عائلة الحلبي: شجرة الميلاد تضيء ظلمة الاحتلال
عنان شحادة
على مقربة من المدخل الشمالي لبيت لحم حيث جدار الضم والتوسع العنصري، وقريبا من المكعبات الاسمنتية التي وضعتها قوات الاحتلال، حرصت عائلة الحلبي الاحتفال بإضاءة شجرة الميلاد على طريقتها الخاصة، كتحد للاحتلال ولإجراءاته التعسفية.
بدأ إلياس الحلبي (31 عاما) بتجهيز شجرة عيد الميلاد المجيد قرب المكعبات الإسمنتية الثلاثة التي وضعتها قوات الاحتلال قرب مدخل منزلهم الواقع في أول شارع المهد الموصل الى الكنيسة.
يقول الحلبي 'بيتنا منذ بداية هبة القدس تعرض إلى إطلاق قنابل الغاز والصوت بصورة متكررة، وهناك العشرات من مخلفاتها على الشرفات وفي محيط البيت كشاهد على انتهاكات الاحتلال. حرصنا أن نحتفظ بها حتى نظهر لكل زائر وحاج وسائح إلى مدينة المهد أن شعبنا لن تنال منه كل المنغصات الاحتلالية، وأن رده على ذلك بالتأكيد على احتفاله بأعياده ومناسباته'.
وأضاف 'حرصنا ان نرسل رسالة لكل العالم والمحتفلين بالأعياد أننا ننشد الأمل والسلام والأمن، على عكس المحتل الهادف لتضييق الحال على سكان بيت لحم والمنطقة الشمالية للمدينة التي تشهد المواجهات، وتنغيص الأجواء العامة مع العد التنازلي للاحتفال بعيد الميلاد المجيد'.
كانت المنطقة الشمالية لمدينة بيت لحم (محيط مسجد بلال بن رباح) الأكثر حيوية والبوابة الرئيسية التي تربط التوأم الروحي والديني بيت لحم والقدس، وهي المسار الحقيقي لموكب للبطاركة، لكن الاحتلال سلخها من خلال الجدار العنصري ونصب الحواجز العسكرية .
وهذه المنطقة شاهد حي على بطش الاحتلال وإجراءاته التعسفية، وهي مسرح للمواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، حيث تعرض العديد من المنازل فيها إلى إطلاق قنابل الغاز والصوت بداخلها، فخلفت إصابات عدة.
وكشفت رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون، عن مشروع مقدم من الحكومة الإيطالية لترميم مدخل بيت لحم الشمالي، بقيمة 500 ألف يورو، تبدأ من البوابة الحديدية وصولإالى دوار أبو ايلي، ويشمل أرصفة وتعبيد طرق، على أن يتم تجهيز المجاري والمياه والكهرباء حتى مستشفى الكاريتاس .
عائلة الحلبي التي ترى في احتفالات أعياد الميلاد مناسبات وطنية تجمع أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، كانت على موعد مع مناسبة هامة وهي إعلان خطوبة ابنها إلياس على وقع إضاءة شجرة الميلاد في الخامس من الشهر الجاري وسط ساحة المهد .
يقول إلياس إنه اعتلى سطح بناية مركز السلام التي تتوسط الكنيسة وجامع عمر بن الخطاب قبالة شجرة الميلاد وسط ساحة المهد، هو وخطيبته، وعلى العد التنازلي لإضاءة الشجرة، قام الأب عيسى ثلجية بإجراء الطقوس الخاصة بذلك أمام الآلاف من الحضور.
وأضاف 'إن الاوضاع التي تشهدها المنطقة الشمالية جراء إطلاق الرصاص وقنابل الغاز والصوت، أجبرته على تأجيل مراسم الخطوبة مرات عدة حتى جاءت لديه فكرة الاحتفال بها تزامنا مع إضاءة الشجرة، للتأكيد على رسالة أنهم يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا.
يقول إلياس إنه كشاب فلسطيني، يطمح للعيش بأمن وسلام، وهذا ما ينشده كل الفلسطينيين على هذه الأرض المقدسة، مشيرا إلى أن الفرح بحد ذاته مقاومة للمحتل، الذي لن يستطيع أن يسلب منا البهجة والفرحة.
وقال كاهن رعية الروم الأرثوذكس في كنيسة المهد ببيت لحم الأب عيسى ثلجية 'ما قام بهم الشاب الحلبي كان مضمونه رسالة كبيرة من خلال تقديم حبه لشريكة حياته بطريقة خاصة، وهذا العمل يعبر عن البدء بحياة سعيدة، وكذلك رسالة بأن لدينا الأمل والتفاؤل والرجاء والبسمة، رغم منغصات الاحتلال بحق مدينة السلام، بيت لحم'.
وأشار إلى أنه أراد من هذا المناسبة نشر السلام من بيت لحم لكل العالم، وأن الحياة يجب أن تستمر، وكل شهيد يسقط يقدم الحياة للآخرين، كذلك تخفيف التكاليف في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة .