ديوان الموظفين.. رجال دولة - موفق مطر
بعد انتهاء الدورة 19 للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في تشرين الثاني من العام 1988 حيث تم اعلان وثيقة الاستقلال، وقيام دولة فلسطين، حضر القائد الشهيد صلاح خلف ابو اياد الى صنعاء واجتمع مع كوادر حركة فتح في منزل السفير حينها جمال عرفات رحمه الله.. وبعد ان تحدث عن فلسفة الاعلان واهدافه السياسية، وعمن كتبه وشارك بصياغته، والبرنامج السياسي القادم لمنظمة التحرير توجهت بسؤال للقائد صاحب كتاب (فلسطيني بلا هوية) فقلت : هذا يعني ان قيام دولة فلسطين بات قريبا، فهل اعدت المنظمة وحركة فتح رجال دولة للدولة القادمة ؟، فكان جوابه رحمه الله : " اعتقد ان السؤال سابق لأوانه ". اليوم وبعد 27 سنة على هذا اللقاء، اتضح لي ان القائد ابو اياد كان مدركا لعقبات وصعوبات قيام الدولة حسب البرنامج الزمني الذي كان مأمولا.. حتى اننا منذ تأسيس السلطة الوطنية بحكومتها ووزاراتها ومؤسساتها، كنا نلاحظ مدى اسبقية الهيكل والشكل على المضمون. اما اليوم وبعد استماعنا صباح الأمس الى كلمة رئيس ديوان الموظفين العام في افتتاح المؤتمر الثاني لتطوير الخدمة المدنية في فلسطين من منظور المهنية، الشراكة والتميز، وحضورنا بعض جلسات المؤتمر والاطلاع على الاستنتاجات من الوزير موسى ابو زيد نستطيع الاطمئنان بأن احد اهم اركان الدولة الاستراتيجية اقيم على أسس علمية ومنهجية، نباهي بها الدول المستقلة منذ عقود. كلمة الوزير ابو زيد كانت مفعمة بالسياسة لكنها كانت مجردة من المفاهيم المتحجرة المتخلفة التي اثقلت اسماعنا في مؤتمرات وندوات وورشات عمل سابقة، حتى اننا مللنا سماع ذات الاسطوانة من المصطلحات الحارقة الخارقة. لم أتفاجأ بكلام رئيس ديوان الموظفين ولا بالاشادة من د. ناصر القحطاني مدير المنظمة العربية للتنمية الادارية، وكذلك د. رائد بن شمس رئيس شبكة المينابار المدير العام لمعهد الادارة العامة (بيبا) ولا حتى بالتقدير الذي ابداه رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله لانجازات ديوان الموظفين العام الفلسطيني، لأن هذا الرجل (ابو زيد) الذي يقود المجموعة الرائعة من منظمين للخدمات وليس مقدمين لها كما وصفهم في كلمته، ومن صانعين للسياسات كما وصفهم رئيس الوزراء، يستحق بالفعل لقب (رجل دولة) كغيره من قيادات تعرفنا عليها عن قرب وكنا نصغي لمداخلاتهم في الاطر الحركية والوطنية العامة، حيث لمسنا ولامسنا قواعدها الاستراتيجية ومنهجيتهم العلمية، وسعة معارفهم وعلومهم في تخصصاتهم وتنوع ثقافتهم المساندة. كانت الطمأنينة، ونحن نلمس انجازات ديوان الموظفين العام في الخدمة المدنية، وارتفاع اعمدة واركان قانون الخدمة المدنية المعدل، الذي ما كان له ان يصل الى مجلس الوزراء ليعرض عليه اليوم كما وعد الدكتور الحمد الله، الا بعد جهود من العمل التكافلي التعاون والتشاور، المؤسس على منهجية علمية. كذلك الى متانة هذا الركن الأساس في دولتنا القادمة لأنه قائم على جدول تشغيلات الوظائف وفق الاحتياج الفعلي، ما يعني القطيعة التامة مع مفهوم الوساطة، واخذ مؤسسات الدولة ووزاراتها كجمعيات خيرية !! وقد لاحظنا تشديد الوزير ابو زيد على هذه النقطة، التي تعني ايضا التوظيف على اساس التنافس الكامل، والوظيفة لمن يستحق حسب الاحتياج الفعلي المرتكز ايضا على اسس ومبادئ صاغها المختصون في الديوان بجدول خاص بات ناجزا.. وقد لفت انتباهنا تأكيد ابو زيد حلول فلسطين في مرتبة متقدمة عربيا وعالميا حسب دراسات وابحاث خاصة. المستقبل يعني بنظر رجل الدولة استمرار دوران دولاب عمل المؤسسات المدفوع بقوة القدرات والخبرات والعقول الفردية الابداعية والكفاءات الجمعية.. لا مكان فيه لعقلية الفرد السلطوية. المستقبل نراه ونشيده بالتفكير العلمي الاستراتيجي، وادارة القدرات الوطنية وتوظيفها من اجل رفع مكانة الدولة (فلسطين)، التي شهد لتوفر عقولها الدكتور بن شمس عندما قال :" البحث العلمي يضع فلسطين على خارطة العالم في موضوع الادارة العامة والخدمة المدنية " واكد على شراكة استراتيجية الدكتور القحطاني. المستقبل عقول ومناهج ارادات، والدولة الفلسطينية الحرة المستقلة ذات السيادة اسس لها رجال قضوا شهداء، ومنهم من يبني بابداعات العقل الانساني وانجازاته للأجيال القادمة اركانها القانونية حتى يطمئنوا، ويزاحموا الدول والأمم والشعوب المكانة تحت الشمس.