هي فلسطين يا نصرالله - حسن سليم
حق يراد به باطل، ما اقدم عليه الامين العام لحزب الله، حسن نصر الله، عندما وشح خارطة فلسطين بعلم طهران، خلفية لخطابه. ويبدو ان نصر الله قد وقع في خطأ التفسير، عندما اعتقد ان التكبير الذي كان يسمعه اثناء قصفه لتل ابيب، وكأنه بمثابة اعتناق لفكر حزبه ومذهبه، او بمثابة رخصة او وكالة له ليتصرف كحاكم للمنطقة، يوزع الشهادات، ويكرم الاحياء وفق ما يشاء، حتى كان جنون العظمة ان يوشح خارطة فلسطين بعلم طهران، وفي ذلك تعبير عما يختزن وعيه من توجهات او اعتقاد بامكانية تغليف المنطقة، ومنها فلسطين بالوشاح الفارسي. يعلم نصرالله ان فلسطين عربية، ولم تكن يوما جزءا من المساحة الفارسية، ولا تحت حكمها، ولا بولاية الفقيه، ولا ينسجم مشروعها وفكرها مع الطهرنة المرادة، وما يمكن ان تحقق من تشيع، او ان تشهد ساحاتها ثقافة اللطم التي يمارسها انصاره. امس الاول قضى سمير القنطار، وسواء قضى بقصف اسرائيلي، او بتفجير سوري داخلي، فان ما يخصنا كفلسطينيين، هي تلك الفترة التي تقاسمنا فيها وحدة الهدف، والتي دفع من اجلها سمير قنطارا من المعاناة استمرت لما يقارب ثلاثة عقود من عمره، ونحن الواقعون تحت الاحتلال، وهمنا الخلاص منه، لسنا بصدد الدخول في متاهة التفسير والتأويل، فقد كان الموقف الفلسطيني الرسمي منذ بداية الربيع العربي، ان فلسطين مع خيارات الشعوب، ايا كانت، لكن ان تضمن وحدة الاراضي العربية، ووقف نزيف الدم، ووضع حد لمعاناة الضحايا والمشردين، وحفظ كراماتهم. ان الموقف الفلسطيني العاقل من قضايا الشعوب العربية، بعدم التدخل في شؤونها الداخلية انما يستوجب موقفا مقابلا من الجميع، بذات القدر من الاحترام، لا ان يصل الحد ببعض المهووسين الى امكانية الاعتقاد بالمس بمقدسات الآخر، وثوابته الوطنية، بغطاء العداء مع اسرائيل، فليس اغلى علينا من الهوية الوطنية التي لم يستطع الاحتلال على مدار سبعة عقود من النيل منها. اننا كفلسطينيين نحب ونقدر كل من وقف الى جانبنا، ونستذكره له دائما مواقفه، ولهذا كانت بيوت العزاء لسمير القنطار في فلسطين، رغم انه ليس فلسطينيا، ونعلم انه لبناني، وبانه درزي وليس سنيا، لكن فلسطين وشعبها لم تبن المواقف ابدا من القضايا وفقا لجنسية او دين او مذهب، وهذا ما يميزها، ولكن بالمقابل وحتى تكون الامور في نصابها، فان الفلسطيني لا يقبل ابدا ان يكون في جيب احد، كورقة للمتاجرة، او ان تكون دماؤه سلعة للمزايده. نحب لبنان، دائما، ولن نشفى منها، ونبكي سوريا، لانها وجعنا الدائم، ولكننا نقدس فلسطين، لانها فلسطيننا يا نصرالله، ولم تكن، ولن تكون غير ذلك.