من ركام الحديدية.. حياة متجددة
الحارث الحصني
الضربة التي لا تقتلنا تزيدنا قوة، بهذه الجملة اختصر عبد الرحيم بشارات، صورة التحدي والصمود في منطقة الحديدية في الأغوار الشمالية شرق مدينة طوباس، بعد حملة الهدم التي طالت مساكن ومنشآت المواطنين في الفترة الأخيرة.
بشارات يقول إنه يسكن في الحديدية قبل العام 1967، غير أن وجوده في هذه البقعة التي يقيم عليها خيام سكنه، كان منذ عام 2011، ومسجلة في الطابو، ورغم ذلك هدمت قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية بركسات ومنشآت تعود لعائلته، إضافة لتجريف طريق ترابي .
ويتابع ' إن الاحتلال يتعمد بداية فصل الشتاء هدم المساكن التي تأوينا، ليبقينا في العراء والبرد القارص، وهذه سياسة لتنال من عزيمتنا وكسر إرادتنا وترحيلنا عن أرضنا'. يضيف بشارات، ويتابع: 'الاحتلال ضيق الخناق علينا ليس فقط بهدم المنشآت والبركسات، بل عمل أيضا على مصادرة السيارة الوحيدة التي كانت تنقل المياه من مصادرها'، مشيرا إلى أن الحديدية لا يوجد فيها مصدر مياه خاص فيها ما صعب الأمر على السكان هناك.
عدة منشآت تعود ملكيتها لعبد الرحيم بشارات، هدمت أربع مرات منذ السادس والعشرين من الشهر الماضي لغاية اليوم.
منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة، يشير الى ان منطقة الحديدية تعد واحدة من أحد عشر تجمعا سكانيا في الأغوار الشمالية، تعاني من اعتداءات الاحتلال المتكررة بحق سكانها، تحت ذرائع كثيرة منها عدم الترخيص، واعلانها مناطق عسكرية مغلقة ومناطق إطلاق نار.
ويؤكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف، أن الاحتلال يمارس التطهير العرقي والتمييز العنصري في المنطقة، ويسعى من خلال هذه السياسة إلى تهجير المواطنين وإسكان المستوطنين على أرضه، لافتا أن الحكومة الفلسطينية تعمل على توفير الدعم المادي والقانوني في إعادة بناء ما هدمه الاحتلال لتعزيز صمود المواطنين في المنطقة.
ويعتبر عساف أن بقاء الفلسطيني في أرضه رغم الاعتداءات المتكررة هو مقاومة للاحتلال، و يقول: إن قوات الاحتلال باشرت بتجريف الطريق الترابية في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وبعدها بيوم هدمت قوات الاحتلال البيوت والبركسات بالرغم من وجود أمر احترازي حتى نهاية العام الجاري.
الحديدية التي تحاصرها ثلاث مستوطنات، ويتخذها الاحتلال كمنطقة تدريب، يجعلها مستهدفة بشكل متكرر، كما يقول نائب محافظ محافظة طوباس، أحمد الأسعد.
متنقلا بين ركام المساكن المهدمة.. طالب بشارات بتوفير حافلة لنقل ركاب الحديدية، حيث أن هناك حافلة لنقل طلاب المدارس فقط، على حد قوله.
الهدم ليس الطريقة الوحيدة التي يتبعها الاحتلال للنيل من المواطن الفلسطيني في منطقة الحديدية، و بحسب روايات أطفال المنطقة 'أنهم يتعرضون لإهانات وشتائم بشكل متكرر'.
وكان عبد الرحيم بشارات قد حذر أولاده من الرد على استفزازات جنود الاحتلال لهم .
محمد وغازي عبد الرحيم، شقيقان يرعيان الأغنام في المنطقة تعرضا لاعتداءات الاحتلال والاحتجاز مرات عديدة.
منطقة الحديدية التي يتعدى عدد سكانها 85 مواطنا حسب آخر الإحصاءات لدى محافظة طوباس، تعرضت في الفترة الأخيرة لهدم منشآت ومصادرة مضخات مياه، وكما يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، يوجد في الأغوار الشمالية 318 إخطارا بالهدم، وتسعى الحكومة الفلسطينية والجهات المسؤولة لتوفير غطاء قانوني من شأنه تعزيز صمود المواطنين فيها.