صور- فنان يجسد معاناة الفلسطينيين على "الصبار"
بسام أبو الرب
يجلس الفنان الشاب أحمد محمد ياسين (21 عاما)، من بلدة عصيرة الشمالية في محافظة نابلس، ساعات وسط بيئة امتلأت بالأشواك، وعلى أرضية فيها الكثير من الصعوبات الطبوغرافية، صعبة حتى بالوقوف عليها، بين ألواح من نبات "التين الشوكي" أو ما يعرف بالصبّار، ليعبر عما يدور في داخله من هواجس ليجسدها كرسومات على ألواح الصبار.
الفنان ياسين الذي يدرس الرسم والتصوير في كلية الفنون الجميلة بجامعة النجاح، يطل على ضيوفه صامتا، يرسم ابتسامة خفيفة على وجهه، فهو قليل الكلام، تقرأ في عيونه الكثير من المعاني، بسيط التعامل خفيف الظل، اختار أن يتعامل مع أكثر النباتات قسوة "الصبّار"، الذي ينمو في فلسطين بكثرة ويعتبر مصدر رزق للكثيرين في فصل الصيف من خلال بيع ثماره.
في حديقة منزل عائلته الخلفية الصغيرة، التي لم تتغلب أنياب الجرافات على تغيير بعض معالمها لقسوة الصخور فيها، يمضي ياسين وقته هذه الأيام، قرب نبتة الصبار التي أصبح يتخيل فيها لوحات تناديه علّها تخرج ما بداخله، من تصوير معاناة الفلسطينيين خاصة وشعوب العالم عامة، فرسم صورة وجه امرأة عجوز تبدو تجاعيدها، ويدا تحمل مفتاح العودة.
" موهبة الرسم بدأت مع أحمد منذ الصغر، وكانت فكرة الرسم بالألوان تشكل هاجسا وخوفا له، خاصة في البدايات"، حسب قوله.
ويضيف: التحقت بجامعة النجاح الوطنية لدراسة الفنون، وكانت الفكرة قد لاقت استحسانا من الأهل وتشجيعا".
ويشير الى أن فكرة الرسم على نبات التين الشوكي أو الصبّار، كانت تحديا ومغايرة للواقع بالرسم على اللوحات وكنوع من التغير، لإخراج شئي جديد مختلف وجاذب لنظر المشاهد، من خلال استخدام ألوان "الاكريليك" كونها تجف بوقت أسرع، ولسهولة التعامل معها، ومقاومتها للظروف الخارجية .
ويؤكد ياسين أن حال الفلسطينيين، خاصة معاناة اللاجئين الذي يستمرون في الحياة أينما وجدوا، يشبه الى حد ما نبات الصبار الذي يعيش أينما وجد، وفيه ميزات في مقاومة الجفاف والعيش في أصعب الظروف، والرسم على ألواح هذا النبات هو تذكير للصمود والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني خاصة، وشعوب العالم عامة.
يعيش الفنان ياسين الى جانب شقيقين، كل منهم رسم طريقه في الفن؛ فشقيقه الأكبر كامل يكتب الشعر، وزيد الأصغر اتجه نحو التصميم، في كنف الوالد الذي يعمل رائدا في الشرطة، والأم التي درست اللغة الإنجليزية.
"ويشير ياسين إلى "أن أعمال ومقولات فنانين عالمين كان لها تأثير خاص لرسوماته، من حيث الجرأة في اللون كما عمد الفنان العالمي بول رايت، وفنانون فلسطينيين أمثال الراحل إسماعيل شموط الجريء بألوانه، وسليمان منصور في تجربته مع الطين، التي شكلت إلهاما في كيفية الاستفادة من الخامات وتحويلها إلى فن، والفنان نبيل عناني الذي رسم على الجلد وغيرهم".
ويقول "لكل فنان طريقته الخاصة لإيصال رسالته في ظل تنوع أشكال الفنون، وأنا اتّجهت نحو الرسم التجريدي الذي فيه تمعن أكثر وإعطاء فرصة للمشاهد وقتا أكثر".
ويطمح ياسين في إكمال الدراسة العليا في الفنون، والمشاركة في معارض دولية، مشيرا إلى مشاركته في معارض محلية تنظمها كلية الفنون بجامعة النجاح، ومعرض الفنانين الشاب في جاليري المحطة في رام الله، ومعرض للقصص المصورة في المعهد الفرنسي.
يقف الفنان الشاب ياسين دقائق بين لوحاته التي انتشرت في المنزل الذي يعتبر كلّه مرسما له، ويتساءل: ماذا بعد؟ فهو يحاول الدخول في تحديات أكبر، منها بالرسم على جذوع أشجار الزيتون المعمرة.
للصور اضغط هنا