياتها للأبد.
أبو العيش من قرية سريس المهجرة والذي يعمل في تنظيم حركة السير في الشارع الرئيسي لقلنديا، ودع بناته الثلاث صبا'خمسة أعوام'، وسوار 'عاما واحدا'، وسالي 'عامان'، عندما ذهبن للفراش دون معرفة انه الوداع الأخير بعد رصاصة من قناص تركته ملقى ينزف على الأرض حتى الموت.
تقول جارته ووالدة وسام وخليل ومنذر ابو لطيفة المعتقلين في سجون الاحتلال الاسرائيلي الشاهدة على إصابته، أطلقت النار عليه بالقرب من السوق في المخيم، ورأيته ملقى على الأرض ناديت شباب المخيم لمساعدته وإسعافه، ولم أكن أعرف أنه أحمد، كان رأسه مغطى، وكان القناصة يحركون سلاحهم صوب كل من يحاول إسعافه، ومنعت قوات الاحتلال سيارات الاسعاف من نقل أبو العيش.
وأضافت' يا حرقة قلبي عليه، كان صديق أولادي الثلاثة وكان يسأل عني ويلبي كل ما أطلبه منه خاصة بعد ان بقيت وحيدة أنا وابنتي في المنزل بعد اعتقال أبنائي، وكان يوصلني لسيارات الصليب لزيارة أبنائي في المعتقلات'.
أبو العيش الذي أمضى ما يزيد عن 7 سنوات في سجون الاحتلال، كان آخرها حبسا استمر 4 سنوات ونصف، كانت والدته تخاف ان توافيها المنية قبل ان تزوجه، وبالفعل انتظرت اطلاق سراحه وزوجته وبعد أقل من اسبوعين لاقت ربها.
الشهيد مناصرة ترك ينزف حتى الموت
في بيت آخر تتشابه فيه المعاناة، ويغلب الفقدان والحزن على أجواء المخيم، يستدل من يمر من أصوات البكاء والعويل.
تقول والدة الشهيد ليث أسعد مناصرة بصوت متقطع يغلب عليه وجع عمر، 'ربيتك وكنت دايما بدعيلك وأجا الي بيرحمش وقتلك يما' متابعة بعد تنهيدة تشق الصدر 'ما أحلى طولوا ووجهه، لو هدموا الدار وأخدوا الي بدهم إياه بس تركوه، ضيعوا أول فرحتي، بعد ما كبرته من عمري، راح يما'.
ويقول عمه محمد أسعد أصيب بينما كان في منزل العائلة، حينما كان يحاول رؤية المواجهات المندلعة في المخيم وهدم منزل جيرانه، حاولنا نقله بسيارة خاصة بعد اصابته في الكتف ورفض جنود الاحتلال دخول سيارات الاسعاف للمخيم وأوقفنا سيارتنا، وانزلونا جميعا من السيارة وكان على جانب الطريق، لأكثر من نصف ساعة، فتشونا وتأكدوا من هوياتنا، ورفضوا تقديم أية خدمة طبية له، وفور تأكدهم من انه لن ينجو سمحوا لنا بنقله للمستشفى حيث وصل مستشهدا.
منزل الأسير ابو شاهين شاهد من الحجر على جريمة الاحتلال
بيت ابو درويش القريب من بيوت الشهداء خسارة من نوع آخر لأكثر من ثلاث أسر خسروا منزلهم للمرة الثانية، بعد هجرة منازلهم الأصلية في قراهم المهجرة، إلا ان قوات الاحتلال تعيد فصلا من فصول التهجير بعد تفجيرها لمنزل يضم ثلاث عائلات.
تقول زوجة الأسير محمد أبو شاهين المتهم بتنفيذ عملية دير ابزيع، لم تقرر المحكمة بعد عقوبته، إلا ان قوات الاحتلال نفذت بحقنا وحق عائلته عقوبة الهدم، قبل قرار الإدانة بحقه، رفض الاستئناف الذي قدمناه وتم ابلاغنا، بنيتهم هدم منزل من ثلاث طبقات والذي نستأجره من خال زوجي.
وأضافت، وعدد كبير من المنازل المحيطة بمنزل ابو شاهين تضررت بشكل بالغ جراء نسف المنزل.
وكان شهود عيان أفادوا بأن اكثر من 1500 جندي اسرائيلي وقناص انتشروا على أسطح المنازل ونصبوا كمائن قاموا بإطلاق النار على الشبان الذين خرجوا لمنع هدم منزل عائلة أبو شاهين.