شادي عرفة.. العريس الشهيد- دعاء زاهدة
أتكفي حسرة الأم وصرخات عيونها المكلومة على أصغر أبنائها لترسم لنا صورة كاملة للحزن! أم قلبها الذي انفطر على عروس ابنها الأرملة التي تحمل في أحشائها جنيناً سيخرج إلى نور الحياة بلا أب في قاموس مفرداته.
هالات سوداء غطت عيون الزوجة، وقفت تستند إلى أيدي قريباتها، ومن حضرن لمشاركتها حزنها برحيل شريك العمر، بالأمس فقط حلما بطفلهما معاً، حضّرا قوائم الأسماء، واختارا الزاوية التي سيتموضع فيها سرير الصغير .. اليوم ستكمل أحلامها وحيدة.
الشهيد شادي زهدي عرفة (26 عاما) من مدينة الخليل، مهندس اتصالات يعمل في بيت لحم، عريس لم يمض على إتمام زفافه إلا بضعة أشهر، له من الأشقاء أربعة وأخت واحدة، تتساءل بدموع عيونها التي لم تجف إن كان شادي فعلاً رحل، أو أنه كابوس ثقيل.
بالأمس كان يجلس إلى جوارها، يحتضنها و يقبل يدها ورأسها، اليوم تقف الأم إلى جانب ابنها، تضع يدها على جبينه البارد، تقرأ على رأسه آيات الحفظ ، تحصنه و تدعو له بالرحمة. مرددة: 'حسبي الله عليهم، أخذوه عريسا مني، وهو لم يرتكب أي ذنب، الله يرضى عليه دنيا وآخرة، حسبي الله ونعم الوكيل'.
بذات اليد التي تستقبله كل يوم على باب المنزل فرحاً به، لوحت زوجة الشهيد للمرة الأخيرة لزوجها، لتحفظ في ذاكرتها آخر صورة له محمولاً على أكتاف أحبابه مفارقاً الدنيا إلى مثواه الأخير.
أصدقاء الشهيد وعائلته وأقربائه الذين فجعوا بخبر استشهاده التفوا حول المنزل، ليحتضن أصدقاء شادي جسده للمرة الأخيرة، هامسين بأحلامهم المعلقة في أذنه.
شقيقه بهاء يقول: 'هذا احتلال وهذه جرائمه بحق الشهداء، شقيقي كان عائداً من عمله بعد أن أدى واجبه، من مدينة بيت لحم إلى الخليل، وصلنا الخبر من أصدقائه ثم راجعنا الارتباط الفلسطيني الذي أخبرنا أنه مصاب برصاصة وحالته خطيره ليعلن نبأ استشهاده لاحقا'.
يضيف: 'ادعى الاحتلال بداية أن شادي قتل برصاص فلسطيني ليعترف لاحقا الإسرائيلي أن شادي قتل برصاصه إسرائيلية 'خطاً'. سنقوم بتتبع الإجراءات القانونية من أجل محاسبتهم ورفع قضيتنا إلى المحاكم الدولية'.
شادي الطالب المتفوق في مدرسته، الأكثر أناقة و بساطة بين رفاقه، القارئ النهم ولاعب الشطرنج الأحذق بين أصدقائه، لم تسعفه حركته الأخيرة بتلافي الخطر الذي داهمه بطرف عين، لتسرع إليه رصاصة إسرائيلية تكتب قدره شهيدا.
خرج الشهيد شادي زهدي عرفة، من منزل العائلة الكبير في ضاحية سنجر إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء بمدينة الخليل، وليجوب موكب جنازته شوارع الخليل من شمالها حتى جنوبها ليودع المدينة التي أحب حتى الملل، بمشاركة أهالي المدينة الوفية لشهدائها المحبين.
وكان الشهيد عرفة قضى مساء أمس برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي في منطقة تجمع مستوطنات 'غوش عتصيون' المقام شمال الخليل. وقد سلمت الليلة الماضية قوات الاحتلال الإسرائيلي جثمانه للارتباط العسكري الفلسطيني لينقل بواسطه سيارات الهلال الأحمر الفلسطيني إلى المستشفى الأهلى في مدينة الخليل، وادعت قوات الاحتلال أنها 'اطلقت النار بالخطأ على الشاب عرفة خلال عملية في المنطقة.
ـــ