البطل نتنياهو ! موفق مطر
استغل بنيامين نتنياهو الذي يرأس حكومة مستوطنين ارهابيين في دولة الاحتلال (اسرائيل)، استغل الهجوم الهمجي الداعشي على باريس، ليسوق نفسه كبطل محارب (للارهاب الاسلاموي) ويروج لاسرائيل الآمنة من هذا الارهاب!، ويعكزه في هذه الدعاية السمجة وزير حربه موشيه يعلون الذي قال ان اسرائيل ردعت (داعش) في سوريا، لذا لا تتجرأ على اسرائيل، وكأن هذا الرجل يظن ان العالم قد نسي ما قاله نتنياهو اثناء زيارته لواشنطن والتقائه بسيد البيت الأبيض باراك اوباما ان اسرائيل على تواصل مع مجموعات من جبهة النصرة، وهي ذاتها التنظيم الذي اعتبره اجتماع فيينا تنظيما ارهابيا.
إذًا، مفاخرة نتنياهو باسرائيل الآمنة من الارهاب أمر بديهي لسببين لا ثالث لهما: الأول ان تكون اجهزة أمن نتنياهو اسرائيل هي المصدر لهذا الداء الى دول المنطقة والعالم، والأمر الآخر ان الشعب الفلسطيني منخرط في حركة تحرر، يخوض كفاحا ونضالا مشروعا في القوانين الدولية، من اجل الحرية والاستقلال، وهو بذلك على النقيض من الهمجيين المجرمين مستخدمي الشعارات الدينية لا لهدف الا لسفك الدماء الانسانية، والى جانب ذلك ان الشعب الفلسطيني هو ذاته ضحية المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني، مشروع فريد من نوعه كان بمثابة الرحم الطبيعي والمصدر الرئيس الحقيقي لكل أشكال الارهاب المعاصرة التي شهدتها الانسانية.
نتنياهو يموج على دماء الأوروبيين، ويصعد على درج العدائية الناشئة في اوروبا ضد المسلمين والعرب منذ الهجوم البربري لتنظيم القاعدة في 11 سبتمبر قبل 14 عاما، ويعمل المستحيل من اجل تكريس (اسرائيل) كدولة ليهود العالم، مخالفا بذلك منطق وقوانين وقواعد الانتماء عند الانسان، ومؤسسا لإرهاصات حرب دينية طالما حلم بها، ليس لاطمئنانه بقدرة اسرائيل على تحملها وحسب، بل لأنها السبيل الأمثل لواد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، ونزع الهوية الوطنية عن الكفاح والنضال الفلسطيني وزج القضية الفلسطينية في اتون مشكلة العالم مع (الارهاب الاسلاموي).
دعوة نتنياهو الفرنسيين اليهود للهجرة الى اسرائيل، لا يمكن تفسيرها الا باعتبارها عدائية اصولية يهودية، لا تقل في حدتها وتطرفها وهمجيتها عن عدائية الجماعات الهمجية الاجرامية الارهابية، المستترة بالرايات الدينية، وتدخلا عميقا في سياسات دول عظمى وكبرى كانت وراء تأسيس وانشاء دولته كفرنسا والولايات المتحدة الأميركية مثلا.
قال نتنياهو الذي يصنف نفسه ودولته ضمن الدول الحضارية: "إسرائيل تقف كتفا الى كتف مع فرنسا في حربها ضد الارهاب الاسلامي المتطرف الذي يجرف الشرق الاوسط واجزاء واسعة من العالم". ويضيف هذا المرائي: "اما بالنسبة لاستعداد العالم الحضاري للتوحد اخيرا ومحاربة هذا الوباء، وهو ما ادعو اليه شخصيا منذ سنوات، فانا اعتقد انه لا يمكن القول يوجد ارهابيون اخيار وارهابيون اشرار. كل الارهابيين اشرار، ويجب التعامل معهم بمقياس واحد" ثم كشف نتنياهو عن عورة نوايا دولته بتهجير يهود فرنسا فقال: "رسالتي هي التصرف حسب توجيهات السلطات هناك.. اعتقد ان كل يهودي، اذا اختار ذلك، يعرف انه يوجد له بيت هنا في اسرائيل، واذا اختار البقاء في فرنسا، فأنا متأكد من انه يفهم بأن حكومة فرنسا تتجند لمحاربة وباء الارهاب عامة، والهجمات ضد اليهود بشكل خاص. اتوقع دعم إسرائيل عندما تحارب الارهاب، كما تدعم إسرائيل فرنسا وكل الدول الأخرى".
لا يمكن لعقلية انتهازية ان تلعب هذا الدور الخطير في تحطيم الدول، والتأثير على سياساتها، فهذا الذي جاءنا من نتنياهو يقدم لنا مؤشرات ومعطيات ان دولة الاحتلال هي المستفيد الأول من هذا الارهاب ان لم تكن الرأس المدبر، فنتنياهو يريد من فرنسا ان تدعمه في محاربة الشعب الفلسطيني، وتتخلى عن مواقفها المتقدمة تجاه حل الدولتين، والقضية الفلسطينية التي اعلنتها في هذا العام، ويسعى لوسم النضال الوطني الفلسطيني بالارهاب للاستفراد بفلسطين. لكن هل يعلم نتنياهو ان الفرنسيين وكل الحضاريين في العالم يمقتون الدعوات لانشاء الكيانات والدول على اسس دينية، وانه بنظرهم احد مؤسسي دولة داعش اليهودية الارهابية الى جانب دولة داعش الاسلاموية؟! قد لا يعلم الآن، لكن عندما تفيء الشعوب والدول الحضارية الى نفسها بمبادئها وأخلاقيتها، سيكتشف نتنياهو كم من بلاء جلب لليهود في العالم.
جواب سريع على نتنياهو جاء من يهودية فرنسية (كريستال حليمي) قالت: "لم يعد هناك أمان في فرنسا مع الارهاب، ولا أمان في اسرائيل مع كل العمليات والحروب. لم يعد هناك أي مكان من اجل العيش الآمن".. فمن تراه يخادع نتنياهو؟!. انه لا يخدع الا نفسه فهو ينحت لنفسه صورة البطل من معاناة اليهود في اوروبا والعالم.