خطة الأقاليم الأربعة بين القبول والرفض
رشا حرزالله
أثار نقاش مجلس الوزراء في جلسته قبل الأخيرة، قضية تقسيم فلسطين إلى أربعة أقاليم جدلا في الشارع، باعتباره غير مجد اقتصاديا، كما يرى خبراء واقتصاديون.
واعتبر وزير الحكم المحلي السابق خالد القواسمي، أن هذا الوقت ليس الأنسب لتنفيذ هذا المخطط، مشيرا إلى أن رغم مزاياه المتمثلة بقدرة البلديات حل مشاكلها بنفسها، على أن يعالج الإقليم المشاكل الكبرى، غير أنه يتطلب موازنات كونه يحتاج لنفقات تشغيليه وتطويريه.
وتساءل "من أين ستحصل الاقاليم على نفقاته التشغيلية؟ وهل ستسمح الحكومة للإقليم بأني يجبي الضرائب بدلا منها لسد نفقاته التشغيلية والتطويرية؟".
واشار القواسمي إلى أن استحداث شيء جديد يتطلب أن تتوفر له الإمكانيات من أجسام إدارية جديدة، وهيكليات اخرى وهذا يضعنا أمام سؤال من أين ستكون موارد الأقاليم؟
وبين أن أحد التخوفات على المستوى السياسي أن يتعامل الاحتلال مع كل إقليم على حدة، دون الرجوع للحكومة المركزية، أي يصبح التنسيق بين الإقليم والاحتلال بشكل مباشر في حل الإشكاليات، في الوقت الذي تدعي فيه إسرائيل أنها في مرحلة حل الدولتين فإن أحد السيناريوهات المطروحة لديها، تقسيم الضفة لـ "كنتونات" والتعامل مع كل قسم.
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي رسلان محمد، أن تجربة الأقاليم تصلح للدول الكبيرة، ومترامية الأطراف، وحتى دول عربية من بينها مصر والسعودية، وترجع الحاجة لوجود أقاليم أن الحكومة تريد من يساندها بتلبية احتياجات المناطق، معتبرا أن لا حاجة لوجود أقاليم في دولة صغيرة الحجم كفلسطين.
وأوضح أن هذه الأقاليم ستضعف وتشتت من سيطرة الحكومة على المناطق، والتي هي بالأصل ضيقة بسبب إجراءات الاحتلال وعراقيله، وسيصبح هناك تجاوزات وإيجاد مدخل غير موضوعي من قبل تلك الهيئات، فيما يتعلق بتحديد الأولويات في تلك المناطق.
واستبعد محمد أن يكون هدف هذا التقسيم سياسي، موضحا أن الحكومة تريد التخفيف من الضغط، عبر إحداث تنمية في الأقاليم لكن فعليا لا يوجد جدوى اقتصادية من ذلك، لأنها تزيد من العبء نظرا للحاجة لزيادة عدد الكوادر البشرية، واستحداث مناصب جديدة، في هيئات الحكم المحلي الموجودة في كل محافظة، وزيادة حجم المتطلبات الاجتماعية.
وفي حديث لـ"وفا"، قال وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، إن هناك توجه لدى الحكومة بإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية المعمول بها في الوقت الحاضر، والتي تتمثل بـ16 محافظة، 5 منها في قطاع غزة و11 في الضفة الغربية، مشيرا إلى ان هذه الدراسة أمام مجلس الوزراء.
وأوضح أن الاقتراح ينص على وجود إقليم يضم كل محافظات قطاع غزة يسمى بـ"إقليم الساحل"، وإقليم الشمال الذي يضم محافظات نابلس، وطولكرم، وجنين، وقلقيلية، وسلفيت، وطوباس، إضافة إلى إقليم الوسط الذي يضم العاصمة القدس المحتلة، ورام الله والبيرة، وبيت لحم، وأريحا، فيما يضم اقليم الجنوب محافظة الخليل.
ولفت الأعرج إلى ان الهدف من هذه التقسيمات، تعزيز صمود المواطن من خلال خلق تنمية اقتصادية واجتماعية متكاملة، بشكل يشمل كل أرجاء الاقليم دون وجود حواجز إدارية ما بين محافظة وأخرى أو نظرة ضيقة لمنطقة معينة دون أخرى.
وشدد على أن التقسيم سيعمل على توحيد الجهود ما بين المؤسسات الحكومية، وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة في هذه الأقاليم، وتوجيه القطاع الخاص والمؤسسات للاستثمار فيها، وعمل مشاريع خدماتيه مشتركة كبيرة، تخدم الاقليم وهذا يؤدي إلى تخفيض التكلفة وإدارتها بطريقة أفضل.
وقال الأعرج: "المحافظات في ظل هذا النظام الجديد ستلغى، مع الابقاء على البلديات، ويصبح الإقليم هو المحافظة الكبرى، ويكون له صلاحيات أكبر من الممنوحة للمحافظات، بحيث تشمل أمور تنموية واقتصادية ومشاريع كبرى".
وأشار الأعرج إلى التجارب والنماذج الناجحة التي تم تطبيقها، من خلال توحيد شركات الكهرباء، ومصلحة المياه، موضحا أن هناك دروس وعبر تم الاستفادة منها في ذلك، وهذا سيقودنا إلى إصلاح إداري كامل على تخفيض عدد المستويات الإدارية، بحيث يكون لدينا حكومة المركزية، إضافة إلى الإقليم والبلديات.
وتابع: "سيكون هناك توزيع للصلاحيات ما بين الأقاليم والبلديات، بحيث كل ما يحتاجه المواطن من خدمات تقوم به البلديات، وكل ما يحتاج من مشاريع كبيرة وخدمات أخرى يقوم بها الإقليم".
ونفى الأعرج أن يكون لهذا التقسيم أي بعد سياسي، كما يدعي الآخرون أو أنه يتماشى مع التقسيمات الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه تقسيم إداري تنموي تطويري وخدماتي ليس إلا، والحكومة تقسم وتدير بالطريقة التي تخدم المصلحة الوطنية، وتطبيق التقسيم لن يكون إلا من خلال قوانين وأنظمة تحكمه.
وقال: "هناك دول متقدمة خطت خطوات كبيرة في التنمية والاستثمار، وطبقت النظام منذ سنوات، ونحن بلد صغيرة ومحدودة الموارد وبحاجة الى أن تدار موارده بطريقة فاعلة، وأن يكون لديها نظام إداري متكامل وتقدم لها الخدمات بشكل أفضل، لا يوجد عقبات جوهرية أمام تطبيق هذا التقسيم، بل هي مسألة وضع قوانين وأنظمة وترتيبات إدارية أكثر من أي عقبات أخرى".
ومن الناحية الاقتصادية، أكد الأعرج أن هذا التقسيمات ستوفر على ميزانية الدولة مصاريف إدارية ولوجستية كثيرة، لأنه وبدل أن يكون لدينا 16 محافظة، يكون لدينا 4 أقاليم تعتمد على قرار الحكومة المبني على دراسات سكانيه واقتصادية وجغرافية في خصوص التقسيم، موضحا أنه لا يوجد سقف يحكم تنفيذ هذا المخطط، المطلوب فقط إنجازه بالوقت المطلوب لتحقيق طموحات شعبنا.