الأسير المحرر الفنان عيسى عبيدو: من وهج عينيه يرسم لوحة الحرية
الوزير قراقع خلال زيارته للاسير المحرر عبيدو
نجيب فراج - في بيته المتواضع في مدينة خليل الرحمن، انتشرت على الجدران لوحاته الفنية المتنوعة بألوانها الزيتية وهي تعيد بناء الرواية الفلسطينية وما انكسر من المكان والزمان، إنها لوحات تخوض حرب الذاكرة ضد مشروع الموت السياسي، تحيي ما احترق ودمّر على يد الاحتلال، فيستعيد التاريخ روحه ويرحل النسيان.
إنه الأسير المحرر الفنان عيسى عبيدو التميمي، 59 عاماً، والذي قضى في سجون الاحتلال 12 عاماً، وأطلق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عام 1985، عضو رابطة الفنانين التشكيليين، واستاذ الفن التشكيلي والخط العربي بمدارس رابطة الخريجين، وقد شارك في العديد من المعارض الفنية على المستويين العربي والدولي، وحصل على جوائز كثيرة تقديراً لابداعاته المتميزة، وقد ورد أسلوبه الفني في الموسوعة العالمية، وفي كتاب الفنان التشكيلي الفلسطيني إسماعيل شموط.
عيسى عبيدو لا زالت ريشته تفيض بما تركه السجن في ذاكرته وجسده من آلامٍ ومعاناة، فيمارس حريته من تلك الزنزانة الضيقة ويشعل فانوسه في ذلك الظلام الدامس، يرتفع بصوت المعذبين والمضطهدين والمقموعين ليأخذوا مكانتهم الإنسانية في الحياة، فيربط التراجيديا الفلسطينية المستمرة بلوحات تشهد على بطولات شعبٍ وصمود أسرى حوّلوا ساحة السجون إلى خنادقٍ ومدارس وأكاديميات، وقدموا البراهين الإنسانية على أنهم بشرً وليسوا أشباح.
وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع الذي زار الأسير الفنان عيسى عبيدو في منزله بصحبة مجموعة من الأسرى المحررين زملائه في السجن، أطلق عليه لقب "أمير النهار" لأن لون السماء وخيوط أشعة الشمس تبرز بشكل واضح في كافة لوحاته، وقد لفت انتباهه لوحة الأسد التي رسمها عبيدو في معتقل بئر السبع عام 1975، ذلك الأسد الذي يقف خلف القضبان، عيناه عينا إنسان ووجهه الغاضب وزئيره الذي اخترق الجدران والصمت، ويظهر الأسد متمرداً على الأسر والقمع الاحتلالي، متكبراً قوياً يرفض العبودية والاحتلال، إنها لوحة لا زالت تسألنا: متى يفتح باب القفص الحديدي ويخرج الأسد إلى فضاء البراري والحرية؟.
يتحدث عيسى عبيدو عن الطاقة المخزونة التي تتفجّر داخل الإنسان الفلسطيني في السجن، عن إبداعات ونتاجات ثقافية وفنية ومواهب رائعة انطلقت من واقع الأسر لتعبّر عن صوت الإنسان الأسير ومعاناته وبطولاته في مراحل مختلفة من حياة الاعتقال، وعن تلك الظروف التي كان الأسير فيها يرسم ويخط مداده على ورق علب المرجرين والسجائر، ويهرّب أعماله بشكل سري خوفاً من الملاحقة والمصادرة.
ويقول عبيدو أنه تمت مصادرة 150 لوحة له على يد سلطات السجون التي كانت تلاحق كل شيء حتى القلم والورقة، وتخشى أن تخرج حكاية الإنسان الفلسطيني الأسير إلى خارج السجن، ولكن الأسرى استطاعوا بنضالاتهم وتضحياتهم أن يفشلوا مخطط الاحتلال وسياسة التجهيل والمحو الثقافي، فأخرجوا إبداعاتهم إلى خارج السجون لتصير لوحات عيسى عبيدو لائحة اتهام ضد المحتلين والجلادين.
الفنان عيسى عبيدو بدأ يفقد ناظريه بسبب آلامٍ شديدة في عينيه ألمت به منذ سنوات، وما يزيد من معاناته خشيته أن لا يرى لوحاته التي خطّها بوجعه ودمه، وأن لا يستطيع أن يمسك ريشته ليكمل لوحة فلسطين المحررة بسمائها وأرضها وبحرها وشعبها وقدسها، تلك اللوحة الحلم الذي لا زال يتحرك في وجدانه ويرتعش بين أصابعه.
تعرّض عيسى عبيدو إلى مادة إشعاعية في عينيه أصابت العصب البصري مما يهدده بفقدان البصر، وقد سافر إلى موسكو في رحلة علاج وهو ما زال بحاجة إلى استكمال علاجه في إحدى مستشفيات موسكو، متمنياً أن لا يحدث لعينيه أي مكروه كونه يعشق النهار ويرفض أن يعود إلى ظلام السجن بعد أن أضاء العتمة بألوانه المشعة.
هذا القلق تجده في تلك القصيدة المحزنة التي كتبها الفنان عيسى عبيدو تحت عنوان "قبل أن تذبل عيوني"، وهي على شكل وصية ومناشدة كي نساعده حتى يكمل لوحته الأخيرة:
فيا من حرموني من بريق عيوني
أتركوني...
أرسم لوحتي الأخيرة
ففنوني جميعها
منقوشة على جدران جفوني
عيسى عبيدو عيناه هما من ترسمان... ترسمان وردة خلف القضبان ليرسم الأمل... وترسمان أسرى مكبلين ليرسم التحدّي... وترسمان خليل الرحمن ليرسم المكان والصمود والغضب... وترسمان الشهداء ليرسم المأساة والبطولة... ويكفي أن يتذكّر الغد ليرسم الطفلة
إنه الأسير المحرر الفنان عيسى عبيدو التميمي، 59 عاماً، والذي قضى في سجون الاحتلال 12 عاماً، وأطلق سراحه في صفقة تبادل الأسرى عام 1985، عضو رابطة الفنانين التشكيليين، واستاذ الفن التشكيلي والخط العربي بمدارس رابطة الخريجين، وقد شارك في العديد من المعارض الفنية على المستويين العربي والدولي، وحصل على جوائز كثيرة تقديراً لابداعاته المتميزة، وقد ورد أسلوبه الفني في الموسوعة العالمية، وفي كتاب الفنان التشكيلي الفلسطيني إسماعيل شموط.
عيسى عبيدو لا زالت ريشته تفيض بما تركه السجن في ذاكرته وجسده من آلامٍ ومعاناة، فيمارس حريته من تلك الزنزانة الضيقة ويشعل فانوسه في ذلك الظلام الدامس، يرتفع بصوت المعذبين والمضطهدين والمقموعين ليأخذوا مكانتهم الإنسانية في الحياة، فيربط التراجيديا الفلسطينية المستمرة بلوحات تشهد على بطولات شعبٍ وصمود أسرى حوّلوا ساحة السجون إلى خنادقٍ ومدارس وأكاديميات، وقدموا البراهين الإنسانية على أنهم بشرً وليسوا أشباح.
وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع الذي زار الأسير الفنان عيسى عبيدو في منزله بصحبة مجموعة من الأسرى المحررين زملائه في السجن، أطلق عليه لقب "أمير النهار" لأن لون السماء وخيوط أشعة الشمس تبرز بشكل واضح في كافة لوحاته، وقد لفت انتباهه لوحة الأسد التي رسمها عبيدو في معتقل بئر السبع عام 1975، ذلك الأسد الذي يقف خلف القضبان، عيناه عينا إنسان ووجهه الغاضب وزئيره الذي اخترق الجدران والصمت، ويظهر الأسد متمرداً على الأسر والقمع الاحتلالي، متكبراً قوياً يرفض العبودية والاحتلال، إنها لوحة لا زالت تسألنا: متى يفتح باب القفص الحديدي ويخرج الأسد إلى فضاء البراري والحرية؟.
يتحدث عيسى عبيدو عن الطاقة المخزونة التي تتفجّر داخل الإنسان الفلسطيني في السجن، عن إبداعات ونتاجات ثقافية وفنية ومواهب رائعة انطلقت من واقع الأسر لتعبّر عن صوت الإنسان الأسير ومعاناته وبطولاته في مراحل مختلفة من حياة الاعتقال، وعن تلك الظروف التي كان الأسير فيها يرسم ويخط مداده على ورق علب المرجرين والسجائر، ويهرّب أعماله بشكل سري خوفاً من الملاحقة والمصادرة.
ويقول عبيدو أنه تمت مصادرة 150 لوحة له على يد سلطات السجون التي كانت تلاحق كل شيء حتى القلم والورقة، وتخشى أن تخرج حكاية الإنسان الفلسطيني الأسير إلى خارج السجن، ولكن الأسرى استطاعوا بنضالاتهم وتضحياتهم أن يفشلوا مخطط الاحتلال وسياسة التجهيل والمحو الثقافي، فأخرجوا إبداعاتهم إلى خارج السجون لتصير لوحات عيسى عبيدو لائحة اتهام ضد المحتلين والجلادين.
الفنان عيسى عبيدو بدأ يفقد ناظريه بسبب آلامٍ شديدة في عينيه ألمت به منذ سنوات، وما يزيد من معاناته خشيته أن لا يرى لوحاته التي خطّها بوجعه ودمه، وأن لا يستطيع أن يمسك ريشته ليكمل لوحة فلسطين المحررة بسمائها وأرضها وبحرها وشعبها وقدسها، تلك اللوحة الحلم الذي لا زال يتحرك في وجدانه ويرتعش بين أصابعه.
تعرّض عيسى عبيدو إلى مادة إشعاعية في عينيه أصابت العصب البصري مما يهدده بفقدان البصر، وقد سافر إلى موسكو في رحلة علاج وهو ما زال بحاجة إلى استكمال علاجه في إحدى مستشفيات موسكو، متمنياً أن لا يحدث لعينيه أي مكروه كونه يعشق النهار ويرفض أن يعود إلى ظلام السجن بعد أن أضاء العتمة بألوانه المشعة.
هذا القلق تجده في تلك القصيدة المحزنة التي كتبها الفنان عيسى عبيدو تحت عنوان "قبل أن تذبل عيوني"، وهي على شكل وصية ومناشدة كي نساعده حتى يكمل لوحته الأخيرة:
فيا من حرموني من بريق عيوني
أتركوني...
أرسم لوحتي الأخيرة
ففنوني جميعها
منقوشة على جدران جفوني
عيسى عبيدو عيناه هما من ترسمان... ترسمان وردة خلف القضبان ليرسم الأمل... وترسمان أسرى مكبلين ليرسم التحدّي... وترسمان خليل الرحمن ليرسم المكان والصمود والغضب... وترسمان الشهداء ليرسم المأساة والبطولة... ويكفي أن يتذكّر الغد ليرسم الطفلة