في غزة.. الضرائب تتصاعد والأزمات تتفاقم
نفوذ البكري- رغم تدهور الأوضاع الاقتصادية وتفاقم الأزمات المتراكمة الناجمة عن تداعيات الحصار والانقسام إلا أن الضرائب والرسوم ما زالت سارية المفعول رغم التأكيد على دعم صمود المواطن إلا أنه بالمقابل يتم اجباره على دفع الجباية التي تطال الأشخاص الذين يعيشون في حالة من الموت الاقتصادي السريري وازياد معدلات الفقر والبطالة وغياب الخدمات الأساسية المرتبطة بتوفر الكهرباء والغاز كما أن فرض الضرائب يتم بصورة غير قانونية ولا تصب في المصلحة الوطنية الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي د. مازن العجلة أنه في حقيقة الأمر أن فرض الضرائب في الدول تتم عبر القوانين والأصول والقواعد الفنية والسياسات الضريبية والتي يجب أن يتم الالتزام بها وبالتالي لا يمكن فرضها إلا بقانون وايضا لها علاقة بمستوى النشاط الاقتصادي ولذلك فإنه في حالة الركود الاقتصادي فإنه لا يجوز فرض الضرائب لأنها تزيد من معاناة الشعب، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى الوضع في غزة فإن الوضع يتصف بالخطورة جراء تصاعد معدلات الضرائب بمعدلات خيالية رغم الركود الشديد للاقتصاد المحلي سيما وأنه بعد عدوان عام 2014 تراجع الناتج المحلي بنسبة 14% ورغم تداعيات العدوان الخطيرة والتي تستدعي الوقوف مع المتضررين والمشردين إلا أن الضرائب زادت رغم ازدياد معدلات البطالة والفقر إلى أكثر من 45% ورغم شكاوي التجار أيضا من الركود وانخفاض المبيعات ولكن من يسيطر على غزة ليس لديه أهمية بالمصلحة الوطنية والاقتصادية.
وقال العجلة لـ"حياة وسوق"" أن ما يتم في غزة لا يأتي في اطار سياسة الضرائب وإنما جباية الأموال لأن الضريبة علم وفن ولا يقوم بها فصيل معين دون اهتمامه بمصالح الناس وظروف الفقراء أو بما يحدث للنشاط الاقتصادي والاستثماري وإنما الاكتفاء بجباية الأموال لاستدامة السيطرة على غزة وبالتالي لا يوجد أي مبرر لفرض الضرائب والرسوم دون معرفة أين تذهب الجباية الضخمة جراء غياب الخدمات المقدمة للمواطنين سيما وأنه على سبيل المثال فإن المستشفيات تدار من قبل السلطة الوطنية مما يتطلب الافصاح من جهات الاختصاص لمعرفة حجم الايرادات والنفقات والتخفيف من معاناة الناس.
من جانبه، اعتبر كايد الغول القيادي في الجبهة الشعبية أن فرض الضرائب تزيد من الأعباء الاضافية للمواطن الذي يعاني بفعل الحصار والانقسام وما ترتب عليهما منذ عدة سنوات وبالتالي من يدعو الى صمود الناس لا يمارس أي اجراء من شأنه أن يفاقم المعاناة خاصة مع تصاعد معدلات البطالة والفقر وغياب فرض العمل أو تطوير الاقتصاد المحلي.
واضاف أن حركة حماس تواصل فرض الضرائب للإشارة إلى استمرار سيطرتها على غزة وتمويل ما ترتب على الانقسام كما أن حجم الجباية لم يساهم في دعم رواتب موظفي حماس والاكتفاء بدفع ما يزيد على 1200 شيقل كحد أدنى للموظف مشيرا أن القوى السياسية طرحت الموضوع مع حماس للتوقف عن فرض الضرائب سيما وأن المواطن ضحية لذلك جراء دفع ضريبة بحكم الاتفاقيات مع اسرائيل وأيضا يتم دفع ضريبة لمن يسيطر على القطاع مؤكدا أنه سيتم اتباع المزيد من الوسائل لإدانة فرض الضرائب ودعم صمود الناس في ظل تدهور الوضع الاقتصادي.
من جانبه أوضح عمر شعبان مدير مركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية أنه من المعروف أن الوضع في غزة يتصف بالركود الشديد ونسب عالية من البطالة والفقر جراء اغلاق المعابر وبطء الاعمار وبالتالي فإن فرض الضرائب على السلع الضرورية وغير الضرورية هي نتاج لعدم تفعيل دور حكومة التوافق الوطني وانجاز المصالحة ومشيرا إلى أن فرض الضرائب في ظل الوضع الراهن غير قانونية وتحتاج ايضا للرقابة لمعرفة أين تذهب أموال الضرائب.
وقال إنه يتطلب من حماس ادراك الوضع الصعب في غزة ومن المفترض من القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات ورجال الأعمال القيام بالحوار العقلاني للتخفيف من معاناة المواطن ووقف فرض الضرائب الباهظة.
وتبين "للحياة الجديدة" أنه رغم الرفض والاحتجاج الدائم لسياسة فرض الضرائب أو الجباية أو الرسوم إلا أن حركة حماس لم تستجب لأي مطلب وتواصل القيام بجمع الأموال عبر طرق جديدة سواء عبر فرض الضرائب على أصحاب المحال الجارية أو ترخيص السيارات أو رسوم المحاكم والكفالات المالية للمتهمين والتأمين الصح وأيضا الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات الحكومية رغم توفر التأمين الصحي للمرضى.
وفي حال فرض ضرائب جديدة على أصحاب المحال التجارية فعلى المواطن والمستهلك تحمل تبعات ذلك من خلال دفع الفرق في السعر وهذا ينطبق أيضا على نوعية الخدمات الأخرى المقدمة من جهات مختلفة وفي نفس الوقت يتم التذرع بوجود الحصار وتدني المستوى المعيشي وجلب المزيد من المساعدات الانسانية والتي تباع في الأسواق للحصول على السيولة المالية بعيدا عن حاجة ومصلحة المواطن الذي يئن من تداعيات الانقسام وجرائم الاحتلال.
وتساءل سكان غزة عن كيفية صرف أموال الجباية خاصة في ظل تفاقم وافتعال الأزمات لدرجة انهم يهمسون بين بعضهم البعض إن كانت الجهة التي تسيطر على غزة غير قادرة على اعادة الكهرباء فهل لديها القدرة على استعادة الوطن.
وناشد سكان غزة الذين يعيشون منذ سنوات وسط المخاطر والتضارب في التصريحات وكيل الاتهامات وافتعال الأزمات كافة الجهات التي تحمل الطابع الانساني والأخلاقي والحس الوطني القيام بمسؤولياتها لإنقاذ القطاع من الكوارث الحزبية والمصالح الانقسامية واتباع آليات جديدة وضاغطة لتمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بكامل مهامها وتفعيل الضغط الشعبي الدائم لإنجاز المصالحة الوطنية على دعم مقويات الصمود من خلال التخفيف من المعاناة وتوفير الخدمات ووقف السياسات الانفرادية التي لا تتناسب مع المصلحة الوطنية.