طولكرم.. مدينة تقرأ
يامن نوباني
يبدأ الصباح في طولكرم من رائحة بياراتها، وبخاصة بيارات البرتقال، رغم انحسارها بعد التوسع العمراني الذي شهدته وتشهده المدينة.
تاريخان مفصليان أثرا على جغرافيا المدينة: نكسة 1967 والتي أدت لاحتلال المدينة وقراها والسيطرة على مساحات شاسعه من أراضيها لصالح إقامة مستوطنات، ونكبة 1948 التي استقبلت فيها طولكرم آلاف المُهجرين في مخيمي طولكرم ونور شمس، وذلك على حساب امتداد المدينة وبياراتها.. كانت طولكرم مدينة زراعية من الطراز الرفيع، قبل أن تتطور الحركة العمرانية في أحيائها وأطرافها، وقبل أن يحصرها الاحتلال في حدود لا مداد بعدها.
يحد مدينة طولكرم الواقعة في شمال الضفة الغربية، من الغرب البحر الأبيض المتوسط ومدينة أم خالد (نتانيا)، ومن الشرق مخيم نور شمس، ومن الجنوب قرى الكفريات، ومن الشمال قرى الشعراوية، 15 كيلومترا فقط هي المسافة بين طولكرم والبحر، الذي حرمت منه.
في طولكرم التي ترتفع عن سطح البحر ما بين 55 مترا و125 مترا وتبلغ مساحتها 32 ألف دونم، يعيش 182 ألف شخص، في 35 تجمعا سكانيا، وتأتي بالمرتبة الثانية على مستوى الضفة الغربية من حيث الكثافة السكانية، بمعدل 727 فردا لكل 2 كيلومتر، بعد القدس التي جاءت بالمرتبة الأولى بمعدل 1193 فردا لكل 2 كيلومتر.
الشاعر يروي تفاصيل من طولكرم الثقافية قبل أربعين عاما
تعتبر طولكرم مدينة العلم والمتفوقين على مستوى فلسطين، حيث استحوذت على هذا اللقب وسجلته باسمها، ويشهد لها بأعداد الأساتذة والمدرسين في جامعات ومعاهد وكليات الوطن، وبخاصة جامعة النجاح الوطنية، وأعداد المتغربين منذ عشرات، والذين توزعوا بين علماء ومفكرين وأساتذة.
إبراهيم الشاعر، الذي عمل عشرات السنوات في مكتبة البلدية ومسؤولا للنشاط الثقافي في المدينة، يعود بنا الى نهاية سبعينيات القرن الماضي، فيقول: كانت طولكرم عبارة عن نهضة ثقافية.. حلقات النقاش نبش في أعماق المؤلفين والمؤلفات، طرح أسئلة وحوارات مطولة حول مؤلفات وأسماء قيمة، ما قبل الكتاب وما بعده، الأثر الذي تركه في المجتمع والتاريخ، كل ذلك كان يتم في لقاء الاثنين، الذي كان يعقد في متنزه ومكتبة البلدية، وكانت مجموعة "مطاف" رائدة العمل الثقافي الكرمي، والتي نشطت في عامي 1978 و1979.
من خلال مطاف ولقاء الاثنين كان يتم الحديث عن اسم الأديب أو المفكر والغوص في أسرار وألغاز مؤلفه، وتبادل الحوار مع الجمهور حول كل ما يتعلق المنتج الأدبي الذي يجري تشريحه في اللقاء، أما اليوم فأنا أشاهد سطحية إشهار الكتب في حفلات توقيع فخمة، والكتب الرديئة، وتناقل العبارات من الكتب بين الناس بطريقة سطحية وبسيطة دون معرفتهم تاريخ الكاتب والظروف التي أُنتج فيها المؤلَف، والشاعر اليوم في غربة، لا يرى أحدا ولا يتحدث مع أحد، ينتظر الناس أن تأتيه.
يضيف الشاعر: كان يتم استغلال المناسبات الدينية للتواصل في الفكر والسياسة، حيث كان الاحتلال يضيق على اللقاءات التي من شأنها توعوية الجيل وتثقيفه وطنيا وتربويا وسياسيا، أما اليوم فمعظم اللقاءات والندوات الأدبية هي مواد للإعلام من تلفزة و"فيسبوك" وغيرهما، ومعظم اللقاءات والندوات هي حشوات سريعة ومعلومات تركض سريعا الى المتلقي دون التعمق في وصولها.
في الستينيات في المكان الذي يوجد فيه الآن متنزه بلدية طولكرم، كانت غابة المنشية، أحراش من الشجر والحشائش والطبيعة الخلابة. كانت المنشية مكانا يستقطب أهالي محافظة طولكرم للترفيه عن أنفسهم وقضاء أوقات الفراغ واللعب والقراءة وتبادل الحديث. مكان أجمل بكثير مما صار عليه الآن، حيث حولته البلدية إلى متنزه، بعد أن تم قص الأشجار الباسقة وتغيير معالم المكان ورائحته الأولى، كما أن سهول طولكرم كانت قبل النكبة تمتد حتى مدينة الخضيرة.
كان جمهور عريض يحضر الى المنشية لمشاهدة المسرح والموسيقى في أواخر السبعينيات وبدايات الثمانينيات، وتقام فيها مسابقات الشعر وعروض فنية ثقافية، وعروض سينمائية لأفلام وثائقية وتاريخية مهمة.
وحول طولكرم قديما، يقول الشاعر إن الاتحاد النسائي في المدينة من أوائل الاتحادات النسائية في فلسطين، إضافة لجمعية الهلال الأحمر، وآثار المباني العثمانية في المستشفى القديم ومبنى البلدية القديم، ومعهد خضوري الذي كان ينتج آلات زراعية ومواد غذائية، وحضور فرق إفريقية للعب في المعهد حيث كان معلما رياضيا، ومن آثار المدينة مدرسة الفاضلية، وسكك الحديد القديمة.
حراك المدينة الثقافي
بدأت فكرة العمل الثقافي في مدينة طولكرم من الشاب يزن الخطيب، الذي أسس مجموعة "تنوير"، قبل أن يتوفاه الله، ثم استكمل الصالون الثقافي الفكرة في نهاية العام 2013.
تقول مسؤولة الصالون الثقافي في طولكرم أسمهان عزوني (52 عاما): حين كنت صغيرة كانت للصباح رائحة مختلفة، رائحة تأتي من البيارات القريبة والمحيطة بطولكرم، قبل أن يتكاثف الزحف العمراني، على حساب الشجر، لهذا قررنا أن يكون الصالون الثقافي جامعا بين الأدب بفنونه المختلفة والعودة للأرض بكل الخير الذي تقدمه لنا.
وتضيف عزوني: يجمع الصالون الثقافي أساتذة جامعات ومدراء مدارس، وطلبة جامعات ومدارس، وربات بيوت، وجمهورا من العاملين في مواقع مختلفة، وهذا يدل على فعاليته وسعيه الدؤوب ليكون منارة الثقافة في المدينة، وأن هدف الصالون هو إعادة الهيبة للكتاب، والذوق العام إلى مكانته، فالمتلقي أثرت عليه وسائل الإعلام سلبا بشكل كبير، فاستخدمنا مواقع التواصل الاجتماعي لتعزيز وتنمية الحراك الثقافي الكرمي، وذلك من خلال الأعضاء الذين يتفاعلون بشكل واضح مع كل مناسبة ويسعون إلى نشرها بشكل مميز، إضافة لفقرات مناقشة أفلام فلسطينية، بحضور مخرجيها ومنتجيها. طولكرم مدينة متعاونة في الحراك الثقافي، مؤسسات كثيرة ترعى بمقراتها وأمكنتها الفعاليات، كجامعة القدس المفتوحة، والغرفة التجارية، وبنك القدس، كما يجري التحضير للقاءات بجمع الأموال من قبل أعضاء النادي.
أشجع الدريدي، من الصالون الثقافي، يقول: اللقاءات الثقافية انعكست على الجو الأدبي في طولكرم، من حيث الشرائح المختلفة التي تشارك في الندوات، ومقدار الاستفادة والغنى الثقافي والتوعوي لدى المشاركين، وتعدد العروض التي يقدمها الصالون من مناقشة كتب، إلى استضافة أدباء وكُتاب، وإقامة أمسيات وتواقيع إشهار مؤلفات أدبية، الى رحلات في الطبيعة الفلسطينية، وحتى زيارات ثقافية خارج حدود المحافظة، كما جرى في دير القرنطل بأريحا ومتحف محمود درويش في رام الله.
مؤخرا، استضاف وناقش الصالون الثقافي ووزارة الثقافة ومكتبة البلدية، العديد من الكتاب ومؤلفاتهم: ساق البامبو لسعود السنوسي، وعشتها كما أشتهي لواسيني الأعرج، وكافر سبت لنافذ الرفاعي، وعزازيل ليوسف زيدان، ورحلة ضياع لديمة السمان، وفرس العائلة لمحمود شقير، وأميرة لجميل السلحوت، وحياة معلّقة لعاطف أبو سيف، وأوراق مطر مسافر لنسب أديب حسين، والتبس الأمر على اللقلق لأكرم مسلم، والبحر يغضب لزياد عبد الفتاح، ومسك الكفاية لباسم خندقجي. كان الصالون الثقافي رائد العمل الثقافي وصاحب الفكرة في أغلب هذه اللقاءات، كما تبرع الصالون بكتب لدار اليتيم العربي، ومركز التدريب المهني.
ويقدم أدب الشباب في طولكرم مجهودا فرديا لاقى دعم واستحسان وزارة الثقافة والصالون الثقافي، من خلال رعاية منتجهم الأدبي وإقامة حفل توقيع ومناقشة، فصدرت في طولكرم خلال العام الماضي ثلاثة كتب لكاتبات شابات: خذلان شتاء لشهد محمد، وشبهة لهديل قاسم، والخط الأخضر لرولا غانم.
العلاقة بين الأرض والمثقف في طولكرم
وحول رحلات المشي، تقول عزوني: كنا على مسافة صفر من الأرض، مشينا بين المزارع وتسلقنا جبل "المدحدل" قرب ضاحية "كفا"، وجدنا كرم الأرض ودفء الفلاحات. رحلاتنا الثقافية في ربوع الوطن تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الأرض والإنسان، وخلق وتعزيز الصداقات بين الناس مباشرة وليس عبر الإنترنت، إضافة الى تنمية روح التعاون وتعزيز الانتماء، وفيها خلقنا "البوفيه الفلسطيني المفتوح"، وهو عبارة عن خبيزة ومشاط وزعمطوط، كل ذلك بفضل صبايا الرحلة اللواتي أعددن الحطب والنار لطبخ ما منحتنا إياه الأرض.
وفي العلاقة ما بين الإنسان والأرض وثقافة الاكتشاف والارتباط بالطبيعة والإرث، تقول عزوني: في رحلة كفر عبوش زار الصالون الثقافي أحد المنازل القديمة للقرية، والذي يحوي طابونا قديما، وهو أبرز السمات التراثية الفلسطينية، حيث اتفقت المشاركات مع أصحاب المنزل على دفع ثمن الخبز والجبنة والزيت والزعتر، مقابل أن يقوم أصحاب المنزل بتفعيل الطابون وإعداد الخبز الفلسطيني. كان الإفطار فلسطينيا بامتياز، وذلك على درجه العتيق، وقامت المشاركات بشراء حوض ميرمية وحوض بابونج من حوش المنزل، وشراء حاجيات الرحلة من دكان صغير لعجوز، ما أدخل الفرح لقلبه، كنوع من تدعيم المناطق المهمشة وإحياء التراث، كما تعرّف المشاركون من خلال الرحلات على قصعة البئر والركوة، وأسماء لنباتات مثل السنيريا، وأماكن وأشياء لم يكونوا قد شاهدوها من قبل.
تقول هدى الحاج أحمد، وهي مديرة مدرسة في صيدا بطولكرم، إن الرحلات عبارة عن قياس الأرض بالشبر، بالأنفاس، هي الانتقال من قراءة الكتب إلى قراءة الأرض، أن تكون خارج الزمان والمكان، مشاهدة الحيوانات بشتى أنواعها في البرية، ملاحقة الطيور بالعين المجردة والقريبة، وتقطف ما تنبته الأرض وتطبخه، وإعادة العلاقة مع الأرض، خاصة في وضعنا الفلسطيني، والذي يسعى فيه الاحتلال الى السيطرة على الأرض ومحو الهوية العربية من كل مكان عليها.
وتتابع هدى:، أطفال صغار وربات بيوت وشابات وحتى عجائز، مشوا ساعات في سهول وحقول وطرق وعرة وصعدوا جبال، فرحين بالأرض، شاهدوا لأول مرة كثيرا من الحيوانات والطيور والنباتات، وأتذكر إحدى الشابات وهي تعبر عن فرحها برؤية العكوب في الأرض لأول مرة، كان في أعين المتجولين حزن على العمران الحديث الذي حل مكان العمران القديم والتراثي والتاريخي للأمكنة التي تجولوا فيها، قطفنا الخبيزة والزعمطوط، وطبخنا اللوف، وقلينا البندورة على نار الحطب، ومن بيارة قريبة أحضرنا حبات ليمون، وأعددنا السلطة. التجوال كسر الحاجز بين الإنسان والأرض، أصبحنا أكثر قربا من الأرض، إضافة إلى الغناء وإقامة فرح صغير بين أحضان الطبيعة، ومنحتنا الأرض جوا لائقا بالقراءة، فأحضر البعض كتبا وأخذ يتصفحها وهو يجلس فوق صخرة ويستنشق هواء صافيا.
ختام، وهي إحدى المشاركات في الجولة، تقول: هناك على جبل المدحدل يكفيك أن تمضي بضع ساعات لكي تلقي عن كاهلك أعباء الحياة وسط الطبيعة الحية والهدوء المثالي، الرحلة لم تكن معبدة بالورود، بل شاقة وصعبة ومليئة بالصخور والأشواك وطريقها آخذة بالصعود، لكن متعة الوصول الى قمة جبل المدحدل كافية لنسيان عناء التعب في الصعود. في كل رحلة نقوم بها نكون قريبين من الأرض ولكن هذه المرة التصقنا بها أكثر، كنا قريبين منها ومن خيراتها التي تنمو بين الصخور، فنبتة الزعمطوط التي تخرج من بين الصخر تحمل قيمة غذائية عظيمة، كونها خالية من المواد الكيماوية والهرمونات.
مساءً تعود الحافلة محملة بالمشاركات وقد ارتسم التعب والفرح على ملامحهن، يحملن في أيديهن حبات الأناناس التي قطفنها من مزرعة عائلة عرفات في ضاحية كفا.
مكتبة بلدية طولكرم
تقول رجاء القاروط، التي عملت في مكتبة بلدية طولكرم 30 عاما، شهد العام 1987 جوا ثقافيا رائعا، وكانت مكتبة بلدية طولكرم تؤخر ساعات عملها حتى وقت متأخر من المساء بسبب القراء، وهي من أغنى المكتبات في فلسطين، حتى العام 1996 كانت تحوي 25 ألف عنوان، وبسبب تغيير المجالس البلدية وتراجع الحالة الثقافية وتهالك الدعم المادي، تراجعت المكتبة قليلا، وفي نهاية 2015 أصبحت تحوي أكثر من 32 ألف عنوان، ووصل عدد المشتركين بها الى 7 آلاف.
بدورها زهيدة، التي تعمل في المكتبة منذ العام 1995، تقول: في منتصف ونهايات التسعينيات، كانت المكتبة مزدحمة بالقراء والمطلعين والباحثين. كانوا يقضون ساعات طويلة على مقاعد المكتبة، ومنهم الناقد الكبير صبحي شحروري.
أثناء تجوالنا في المكتبة لم يكن فيها سوى شخص واحد يقرأ جريدة الأيام، سألنا المشرفة عنه، فقالت: اسمه زياد، ويأتي الى هنا منذ 20 عاما، يقرأ ويغادر.
افتتحت مكتبة بلدية طولكرم في العام 1956، وتعتبر المركز الرئيسي للثقافة العامة وللقراء ومكان اللقاءات الثقافية والأمسيات الشعرية، كما تساعد الطلبة في الأبحاث الجامعية والمدرسية، وتستقبل الرحلات التعليمية للطلبة، وتعرض أنشطة لامنهجية، أبرزها أفلام وثائقية ومواد حول القضية الفلسطينية وتاريخ الصراع مع الاحتلال. في العام 1958 تعرضت لإغلاق استمر حتى العام 1976.
بلدة عبنتا.. رأس العلم والثقافة الكرمية
تأسست مكتبة بلدية عنبتا في العام 1995، على مساحة 670 مترا مربعا، وتحوي أكثر من عشرة آلاف كتاب، منها 3500 كتاب وقصة أطفال، وتشكل رافدا علميا وأدبيا للطلبة والحركة الثقافية والفكرية والتربوية في البلدة وفي مدينة طولكرم والقرى المجاورة، بما تقدمه من برامج ثقافية، ونشاطات دراما ومسرح وترفيه، وكتابات إبداعية وألعاب تربوية وأعمال فنية يدوية.
تتميز عنبتا التي يزيد عدد سكانها عن 7500 نسمة، بحب أهلها الشديد للعلم، وبالأعداد المشرفة لحملة الشهادات العليا، حيث يوجد فيها 13 من حاملي الدكتوراه، و75 من حاملي الماجستير، و11 دبلوم عالي، و623 يحملون درجة البكالوريوس.
أعلام كرمية
قدمت طولكرم عشرات العلماء والأساتذة والأدباء ممن ساهموا في رفعة العلم والفكر والثقافة، وكان منها رجال السياسة والدين والنضال، ومن أبرز أعلامها التربوية والأدبية والفكرية: الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود واستشهد في معركة الشجرة عام 1948 في الجليل، والأستاذ عبد الغني ابن الشيخ سعيد الكرمي الذي عاش في أسرة اشتهرت بالعلم والدين والأدب، حيث لعبت عائلة الشيخ سعيد الكرمي دورا هاما في الثقافة الفلسطينية، فقد نبغ عدد من أفرادها كعلماء وأدباء، فهو شقيق أحمد شاكر الكرمي الكاتب والأديب، وعبد الكريم الكرمي "أبو سلمى" الشاعر والمناضل، ومحمود الكرمي الذي عمل في الصحافة، وحسن الكرمي الذي كرس حياته للعمل المعجمي. والده العالم المشهور الشيخ سعيد الكرمي أحد طلائع رجال النهضة العربية المعاصرة، كان فقيها بالدين واللغة وشاعرا.
ومن أعلام طولكرم درويش المقدادي، وصدقي حطاب، ويحيى بن مرعي بن يوسف الكرمي، وراضي صدوق، ومحمود الهمشري، ومعروف رفيق محمود، وصبحي شحروري، وأنور حامد، وطارق الكرمي، وغيرهم العشرات..
وادي الشعير هوية ثقافية كرمية
مهرجان واد الشعير للثقافة والفنون، مهرجان سنوي دأب مركز واصل لتنمية الشباب على تنظيمه سنوياً في بلدة عنبتا شرق طولكرم في الضفة الغربية، يقوم على إبراز السمات والخصائص المحلية للثقافة والتراث الشعبي، وتشجيع السياحة العائلية الداخلية، والاحتفاء بالثقافة الوطنية الجادة التي تعبر عن ملامح الإنسان الفلسطيني وتعكس طموحاته وآماله، ويستقطب المهرجان سنويا جمهوراً واسعاً ويشارك به العديد من الفرق والفعاليات الفنية والثقافية من فلسطين ودول الجوار على مدار أسبوع.
مدينة القلاع والمباني والخرب الأثرية
تبرز طولكرم بالمواقع الأثرية من خرب وقصور ومبانٍ وقلاع، منتجع المنطار في أعلى جبل على طريق طولكرم – نابلس قرب بلدة بلعا، تقع بالقرب منه طريق قطار الشرق السريع، الذي كان يمر عبر اسطنبول سوريا لبنان فلسطين مصر، إضافة لدور الجبل في النضال والثورة في ثلاثينيات القرن الماضي، ويعتبر المنطار مكانا يجمع التراث الفلسطيني، ويعبر عن سلوك الإنسان الفلسطيني على أرضه. كان النظام النقدي العملة الورقية والمعدنية ونظام بنكي، ونظام تخزين، وميناء أبو زبورا حيث كانت حركة الاستيراد والتصدير، حيث كانت فلسطين تصدر الى العالم 14 مليون صندوق برتقال قبل الانتداب البريطاني، هو حكاية الوطن، وراوية التاريخ، ومن محتوياته أيضا جرس يعود للعام 1912 قُدم للفلسطينيين الذين غرقوا في "التايتانيك"، وأول إشارة ضوئية لقطار الشرق السريع، ويحوي المنطار منظومة متكاملة لحياة الإنسان الفلسطيني وهويته بإرثه وتراثه، ورسالة بأننا شعب له أرضه، ومركز حضارة، وطريق مواصلات منذ القدم، وله ثقافته وتنوع مجتمعه من مدني وفلاح وبدوي، يقول بسام بدران، صاحب منتجع المنطار في حديث لـ"وفا".
تعد سكة القطار القديمة من أبرز معالمها التاريخية والتراثية، ونفق بلعا الذي ما زال شاهدا على تلك الحقبة الجميلة من الحياة في فلسطين، وخربة ارتاح، ومقام بنات النبي يعقوب، وخربة نصف جبيل، وقرية كور، التي شيد معظم بيوتها القائد الظاهر بيبرس في العهد المملوكي، وقرية شوفة التي تحتوي على مباني تعود إلى الفترة الرومانية والبيزنطية، فيها "خربة سمارة" التي تدل آثارها على أنها كانت ثكنة عسكرية للجيش الروماني في الفترة الرومانية في فلسطين، كما تقع بالقرب من قرية شوفة مجموعة من الأبراج الرومانية، ومسجد أثري على الطرف الغربي وقلعة البرقاوي، وخربة النصارى، أو خلة الكنيسة، أو تل الشومر، وبئر العدس وخربة دير ابان.
ومن المعالم، خربة البرح (برح العطعوط) وتحتوي على بقايا برج وعقود وآثار أساسات وصهاريج وبركة ماء، وخربة أم صور وتحتوي على بقايا سور وأبنية وأعمدة وصهاريج وخزان، ومبنى المتحف، وهو مبنى عثماني يقع في وسط مدينة طولكرم، ومبنى دار الحكومة العثمانية (السرايا) أو ما يعرف بالقائمقامية العثمانية وسط المدينة، وخربة "بيت صاما" قرب بلدة علار، وخرب "الطياح والشركس" شرق المدينة، وخربة الحمام.
ويحوي متحف طولكرم 600– 700 قطعة أثرية، وأكثر من 300 قطعة تراثية، داخل مبنى عثماني عمره أكثر من 120 عاما.
ومن معالم المدينة أيضا، مطحنة "سمراء عدن" التي افتتحتها عائلة الخليل عام 1920، وانطلقت بها الى الكويت عام 1958، محملة بالتوابل والبهارات، والنباتات طيبة الرائحة.
طولكرم معروفة بنقاء هوائها وكثرة كرومها، تفوح منها رائحة بيارات الحمضيات ونوار اللوز، ذكرها المقريزي باسم طوركرم، وبقيت معروفة بهذا الاسم حتى القرن الثاني عشر الهجري، حيث حرّف الطور إلى طول، ودعيت باسم طولكرم، لكثرة كروم العنب فيها. في وسطها مقاهي قديمة وبسيطة، تطل على ميدان الشهيد ثابت ثابت، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي في نهاية العام 2000.
كان لطولكرم دور بارز في النضال الفلسطيني، وقدمت نحو 600 شهيدا من أبنائها.