كرفانات غزة... مآسي بانتظار الحلول
خضر الزعنون
تزداد معاناة آلاف المواطنين الذين يسكنون في حي الكرفانات ببلدة خزاعة في خان يونس جنوب قطاع غزة، دون أية حلول تلوح بالأفق.
أكثر من 60 ألف بيت دمر إما بشكل كلي أو جزي في العدوان الإسرائيلي الأخير تموز/يوليو2014 في قطاع غزة، ولا زالت آلاف الأسر تعاني من عدم إعادة بناء بيوتها بفعل سياسة الاحتلال على المعابر والتضييق في إدخال مواد البناء، وفقاً للمؤسسات المعنية العاملة في القطاع.
آلاف الأسر لا زالت تعيش في كرفانات وبيوت متنقلة في وضع مأساوي لا يطاق، مع استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي وشح غاز الطهي وانعدام وسائل التدفئة، حتى البدائية منها حسبما يقول مواطنون لـ "وفا".
المواطنة عزة النجار (24عاماً) أم لطفلين لم يتجاوز أكبرهما العامين، منزلها قصف في عدوان2014، تعيش داخل كرفان سيء المعيشة في فصلي الشتاء والصيف.
ووصفت النجار في حديث لـ "وفا" حياتها داخل الكرفان بالحياة داخل قبر وثلاجة للموتى، مضيفةً "الوضع عندنا صعب جداً، ولا استطيع أن أوصف لك الوضع الصعب الذي لا يليق بنا كبشر".
وقالت النجار وهي زوجة لجريح أصيب في العدوان الإسرائيلي على بلدة خزاعة المنكوبة شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة: "أنا عندي بنت وولد وزوجي جريح، بعد الإصابة صار عنده إعاقة وشلل رباعي وهو مقعد الآن، لا أحد مدور علينا (ينظر إلينا)".
وأشارت إلى أن ما يزيد الطين بلة في فصل الشتاء الحالي هو استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات متواصلة تصل لعشرين في اليوم الواحد، خاصة في موجة البرد الشديد التي تعصف بالمواطنين في خزاعة، وقالت: "موضوع الكهرباء ما في تدفئة وحتى الحطب غير موجود وبصعوبة نوفره".
وطالب من الجهات المعنية الإسراع في إعادة بيتها المدمر رأفةً بحال زوجها الجريح المقعد "أكثر شيء أنا أطلبه هو الإسراع في إعمار قطاع غزة وإن شاء الله نتفاءل ويصير حلول قريباً، ووضع الكرفان لا يوصف في الشتاء ثلاجات موتى وفي الصيف فقاسة دجاج، في الشتاء لا نتحمل البرد فيها وفي الصيف لا نتحمل الشوب والحرارة".
وأردفت النجار "أطالب كل ضمير حي يسأل عنا وتلبية احتياجات أصحاب الكرفانات...هذا الكرفان غير قابل للحياة الكرفان هابط، وفي كل فترة نحن بحاجة لأحد يعمره يجري له صيانة، نطلب مساعدة الجيران لعمل الزينكو (سقف المنزل من الصفيح) والحمام، شكلنا آخر شيء سنتوجه للشوارع حتى ضمير الناس كلها يحيى".
وبنبرة صوت حزين قالت النجار "أنا موجودة في الكرفان منذ سنة ونصف، لو كان عندنا مأوى ثان لذهبنا للعيش فيه، نحن بحاجة إلى مسكن طابق أول لأن زوجي مصاب حتى يتحرك فيه.
أما المواطن محمد النجار البالغ من العمر(35عاماً)، وصف العيشة داخل الكرفان بالكئيبة، ولا تطاق وكل لحظة تغمره المياه والأطفال بداخله يصرخون...لكن دون جدوى.
وقال لـ "وفا": "الكرفان طول الليل المطر يدخل فيه الآن خلصنا من فوق، لكن الأرضية بدأت تطلع (تخرج منها) مياه من تحت وكل الكرفان هبط تحت، وكنا صبينا صبة (أرضية اسمنت) لكن على الفاضي كلها طاحت (سقطت) والأطفال في الليل ما في كهرباء...الكهرباء مقطوعة طوال الليل بداخل الكرفان".
وناشد النجار الجهات المسؤولة والمعنية بالنظر إلى حالهم وإخراجهم من حالة اليأس التي تنتابهم في ظل البرد القارس والأمطار الغزيرة التي تجتاح غزة، "نناشدهم أن يأتوا ليروا ويشاهدوا ما نعانيه في الكرفانات ويأتوا ليناموا ليلة واحدة في الكرفان وليشعروا ما نشعر فيه...كفى، كفى، كفى ذل ومعاناة".
وأوضح النجار أن الحلول المطلوبة على وجه السرعة هي "يبنوا لنا بيوتنا، يخلصونا مما نحن فيه من مأساة ويبنوا البيوت التي هدمت في الحرب، همنا الأول والأخير بناء بيوتنا".
وبصوت غاضب مما يعيش فيه من وضع مأساوي قال محمد النجار "المسؤولين في غزة جاؤوا عندنا وما رجعوا وضعونا على الرف، والأطفال مش ملاحقين نذهب فيهم للمستشفيات في الليل رشح وكحة إحنا يا الشباب مش متحملين...وين نروح ولمين نشكي".
محمد الذي يعيل أسرة من أربعة أفراد أضاف "لدي طفلين وبيتي قصف في الحرب الأخيرة، وأمنيتي يرجعوا لي بيتي وأعيش حياة سعيدة".
حال الأسر في خزاعة كحال مئات الأسر التي تعيش في كرفانات داخل أحياء ومدن قطاع غزة من رفح جنوباً حتى بيت حانون شمالاً، أملهم أن يعاد بناء ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة.
من جهته، دعا وزير الأشغال العامة والإسكان، مفيد الحساينة، المواطنين لأخذ الحيطة والحذر وإتباع التعليمات والإرشادات، التي تصدر من قبل الجهات المسؤولة وذلك حفظاً على سلامتهم.
وأوضح الحساينة، أن طواقم الأشغال ولجان الطوارئ على أهبة الاستعداد لمواجهة أية منخفضات جوية في كافة محافظات الوطن.