الخليل تصالح برد الشتاء وتخيب ظن الاحتلال في تشييع شهداءها !
فشل الاحتلال في رهانه على برودة الطقس بعدم المشاركة الجماهيرية الواسعة في تشييع جثامين شهداء محافظة الخليل الـ17، اليوم، والذين سلمهم عصر أمس بعد مماطلة وتسويف واشتراطات، منذ اندلاع الهبة الجماهيرية قبل أكثر من شهرين وعبر الأيام المتعاقبة، حيث ارتقوا، مشترطاً بدفنهم ليلاً وبدون مراسم ومشاركة جماهيرية. لكن الآلاف ممن شاركوا في موكب تشييع جثامين الشهداء، خيبوا ظن الاحتلال، وخرجوا غير مكترثين بالأحوال الجوية شديدة البرودة، لتسجل الخليل من جديد يوماً تاريخياً في أضخم الجنازات التي تزف فيها شهداءها، ومنها الجنازة المهيبة المماثلة التي خرجت قبل أكثر من شهر في تشييع شهداء المدينة الخمسة. ولم تحل الأمطار المتساقطة والبرودة الشديدة، دون مشاركة هؤلاء الآلاف في جنازة الـ 14 شهيداً من مدينة الخليل وحدها، والثلاثة الآخرين من بلدات بيت أمر وبيت اولا وسعير، حيث شهدت جنازات بالمئات، مصرين على تحديهم للاحتلال في إكرام شهدائهم وعلى الطريقة التي تليق بهم. وأجبر إصرارُ ذوي الشهداء على تسلم جثامين أبنائهم ودفنهم دون شروط وقيود، والخروج بجنازات مهيبة تليق بتضحياتهم وحجم فراقهم، الاحتلالَ على الرضوخ لمطالب الأهالي، ومُنيت أهدافه بالفشل، حيث استقبلت محافظة الخليل، برجالها وشيوخها وأطفالها ونسائها، مساء أمس الأول، الجثامين، رغم الطقس البارد والأمطار الغزيرة، وجرت لهم وسط هذه المشاركة العارمة مراسم عسكرية وجماهيرية في أكثر المناطق ارتفاعاً وبرودة بالمدينة، حيث يربض المستشفى الأهلي، فوق تلة جبلية الى الغرب من المدينة. وانطلق موكب التشييع، في مدينة الخليل، من مسجد الحسين بن علي، بعد أداء صلاة الجنازة على الـ 14 شهيداً، وسط هتافات الغضب والتنديد بسياسة الاحتلال المتواصلة في الاعدام الميداني، ومواصلة القتل والابادة والاعتقال والتنكيل بعموم شعبنا، موجهين رسالة للاحتلال بأنه لا تقف أمام توقه للحرية والاصرار عليها، أية عوائق او اشتراطات، وأن إرادة شعبنا الفلسطيني لا يكسره عنف المحتل. وهذا يتفق مع ما ذهب إليه ذوو الشهداء الذين عبروا عن فخرهم بتسلم جثامين أبنائهم الذين وصفوهم بالابطال في مواجهة قوة الاحتلال الغاصب، دون شروط وقيود، وتشييعهم وسط النهار، وذهب ظنه بعدم خروج الالاف لتوديع أبناء المحافظة في ظل البرد، أدراج الرياح. وامتلأ مسجد الحسين بالمصلين، واضطر المئات لتادية الصلاة داخل استاد الحسين المجاور للمسجد، قبل أن يرددوا عبارات التكبير والتهليل التي هزت شوارع المدينة، حيث الجنازة، وصولاً إلى مقبرة الشهداء في حارة الشيخ. كما أدى المشيعون في كل من بيت أمر وسعير وبيت أولا، صلاة الجنازة على شهدائهم، وتم الخروج بموكب جماهيرية عارمة نحو مواراة الجثامين الثرى. وكانت عائلات الشهداء استقبلت أبناءها الشهداء، في منازلهم، في ساعات ما قبل الظهيرة، لالقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، قبل ان يجري تشييعهم في الجنازة الموحدة والضخمة. وشهدت مدينة الخليل، وعدد من بلداتها، أمس، اضرابا شاملاً، عم مختلف مرافق الحياة فيها، حداداً على أرواح الشهداء الـ17. وأوصدت المحال التجارية أبوابها احتراماً لأرواح الشهداء. وقال أحد المحال التجارية الذي تواجد أمام محله في منطقة باب الزاوية، حيث مركز الخليل التجاري: "هذا الاغلاق أقل الواجب أمام تضحيات هؤلاء الشهداء.. واحترام كرامتهم". والشهداء الـ 17 هم: ايهاب مسودي وعبدالرحمن مسودي وهمام السعيد ومهدي المحتسب وفاروق سدر وباسل سدر ومالك الشريف ومصطفى فنون وطاهر فنون واسلام عبيدو وفضل القواسمي وسعد الاطرش وشادي القدسي وعزالدين ابوشخيدم، من مدينة الخليل. وفادي الفروخ من سعير، وعمر الزعاقيق من بيت أمر، وحمزة العملة من بيت اولا. وكان هؤلاء الشهداء، وغيرهم ممن ارتقوا خلال الهبة الجارية، ارتقوا في عمليات اعدامات ميدانية عند الحواجز ونقاط التفتيش والإهانه وفي مناطق متفرقة داخل المدينة ومحيطها، بعد تركهم ينزفون على الأرض دون تقديم اسعافات أولية كانت من الممكن أن تبقيهم على قيد الحياة. وأكد رئيس نيابة الخليل، أشرف مشعل، أن عمليات التشريح التي أجريت على جثامين الشهداء أثبتت نتائجها أنهم ارتقوا بعد تعرضها للنزف، ما يدلل على جرائم إعدامهم الميداني بتركهم على الأرض ينزفون حتى استشهدوا. وعقب مراسم التشييع، اندلعت مواجهات مع جنود الاحتلال عند خطوط التماس، حيث اصيب العشرات من الشبان بالجروح والرضوض والاختناق، خلال تلك المواجهات التي اندلعت في منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل، وعلى مدخل بلدة بيت امر.