'قضاء المدارس' يحاكم منتجات الاحتلال
علاء حنتش
'حكمت المحكمة حضوريا على المتهم (!!) بشراء بضائع الاحتلال، ونظرا لجهله بما يترتب عليه من إضرار بمصلحة الوطن واقتصاده، بالخدمة المجتمعية في هيئة شؤون الاسرى، وتجمع أسر الشهداء لمدة ستة أشهر.. رفعت الجلسة'.
وما أن نطقت القاضية 'التلميذة' حلا ابو مشرف بالحكم، حتى دوى التصفيق الحار وسط إشادات بالقرار.
الحضور من ممثلي المؤسسات الرسمية والأهلية وأولياء أمور وطلبة، ممن حضروا المشهد التمثيلي لطالبات مدرسة سميحة خليل في البيرة، ربما اطلقوا العنان لأمنياتهم بأن يتحقق قرار المحكمة الصورية الى واقع.. واقع يصبح في شراء منتجات الاحتلال 'جنحة' أو ربما جريمة مخالفة للعرف الوطني تستوجب العقاب والسجن.
'أتفاجأ في بعض الاحيان أن احد المنتجات التي ابتاعها هي منتجات الاحتلال، فأقوم فورا بإرجاعها لدرجة أنني وصلت لحالة اشمئزاز من كل منتج اسرائيلي'، تؤكد الطالبة في الصف العاشر رسل ابو عابد، وتقول: 'لدينا بدائل محلية، وبدلا من أن نقوي اقتصاد دولة الاحتلال الإسرائيلي حيث يذهب جزء منه لعتاد جيش الاحتلال من بنادق ورصاص وحتى طائرات حربية تقتلنا وتقتل اطفالنا الأبرياء، يجب أن نقوي وندعم منتجاتنا الفلسطينية، بما يساهم في تطوير مصانعنا وتوفير فرص عمل لعمالنا'.
مدير تربية محافظة رام الله والبيرة ايوب عليان اشار الى أن وزارة التربية والتعليم تولي هذا الموضوع أهمية كبيرة، من خلال التعميم على المدارس بعدم بيع منتجات الاحتلال في المقاصف المدرسية، بالإضافة الى العمل الارشادي والتوعوي للطلبة في المدارس وتخصيص انشطة لذلك، وتبيان مضار هذه المنتجات على صحتهم، كون التقارير تتحدث عن احتوائها على مواد غير صحية ونسبة كبيرة منها منتهية الصلاحية، وكيف يؤثر ذلك على الاقتصاد الوطني الفلسطيني.
النائب مصطفى البرغوثي اعتبر من جهته ان طلبة المدارس يشكلون داعما اساسيا لحملة مقاطعة منتجات الاحتلال، وكان لهم دور حقيقي، وانه اذا تم اقناعهم بثقافة مقاطعة منتجات الاحتلال فسيكون لهم دور كبير في الرقابة الشعبية على مستوى بيوتهم ومجتمعهم والمحلات التجارية التي يتسوقون منها. كما انهم سيصلون الى قناعة بأن المقاطعة توفر لهم مستقبلا وعملا لائقا في المصانع الفلسطينية بعد تخرجهم.
ويتقاطع الناطق الاعلامي باسم اقليم فتح في رام الله والبيرة حسين حمايل، مع ما قاله البرغوثي بأن طلبة المدارس لاعب فاعل وحيوي في حملة مقاطعة منجات الاحتلال، وأنهم ساهموا خلال الفترة الماضية بشكل فاعل في الانشطة التي تم تنظيمها، لافتا إلى أن طلبة المدارس الذي يزيد عددهم على مليون ومئتي الف طالب يشكلون نسبة كبيرة من المجموع الفلسطيني، وأن التركيز عليهم ليكون موضوع المقاطعة ثقافة بالنسبة لهم وستكون له نتائج ايجابية في المستقبل.
وأشار حمايل إلى ضرورة مواصلة النشاطات التي تنفذها المؤسسات ووزارة التربية في هذا الخصوص، لأن الطلبة لديهم افكار ابداعية في الترويج لحملة المقاطعة وممارستها على الارض.
رئيس حمعية المستهلك الفلسطيني في محافظة رام الله والبيرة صلاح هنية شدد على اهمية الاستثمار في الطلبة في حملة المقاطعة، وقال: 'لذلك نظمت الجمعية منذ بداية العام الدراسي 17 لقاء توعويا في مدارس المحافظة وخارجها، وقمنا بتوزيع نشرات توعوية على مستوى الطلبة للحديث عن قصص نجاح في الصناعة الفلسطينية لندلل على اهمية الدعم للمنتجات الفلسطينية، والطلبة قادرون على صياغة السؤال ويتوقعون اجابة محددة واضحة لا تكرر الحديث عن ابعاد وطنية بل ابعادا اقتصادية اجتماعية'.
وأضاف، كان واضحا من خلال اللقاءات مع الطلبة ان هناك نوعا من اهتزاز الثقة بالمنتجات الفلسطينية، وهناك قناعة أن معايير الجودة تتجسد في المنتجات الإسرائيلية ومن بلغها يبلغ الجودة فقط، وهناك حديث في وعي الطلبة من بيئتهم المعاشة عن الحد الادنى للاجور ومدى التزام الشركات به.
وتابع نحن كجمعية حماية مستهلك وضمن مبادرتنا (اني اخترتك يا وطني) اكثر تخصصا في التعاطي مع المدارس والجامعات والكليات، وكان التقييم للقاءات يشير الى إحداث هزات في وعي الطلبة.
باختصار، إن المشهد التمثيلي الذي قدمته طالبات مدرسة سميحة خليل في البيرة، رغم بساطته، حمل معاني ورسائل تحتاج الى الدعم والمساندة وتسخير كل الجهود للخلاص من الاحتلال ومنتجاته.