في أعياد الميلاد دمعة وشمعة- حسن سليم
ليست المرة الاولى التي يحتفل فيها الفلسطينيون، مسلمون ومسيحيون بأعيادهم، وتكون ظروفهم صعبة، في ظل الاحتلال البغيض الذي يعكر صفو حياتهم، وينغص عليهم عيشهم، وسعيه ان يتحقق مراده بجعل هذه المساحة المقدسة ضيقة على ساكنيها واصحابها الاصليين، ويدفعهم للرحيل عنها.
لكن المعادلة التي يبدو ان الاحتلال لم يفهمها، والاشارة التي يطلقها اصحاب الارض المقدسة كل عام، دون ان يلتقطها هذا الغريب، بان الدمعة الساخنة التي نذرفها لم تكن ابدا مانعا امام اضاءة شمعة للبشارة، بقرب رحيل الغريب، وان طال بقاؤه.
في فلسطين يتفق الكل باختلاف دياناته ومشاربه الفكرية، على حرية الاعتقاد، والتسامح والمحبة التي تشكل قوانين الحياة في فلسطين، كانت ولا زالت صمام الامان، والدرع الحامي امام محاولات الاحتلال بث الفرقة، وتخريب النسيج المجتمعي الذي ضرب اروع الامثلة في التعايش، دون ان يكون الدين او المذهب معيارا للتمييز، بل معلوم ان السؤال عن الديانه لدى اهل الارض المقدسة، اصبح من المحرمات، وسؤال مشين لسائله، وهذا ما استدعى مأسسته من قبل الحكومة، بالغاء بند الديانة من الهوية الشخصية.
ان المطلوب فلسطينيا وداخليا، لابقاء الصراع مع الاحتلال فقط، هو استمرار صيانة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين، وابقاؤها علاقة راسخة قائمة على المواطنة والتسامح والتنوع والعيش المشترك، ولتبقى نموذجا يحتذى للشعوب ولأبناء الأديان في العالم بأسره.
بالطبع هذه الحالة من التآخي والتسامح لا تعجب اسرائيل، فهي الساعية دون ملل لتعزيز التمييز بين الفلسطينيين وتقسيمهم وفقا للديانة، وتارة وفقاً للمذهب، ولطالما لعبت على تأجيج الطائفية، لكن الفشل كان دائما صديق محاولاتها، التي لم تتوقف، و سرعان ما تعيد الكرة.
أما من يسأل عن السلام في فلسطين، متى يتحقق وكيف، فقد اجاب على تساؤلهم الراحل العظيم الجنرال (ديجول) في ندوة عقدها في قصر الاليزيه بباريس في تشرين الأول عام ، بأن السلام لن يتحقق إلا بردع اسرائيل وانسحابها من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب 1967، وبمنح الشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير.
ورغم عدم تحقق رؤية ديغول، الا ان الفلسطينيين في كل عام، وهو يحيون اعياد الميلاد، النبوي الشريف، والميلاد المجيد، لم يتوقفوا عن اضاءة شموع الامل، ابتهاجا باقتراب تحققه، فيما الدمعة ما زالت سخية.
Hasan.media@yahoo.com