السكري.. "بعبع" الأسرة - الأونروا: 33 ألف مصاب بالسكري بين اللاجئين بالضفة الغربية
وفا- رشا حرزالله
لم يكن الشاب محمد قراقع (22 عاما) من بلدة بيت جالا في بيت لحم، يعلم أنه سيحرم طيلة حياته من تناول مختلف الحلويات والسكاكر، بعد أن باغته مرض السكري في ربيعه الثاني عشر، ليكون بذلك حملا ثقيلا استقبله محمد قسرا حتى أصبح أمرا واقعا لا مفر منه.
كان صعبا على قراقع في بداية الأمر تقبل فكرة إصابته بهذا المرض، فقال: "أصبت بمرض السكري قبل حوالي عشر سنوات، رفضت في البداية التعايش مع المرض ولم تكن لدي الرغبة في الالتزام بالعلاج، حيث كنت أتناول بين الفينة والأخرى كمية وافية من الحلويات، ونتيجة التعب النفسي والجسدي خسرت ما يقارب 20 كيلوغرام من وزني خلال أسبوعين".
وأضاف:" كان لدى والدتي وعي كاف عن مرض السكري، كانت تجبرني على تناول الدواء، وأخذ الحقن في موعدها، وترتيب مواعيد تناول الوجبات الغذائية وممارسة الرياضة، بالإضافة إلى حضور ورشات العمل والندوات الخاصة بمرض السكري، إلا أن أصبحت معتادا جدا على فكرة أنني مريض بالسكري".
ولكن الأمر يبدو مختلفا لدى الشابة رغدة سند (24 عاما) من قرية أرطاس في بيت لحم التي أصيبت بالسكري في العاشرة من عمرها، لم تكن تدرك ما معنى أن تكون مريضة بالسكري إلا عندما كبرت.
قالت سند: "على الرغم من تعايشي مع المرض، إلا أنني داخليا لا أتقبل فكرة أنني مريضة بالسكري، أكثر ما يوجعني هو نظرة المجتمع لمريض السكري خاصة الفتيات".
وأضافت: "أثرت إصابتي بالمرض على سير حياتي ومستقبلي، فكثيرا ما يتقدم شبان لخطبتي إلا أنهم سرعان ما يرفضون الزواج بي بعد علمهم بإصابتي بالسكري".
ويصادف الرابع عشر من تشرين الثاني من كل عام اليوم العالمي لمرضى السكري الذي بات يطلق عليه مجتمعيا "بعبع" الأسرة.
وحول متابعة وزارة الصحة لمرضى السكري، قال وزير الصحة فتحي أبو مغلي لـ"وفا":" لدى الوزارة خطة إستراتيجية وطنية للعناية بالأمراض المزمنة وخاصة السكري، بعد وضعها خطة تنفيذية لبناء المركز الوطني للأمراض المزمنة وهو يعتبر الأول من نوعه في الشرق الأوسط، حيث يقدم خدمات وقائية من خلال إرسال نشرات دورية لوسائل الإعلام، وإجراء فحوصات للمواطنين".
وعن معدل الإصابة بمرض السكري في فلسطين، أوضح أن نسبة حدوث مرض السكري وصلت إلى ما يقارب 14%، وهي نسبة متوسطة وضمن المتوسط الموجودة في الإقليم.
وقال: "لا يوجد ميزانية لمرض السكري، فوزارة الصحة تخصص ما نسبته 20% للتعامل مع الأمراض المزمنة، والذي يعتبر السكري أهمها".
وأوضح أبو مغلي أن الوزارة بصدد تنفيذ مجموعة من الفعاليات والأنشطة للتعريف بالمرض، بمناسبة اليوم العالمي لمرض السكري كذلك سيتم عمل مؤتمر مركزي، وورشات عمل للأطباء، وسيكون هناك أيام محددة لإجراء فحوصات دورية للمواطنين بالتنسيق مع مديريات الصحة.
وشدد على أهمية التوعية بطرق علاج مرض السكري، وذلك من خلال ممارسة الرياضة والابتعاد عن تناول الحلويات والدهنيات بكثرة، ومراقبة مستوى السكر بالدم وقال: "إذا لم يتم التعامل مع مرض السكري بشكل جيد فإنه سيؤدي إلى مضاعفات قد تصل إلى فقدان البصر وبتر أحد الأطراف".
وتحاول الجمعيات والمراكز المتخصصة في العناية بمرضى السكري، نشر الوعي والثقيف الصحي ليس بين المرضى وحسب إنما بين المواطنين أجمع، وهذا ما أكده مدير جمعية أصدقاء مرضى السكري في بيت لحم عمر صبح، حيث قال: "وصل عدد المنتسبين للجمعية ما يقارب 450 مريضا بين فئات الشباب وكبار السن، كذلك لدينا في الجمعية ما يقارب 143 طفلا مصابا بالسكري، أصغرهم طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات".
وأضاف: "لدينا أخصائية ومثقفة صحية، تقوم بتوعية مريض السكري على الأساليب الصحيحة للتعايش مع المرض وطرق العناية الشخصية، كذلك فإن الجمعية توزع أجهزة طبية وشرائح لفحص السكري مجانية أو بسعر التكلفة".
وتحدث صبح عن أهمية وعي العائلة التي لديها مصاب بالمرض، خاصة الأطفال المصابين الذين لا يدركون خطورة إصابتهم بهذا المرض، داعيا إلى ضرورة عمل الفحوصات الدورية اللازمة لتجنب وجود أعداد إضافية من المرضى.
أما المدير الإداري للجمعية الوطنية لمرض السكري حسني عابد، فقال إن جمعيته تستقبل شهريا ما يقارب 150 مراجعا من محافظتي رام الله والبيرة والقرى المجاورة.
وفي ذات الموضوع احتفل برنامج الصحة في وكالة الغوث، اليوم الخميس، باليوم العالمي لمرض السكري، تحت شعار "لنعمل معا من أجل مرضى السكري".
وهدف الاحتفال بحسب بيان صدر عن وكالة الغوث، إلى رفع مستوى الوعي بهذا المرض وتكثيف الجهود للتقليل والحد من مضاعفاته على صحة الأفراد.
وفي إطار الاحتفال جرى تنظيم مسيرة لمرضى السكري في مخيم الجلزون، بالتعاون مع اللجنة الشعبية للخدمات، بحضور ومشاركة مدير عمليات وكالة الغوث في الضفة الغربية فيليب سانشيز، ورئيس برنامج الصحة في وكالة الغوث أمية خماش، والعديد من مرضى السكري في المخيم.
كما تم إلقاء العديد من الكلمات خلال المسيرة إضافة إلى إلقاء بعض المحاضرات حول أسباب وعلاج مرض السكري والتغذية الصحية لمرضى السكري وترتيب العديد من الفقرات الفنية والترفيهية.
وأكد سانشيز أن الأونروا تعبر عن قلقها الشديد حول الزيادة المضطردة في الأمراض غير المعدية وتدرك أنه من الضروري الاهتمام بالوقاية والحد من هذه الأمراض، بالتعاون مع مزودي الخدمات الصحية الأخرى.
كما تنفذ الأونروا برنامجا متكاملا للحد من عوامل الخطر المسببة للسكري من خلال تقليل التدخين وتعزيز النظام الغذائي الصحي والنشاط الرياضي والتركيز على الوقاية.
وفي إطار الاحتفالات، تم تنظيم مؤتمر صحي حول مرض السكري في مخيم الدهيشة بالتعاون مع الدائرة الصحية في مؤسسة إبداع. وسيعمل برنامج الصحة أيضا على تنفيذ مهرجان لرفع التوعية حول مرض السكري بالشراكة والتعاون مع اللجان الشعبية في مخيمي طولكرم ونور شمس.
وحسب إحصائيات الأونروا في الضفة الغربية، فإن هنالك ما يقارب من 33 ألف مصاب بمرض السكري بين أوساط اللاجئين أي ما يقارب 15% من مراجعي عيادات وكالة الغوث، وهؤلاء المصابون بمرض السكري هم فوق سن الأربعين.
وتشير ذات الإحصائيات إلى أن التدخين والسمنة والخمول من العوامل الرئيسية المسببة للمرض حيث تبلغ السمنة بين أوساط اللاجئين حوالي 80%، أما نسبة التدخين في أوساط اللاجئين فتبلغ 16%، ويعمل برنامج الصحة في وكالة الغوث على إستراتيجيات متعددة للحد من هذا المرض، منها إستراتيجية الوقاية من خلال تنظيم العديد من الفعاليات الجماهيرية والتوعوية لزيادة وعي اللاجئين والحد من العوامل المسببة لهذا المرض، كما تعمل الأونروا على توفير الكشف المبكر عن هذا المرض من خلال المسح الشامل لكل اللاجئين في عيادات الأونروا، ومن الإستراتيجيات الأخرى توفير العلاج المجاني لجميع مرضى السكري من اللاجئين وتزويدهم بجميع الأدوية الضرورية وكذلك تحويل جميع مرضى السكري إلى المستشفيات التي تتعاقد معها الأونروا كمستشفى العيون ومستشفى أوغستا فكتوريا في القدس، بحيث تغطي الأونروا 70%- 100% من قيمة العلاج.
وستفتح الأونروا قريبا المركز المجتمعي المتخصص( شمس) للوقاية من أمراض السكري كجزء من رؤيتها "حياة صحية للاجئين الفلسطينيين خالية من مخاطر الأمراض غير المعدية ومضاعفاتها". وسيساهم هذا المركز في تحسين الظروف الصحية لكل اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية.