لويس براين فلسطين.. نعم أنا أم "يسار"
بشار دراغمة - الاسم قد يبدو غريبا بالنسبة للبعض، ومألوفا للكثيرين، ففي لحظة ما وقف العالم مشدوها بانتظار حدث تاريخي بولادة أول طفل أنابيب في العالم، فكانت لويس براين بريطانية الجنسية صاحبة هذا التاريخ في العام 1978، ومرة أخرى وقف العالم على قدميه بعد أن تزوجت لويس براون في العام 2004، وسط تساؤلات كثيرة، هل ستعيش حياتها الزوجية بشكل عادي، هل ستحمل جنينا في أحشائها بشكل طبيعي فيما تسللت المخاوف في حينها لدى الكثيرين بأن أطفال الأنابيب الاناث، قد لا يتحقق الحمل لديهن بشكل طبيعي، لكن حملت لويس وأنجبت طفلها في العام 2006 وأضافت بذلك حدثا تاريخيا آخر على صعيد الثورات الطبية.
في فلسطين هناك أيضا لويس براون لكنها فلسطينية الهوية، وجاءت إلى الدنيا في العام 1997 بجهود طبية فلسطينية، وهي شقيقة لأول ثلاثة توائم يولدون في فلسطين بطريقة أطفال الأنابيب.
في مركز رزان لعلاج العقم وأطفال الأنابيب كانت فرحة الأم ايمان قديح غير طبيعية على عكس حملها وانجابها الذي كان طبيعيا، أما والد ايمان اللواء المتقاعد وصفي قديح فقد تجاوزت فرحته الجميع، فهو من أوائل من قرروا أن تخوض زوجاتهم فكرة انجاب أطفال بطريقة أطفال الأنابيب والحقن المجهري، وفي أول عملية أجرتها زوجته في مركز رزان تم الحمل بثلاثة توائم، مسجلا بذلك لحظة تاريخية على صعيد الطب الفلسطيني وكان ذلك في العام 1997.
قديح الذي أصبح جدا كان سابقا قد فقد الأمل أن يصبح أبا بعد زيارته مراكز طبية عدة في ألمانيا والسعودية، فشاء القدر أن يتحقق حلمه على يد الدكتور سالم أبو خيزران مدير عام مراكز رزان لعلاج العقم وأطفال الأنابيب، واليوم بعد 19 عاما على ولادة توائمه الثلاثة يعيش حالة فرح غير مسبوقة، فقد تبددت مجددا الشائعات وثبت بالوجه القاطع أن الاناث بطريقة أطفال الأنابيب يحملن وينجبن بشكل طبيعي، بينما يضاعف الفرحة لديه مقولة "ما أغلى من الولد إلا ولد الولد".
يقول قديح إنه أقدم قبل 19 عاما على هذه الخطوة وكان عمره 45 عاما رغم أن هذه التقنية الطبية كانت حديثة جدا في فلسطين ولم تكن الناس تنظر للموضوع من زواية ايجابية بينما كانت تسيطر عليه نظرة العيب، لكنه تجاوز كل ذلك وقرر خوض التجربة على أمل أن يصبح أبا، مبديا فخره بأن يكون ممن ساهموا في إزالة الصورة السلبية عن الحمل بهذه الطريقة وتحقيق حلم الأبوة والأمومة بالنسبة للكثيرين.
أما ايمان فهي أيضا لها فرحتها الخاصة فهي تفخر أن تكون لويس براون فلسطين، لكنها تقول "الفرق انني فلسطينية.. ابني يسار فلسطيني.. الطبيب الذي أشرف على حمل أمي بي فلسطيني".
فيما يعيش عاصم رمضان زوج ايمان أيضا حالة فرحة كبيرة، ورغم زواجه من ايمان دون أن يشعر بالقلق من موضوع إمكانية حمل زوجته طبيعيا، إلا أنه كأي أب سيشعر بغياب شيء ما، لو لم تحمل زوجته طبيعيا وتنجب طفله يسار.
يقول عاصم "لم يكن لدي أي نظرة سلبية أن زوجتي ستكون من أطفال الأنابيب وكانت المفاجأة أن زوجتي حملت طبيعيا بعد نحو شهرين من الزواج، ليؤكد لي ذلك ما تحدث به الطب بأن أطفال الأنابيب يحملون وينجبون طبيعيا".
الدكتور سالم أبو خيزران يشعر كذلك بالفرحة وهو يداعب الطفل يسار، مؤكدا أن العلم قطع أشواطا كبيرة في فلسطين في مجال أطفال الانابيب، وبات تحقيق حلم الأمومة والأبوة في متناول الكثيرين بعد أن كان الكثيرون يفقدون الأمل بتحقيق هذا الحلم، مشيرا إلى أن "لويس براون فلسطين" هي بمثابة شهادة جديدة ان كل طفلة ولدت بطريقة أطفال الانابيب يمكنها الزواج والحمل والانجاب بشكل طبيعي وبدون أدنى مخاوف.
وكان الدكتور أبو خيزران هو أول من ادخل تقنية أطفال الانابيب إلى فلسطين وواكب كل تطوراتها، ولا يترك أي شكل من التطور في هذا المجال إلا ويدخله تلقائيا إلى فلسطين، فبات بالإمكان تحديد جنس الجنين، وفصل الحيوانات المنوية المشوهة وتلك التي يحتمل أن تسبب في ولادة أطفال معاقين، رافعا بكل التقنيات التي أدخلها إلى مراكز رزان فرص نجاح الحمل لأكثر من 50% بعدما كانت النسبة العالمية في البداية لا تتجاوز 15%.