إلى الذين دبكوا في بيرزيت.. بهجتكم مِلحُنا- رحمة حجة
لا أستطيع عدّ المرّات التي شاهدت فيها الفيديو القصير الذي وصلني كأنه طوق النجاة، عبر صفحة جامعة بيرزيت، يتمايل به الشبان كأغصان الزيتون تحت مطر خفيف، والشابات كما شال حرير مطرز حين يتهادى لريح، أيضًا خفيفة.
رقيقون كظلال العشاق في شوارع المدينة التي لا تحاصر أحدًا بدعوى "الفُحش".. قريبون إلى القلب كضحكة طفل يطلّ رأسه من أعلى كتفي والده في طريق، ثم لا يتردد بمد أصابعه الصغيرة لتمسكه وتأمل لو تطول هذه اللمسة كأن روحًا خلابة تسير بين الكفين..
إلى الطلبة الذين لا أستطيع وصفهم بالمحترفين، لكنهم زينّوا يومي ورسموا البسمة على وجه صديقتي التي تكتب منذ زمن عن وجع الفقد، وأضافوا نضارة لوجه صديقة أخرى تعبت من رصد الموت والدم في شاشات الأخبار، وجعلوا صديقة تكتب بعد غياب عن الفيسبوك "جامعة الشهداء والفرح معًا" وتعلي من صوت سعادتها، بينما قال زميلٌ لي حين رأى اللوّيح لأنه متحيز قليلا لدبكة أبناء قريته "شكلو من الشمال" وابتسم.. إليكم أقول: ظلّوا كذلك.
إلى الصبيتين المحجبتين، قبل سبعة أعوام تمامًا فكرتُ أن أتعلّم الدبكة، ثم تراجعت، لأنني فكرت أكثر من اللازم ولم أطلق سراح يديّ وقدميّ وقلبي لهذا العشق الذي يرسم أيضًا ملامح الوطن، ويحاول أعداؤنا سرقته، تمامًا كما يسرقون منّا كلّ شيء، ويحاول نظراؤهم من إخواننا نهبَه أيضًا، ولكن بمنعه.
إلى الصبيتين المحجبتين: شكرًا لأنكما لم تفكرّا أكثر من اللازم ولم تستسلما لكل من قال ويقول وربما سيقول بعد الآن، أنه لا يجوز.
إلى الصبيتين اللتين ترقص الموسيقى في شَعرهما وتميلان بجذعيهما ثم تبتسمان إذ تتأخر إحداهما عن العودة للصف حين يلتقطون جميعهم أكف بعضهم دون النظر إليها، بل إلى الأمام، بهذه الثقة الممنوحة للأمام.
إلى الصبية ذات القميص الأسود والأبيض والأخرى بالكوفية الحمراء: إنها الحرية فاغتنماها.
إلى الشبّان الذين لم تزعجهم "جاكيتاتهم" الثقيلة، أهنئكم، لأن من يحب، يفعل ما يحب، في أي ظرف كان، وأينما كان، ورغم أي شيء كان، بنفس الطريقة، في ما لو توفر كل ما لم يكن الآن.
وأخيرًا إلى "اللوّيح".. لاح قلبي معك، وشعرت وزنك ريشة لشدة ما كنتَ رهيفًا مع قسوة هذه الأرض، ومتوازنًا بين قدميك وساعديك دون أن تتعثر حركة أحدهما بالآخر.. نعم كنتَ نجمًا، أو بالأحرى كنتَ النجم.