مؤتمر في غزة يطالب بتوحيد الجهود للتخفيف من حدة البطالة والفقر في القطاع
طالب ممثلو منظمات اهلية وبلديات ومؤسسات القطاع الخاص وجامعات بضرورة تعزيز الشراكة وصياغة خطة عمل وطنية من أجل التخفيف من حدة البطالة والفقر في قطاع غزة.
وشدد المؤتمرون على ضرورة تكاتف الجهود من أجل حل مشكلة ارتفاع نسبة البطالة والفقر وإعطاء فرص أكبر للخريجين الشباب في عملية التوظيف والعمل على توفير فرص عمل لهم للمساهمة في اعمار وتنمية قطاع غزة.
جاء ذلك خلال المؤتمر الذي نظمته اليوم الثلاثاء، شبكة المنظمات الاهلية بعنوان 'الشراكة من أجل مواجهة البطالة في قطاع غزة'، وذلك ضمن مشروع تعزيز التشبيك بين قطاعات المجتمع المدني بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ايبرت.
وأكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة تعزيز الجهود على مختلف المستويات للضغط على الاحتلال الاسرائيلي من اجل رفع الحصار عن قطاع غزة وتأمين حركة البضائع والسلع في كلا الاتجاهين بدون شروط اي قيود، داعين الدول المانحة الى تخصيص الأموال اللازمة من اجل اعادة الاعمار وتنمية قطاع غزة وتوفير فرص عمل للشباب الفلسطيني بما يعزز فرص الامل لديه بمستقبل افضل.
ودعا المشاركون إلى تصويب الخلل بين مخرجات التعليم وحاجات السوق دعم المشاريع البحثية والطلابية، والعمل على تشجيع الصناعات المحلية والمنتج الوطني ووقف التعامل مع بضائع الاحتلال والانفاق وخلق حوافز للاقتصاد المحلي، والتركيز على المشاريع الاستثمارية والتنموية بدلا من المشاريع الاغاثية.
وفي كلمته قال مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، إن هذا المؤتمر يأتي تعزيزا لأهمية الشراكة بين قطاعات المجتمع المدني الفلسطيني المختلفة من اجل التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا من استمرار للحصار وبطء بالأعمار.
وأشار الشوا الي أن الحصار خلف الكثير من الاثار المدمرة على واقع حياتنا ومستقبل الشعب الفلسطيني، كذلك تداعيات الانقسام في ظل تراكم الازمات المتواصلة في قطاع غزة و فظاعة الاوضاع الانسانية خصوصا البطالة والفقر، مؤكدا أن نسبة البطالة بين صفوف الشباب ارتفعت ووصلت إلى أكثر من (60%) وهي نسبة غير مسبوقة .
وبدوره أكد مدير مؤسسة فريدريش ايبرت أسامة عنتر، أن هذا المؤتمر يأتي في ظل عدم وجود الاستقرار السياسي وعدم وجود عملية الاعمار، وعدم استيعاب الطاقات ولهذا فإن أكثر المشاكل التي تواجه قطاع غزة تتمثل في النسب المرتفعة للبطالة والفقر .
وأوضح ان البطالة المتزايدة عاما بعد عام خاصة بين الشباب وجيل الخريجين الجامعيين ليست مشكلة عادية وانما ازمة تشكل كارثة اقتصادية واجتماعية على حد سواء، مبينا ان نسبة البطالة في قطاع غزة أعلى مستوى في العالم اجمع وما زالت تضرب ارقام قياسية جديدة.
وشدد عنتر على جميع القطاعات الرسمية والاهلية المساهمة في تحقيق رؤية اقتصادية واجتماعية لحل ازمة البطالة لتكون هناك شراكة رسمية وأهلية لمواجهة البطالة بين الخريجين.
وبدوره تحدث وزير العمل مأمون أبو شهلا، في الورقة الاولى من جلسات المؤتمر عن دور وزارة العمل في مواجهة البطالة في قطاع غزة، قائلا: إن مؤتمر 'الشراكة من أجل مواجهة البطالة' هو خطوة نحو إنشاء تشكيل هيئة تنسيقية تستهدف 'تحصيل الشعب الفلسطيني على أمواله من الاحتلال الإسرائيلي حسب برتوكول باريس 'الاقتصادي.
وأكد أن الفقر والبطالة من أهم المعضلات التي أثرت على مخرجات العملية التعليمية وتطوير المهارات لدى الخريجين لعدم توفر سوق العمل المناسب والأجواء الاقتصادية المؤهلة للعمل، منوهاً إلى أن الانسان الفلسطيني ريادي وعندما أتيحت له الفرصة في الجامعات والبلاد الأخرى حقق نجاحات مميزة.
واشار أبو شهلا الى أن نسبة البطالة في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ منتصف عام 2007 تتجاوز نسبة 42% من الذكور، في حين أن وصلت نسبة البطالة لدى الإناث للفئة العمرية ما بين 16-29 إلى 73%.، موضحا أن الوزارة بصدد إنشاء هيئة 'الضمان الاجتماعي' خلال فترة الخمسة شهور المقبلة ضمن مساعيها لتحصيل حقوق العمال الفلسطينيين المحتجزة لدى الكيان الإسرائيلي.
وأوضح ابو شهلا أن لدى العمال مبلغ 31 مليار شيكل حقوق محتجزة لدى الكيان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن 'تحصيلها يتطلب معرفة قانونية كبيرة حول ذلك، وقال: نحاول أن نحشد كل قدرات الوزارات المختلفة لتحقيق ذلك، مشيرا الي أن عدد المسجلين في وزارة العمل أكثر من160 ألف مواطن للعمل ضمن برامج البطالة المختلفة.
وذكر أبو شهلا أن خطوة إنشاء هيئة الضمان الاجتماعي تندرج ضمن مساعي وزارة العمل لإعادة النظر في جميع قوانينها بغرض تكوين بيئة سليمة للعامل الفلسطيني للحصول على حقوقه كاملة، مؤكدا أن الوزارة تبذل الجهود الممكنة للتخفيف من حدة البطالة عبر تعزيز صندوق التشغيل الفلسطيني من خلال التنسيق والتعاون مع المؤسسات المختلفة لتوفير فرص عمل مناسبة.
وقال أبو شهلا إن قطاع غزة شهد خلال السنوات الأخيرة إنفاق مبلغ 95 مليون دولار كمنح ومشاريع تشغيل 'لكنها لم تحد من البطالة المتفشية مضيفا أن 'هناك 700 مليون دولار وصلت صندوق التشغيل الفلسطيني تحت عنوان التشغيل'.
وعلى صعيد العمل في الخارج نبه أبو شهلا إلى أن جواز السفر الفلسطيني للعمل في دول الخليج هو 'غير مرغوب' للدخول لهذه البلاد، مؤكداً على أن الحكومة تبذل مساع كبيرة في هذا الصدد، وقال: إن حكومة التوافق مصرة للتواصل مع الدول حتى تفتح أبوابها امام جوازات السفر الفلسطينية للعمل بها'.
من جانبه تحدث الناطق الإعلامي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين 'الاونروا' عدنان أبو حسنة، حول دور وكالة الغوث في مواجهة البطالة في قطاع غزة، قائلا إن ارقام البطالة في قطاع غزة مقلقة جدا والتوقعات الاقتصادية مزعجة نظرا لعدم قدرة الاسواق القائمة في قطاع غزة على توفير فرص عمل مما ترك شريحة واسعة من السكان ولا سيما الشباب في حالة من اليأس .
ولفت أبو حسنة إلى أن هناك مليون مواطن في غزة يستلمون مساعدات من الأونروا، وأن 'هناك 231 ألف طالب مسجل لدينا يريدون الحصول على فرصة عمل، منهم 56 ألف من حملة شهادات البكالوريوس و30 ألف من الدبلوم و265 ألف من حملة الماجستير، و15224 توجيهي و128.810 عمال عاطلين عن العمل، إضافة إلى العشرات من حملة شهادات الدكتوراة'.
وأكد ابو حسنه ان الأونروا تمكنت من تشغيل 39826 من العاطلين عن العمل، ولكن ضمن برامج بطالة مؤقتة تستمر لثلاثة أو أربعة شهور وبالحد الأكثر عام واحد فقط، مشيرا الى ان قطاع غزة يشهد إنهيارا غير مسبوق للوضع الاقتصادي جراء استمرار الحصار.
وذكر أبو حسنة أن السبب الرئيسي في تأخر التنمية الحقيقية في القطاع وتفشي البطالة هو الحصار الإسرائيلي، مشدداً على ضرورة وضع رؤية حقيقية يشارك فيها الجميع لتعزيز العمل وتقليص البطالة، مشيرا الي ان سكان القطاع يعاني من سوء الخدمات العامة والاساسية وتدني جودتها مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي ويحصل نحو 80% من السكان على شكل من اشكال الاعانة الاجتماعية ولا يزال 40% منهم يقبعون تحت خط الفقر.
وذكر ابو حسنة أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، كانت قد أعلنت منتصف الشهر الماضي في بيان صحفي، أنها حصلت على تعهد من 22 دولة، بالتبرع بـنحو '100 مليون دولار'، لدعم موازنتها المالية، وعانت وكالة الأونروا، قبل نحو شهرين، من أزمة مالية، هي الأشد منذ تأسيسها، وهددت بتأخر بدء العام الدراسي للطلبة المندرجين في سجلات مدارس الوكالة، بإجمالي عجز بلغ نحو 101 مليون دولار.
كما اعتبر أبو حسنة أن الانقسام الفلسطيني الداخلي 'مدمر وحرم قطاع غزة من التنمية'، منوها إلى أن أكثر ما يصدم أن أغلبية القطاع البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة محصورين في منطقة مساحتها 360 كيلو متر مربع وهم غير قادرين على التحرك أبعد من هذه المنطقة دون تصاريح، مؤكدا أن القطاع بحاجة الي تنمية حقيقية مستدامة، مع وجوب أن يتركز الجهد الدولي والإقليمي والدولي لرفع الحصار'.
ونوه أبو حسنة أن الوضع في قطاع غزة يقترب من كارثة حقيقية بحلول عام 2020 بعد تأكيد العديد من الخبراء لدى الامم المتحدة، قائلا: إن الأونروا أطلعت جميع دول العالم بما فيهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على المخاطر الكارثية المحدقة في قطاع غزة إن استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
وتحدث في الورقة الثالثة عضو الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية سامي النفار، عن دور القطاع الخاص في مواجهة البطالة في قطاع غزة، موضحا ان القطاع الصناعي الفلسطيني يضم 14 ألف شركة مسجلة في قطاع غزة والضفة الغربية، منها 100 شركة فقط توظف أكثر من 100 موظف وعامل.
وفي الجلسة الثانية الذي ترأستها حنين وشاح من اتحاد لجان العمل الصحي فقد استعرض د. عوني أبو سمعان من جامعة الأزهر – غزة دور الجامعات الفلسطينية في مواجهة البطالة في قطاع غزة، قائلا ان مشكلة البطالة هي مشكلة ثلاثية الابعاد، حيث تشترك فيها كل من الوزارة والقطاع الخاص والجامعات والمجتمع المدني، وبالتالي اي خلل في عمل اي بعد من هذه الابعاد الثلاثة يؤدي الي تفاقم مشكلة البطالة ولا يمكن للجامعات ان تساهم في حل مشكلة البطالة دون تنسيق مشترك ورؤية واضحة نحو تحديد الاحتياجات الوطنية.
كما تخلل المؤتمر العديد من المداخلات من قبل رؤساء بلديات ومنظمات أهلية.