عندما يخشى الطفل الأسير عيد ميلاده الـ14
زويا المزين – "يذهب الوالد الى مركز التحقيق مع طفله وفقا للاستدعاء الموجه للطفل، فيتم ضربه ضربا مبرحا أمام أبيه وفي بعض الأحيان يتم اعتقاله"، هذه سياسة قمعية جديدة تنتهجها سلطات الاحتلال ضد القاصرين تتمثل بارسال استدعاءات لهم لمراجعة مخابرات الاحتلال.
وتقول مسؤولة الاعلام في نادي الاسير أماني سراحنة "يقبع في سجون الاحتلال حوالي 450 أسيرا قاصرا ما بين موقوفين ومحكومين، وحالات اعتقال اداري، أما أعلى نسبة اعتقال للاطفال فهي في الخليل والقدس".
"هذه المرة الأولى منذ سنوات نسجل حالات اعتقال اداري لأطفال خصوصا في مدينة القدس والخليل"، وتضيف سراحنة "أغلب التهم الموجهة للاطفال الأسرى رشق حجارة والمشاركة في مواجهات وفي الفترة الاخيرة تهم طعن".
ومنذ نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي سجلت حالات اعتقال لأطفال تحت سن 10 سنوات، وتقول سراحنة "في السنوات الماضية كان يتم اعتقال أطفال في سن 15 وبحد أقصى في سن الـ 13 ولكن هذا العام تم اعتقال اطفال ما دون ذلك".
ويقول مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال في فلسطين المحامي عايد ابو قطيش، إن "المعيار فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الاطفال هو اتفاقية حقوق الطفل، والمادتان 37 و40 من اتفاقية حقوق الطفل اللتان تتناولان التعامل مع الاطفال المعتقلين تعتبران انه من المفترض ان يكون اعتقال الاطفال هو الملاذ الاخير وأن يتم البحث عن بدائل غير الاعتقال".
ويضيف "هناك معايير للمحاكمة العادلة يجب أن تطبق على الاطفال بها عند محاكماتهم، وخلال جميع مراحل اعتقالهم".
وتحظر جميع الاتفاقيات الدولية بشكل مطلق اساءة المعاملة والتعذيب خلال الاعتقال والنقل والتحقيق للمعتقل البالغ وليس فقط للطفل الاسير، وتعمل المؤسسات الحقوقية والقانونية على الضغط على الاحتلال من اجل تطبيق هذه الاتفاقيات.
تأجيل الحكم حتى بلوغ الاسرى سن الـ14
يقول أبو قطيش إن "محاكم الاحتلال تماطل وتؤجل عقد الجلسات حتى بلوغ الطفل سن 14 عاما، لأن القانون المدني الاسرائيلي الذي يطبق في القدس لا يفرض عقوبات على الاطفال اذا كانوا تحت سن 14، بينما في منظومة الأوامر العسكرية في الضفة فهناك امكانية بفرض العقوبات على من هم اقل من 14 والحد الاقصى لعقوبة القاصرين "وفقا" للقانون العسكري الاسرائيلي هو السجن 6 شهور."
وفي حالة الاسير الطفل أحمد مناصرة فقد ترافق اعتقاله مع مقترح لتعديل القانون الاسرائيلي ينص على أن الاطفال المتهمين بالقتل أو الشروع بالقتل يسمح بفرض عقوبات عليهم بالسجن حال بلوغهم سن الـ 14.
ويقول أبو قطيش إن "هذا المقترح عنصري بامتياز يهدف الى استهداف الاطفال الفلسطينيين في القدس".
أحمد مناصرة ليس الوحيد
"حالة أحمد مناصرة ليست الوحيدة فقد اعتقلت قوات الاحتلال قبل 3 سنوات 5 أطفال من سلفيت بتهمة رشق حجارة تسببت بمقتل مستوطنة، ومنذ ثلاث سنوات يذهب الاطفال الخمسة الى المحاكم الا ان الاحتلال يماطل ويؤجل الجلسات والآن تجاوزت اعمارهم 17 عاما، وفي 28 كانون الثاني ستعقد جلسة محاكمة لهم وقد يتم الحكم عليهم بالسجن 15 عاما ودفع غرامة مالية 30 الف شيقل" وتضيف سراحنة، "لدينا حالات اسرى اطفال تم الحكم عليهم بالسجن لمدة اكثر من سنة".
منذ قضية أحمد مناصرة والمعتقلين من أقرانه من المقدسيين الذين يرى الاحتلال انهم يشكلون "خطرا" أصبح الاحتلال يفرض الحبس المنزلي على الأطفال تحت سن الـ 14، ضمن "قانون الأحداث الاسرائيلي"، فيما لا يخضع الأطفال في الضفة لهذا القانون، بل يطبق عليهم قانون الاحتلال العسكري الاسرائيلي.
الاسرى القاصرون بين القانونين العسكري والمدني
عند مقارنة القانون المدني الاسرائيلي المطبق على الاطفال الفلسطينيين الذين يحملون الهوية المقدسية، مع منظومة الأوامر العسكرية الاسرائيلية، يبقى القانون المدني أقل سوءا من الناحية النظرية، على اعتبار ان هناك حقوقا يعترف بها، والحماية ممنوحة للأطفال بشكل عام، بمن فيهم الفلسطينيون الذين يعيشون في القدس، التي تغيب عنها منظومة القوانين "الأوامر" العسكرية الاسرائيلية فيما يخص التعامل مع الأطفال الاسرى في الضفة.
ويقول أبو قطيش: "في الممارسة العملية، الاطفال في مدينة القدس يتعرضون الى كافة الانتهاكات التي يتعرض لها الاطفال في الضفة الخاضعين لمنظومة الاوامر العسكرية".
وتبقى القوانين الاسرائيلية عند التعامل مع الاسرى الاطفال مجرد حبر على ورق فعند تطبيق القانون الاسرائيلي يتم اللجوء الى الاستثناءات عند التعامل مع الاطفال الفلسطينيين في القدس.
يقول أبو قطيش "القانون المدني الاسرائيلي يسمح لاهالي الاطفال بمرافقة ابنائهم خلال التحقيق الا ان الاطفال المقدسيين يتم حرمانهم من هذا الحق تحت استثناءات اذا ان القانون الاسرائيلي يعطي هامش للمناورة ويصبح الاستثناء هو القاعدة في التعامل مع الاسرى القاصرين."
وفي ظل ظروف الاعتقال والتحقيق المهينة التي يعاني منها الاسرى القاصرون وانتظار بعضهم بلوغ سن الـ14 من أجل محاكمتهم، يعيش الطفل حالة من الخوف.
ويقول مدير "مركز علاج وتأهيل الضحايا" خضر رصرص "الطفل بطبيعته يحب أن يكبر بسرعة ليحصل على استقلاليته، لكن عندما يجد أن اقترابه من سن 14 سيحمل له تهديدا، فإنه سيصرف تركيزه عن مهمات التطور الضرورية ليصل مرحلة النضوج"، ويضيف "ظروف الاعتقال تخلق حالة من الضغط النفسي الحاد والاجهاد، ويظهر ذلك على الاسير الطفل فورا، وتتلاشى اعراضه بعد شهر من الافراج عنه، واذا لم تتلاشى هذه الاعراض فقد يكون في حالة نفسية تسمى "كرب ما بعد الصدمة" وهي اضطرابات نفسية تحتاج الى علاج نفسي معمق."