الرئيس... عندما أشار الى منتصف جبينه - موفق مطر
"لا احتمل رؤية دماء طفل فلسطيني جريح، ولا ان يسجل عليّ اني سمحت بوصول طفل او شاب الى مسافة أمتار من جنود الاحتلال على حاجز او موقع ليطلق احدهم النارعلى رأسه – (مشيرا الى منتصف جبينه) – فنحن نريد اطفالنا وشبابنا احياء لبناء الدولة والمستقبل بهم"..
هذا بعض كلام رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره، الانسان محمود عباس اثناء لقائه مع صحفيين وكتاب واعلاميين فلسطينيين في مقر الرئاسة في رام الله السبت الماضي. عندما يختار شعب ما رئيسا يمتلك هذا الفكر والحب الانساني للشعب، ويعبر عن حرص على حياة (الفرد) الانسان بهذا المستوى البليغ المؤيد والمثبت باجراءات عملية لحمايته فعلا، لا قولا او من باب الدعاية، فهذا برهان اضافي لرفع منسوب الاطمئنان، لان قائد الفلسطينيين في مسيرة البناء والتحرير والاستقلال، وسط حقول الألغام المحلية والدولية، ومعارك الحرية والاستقلال السياسية والميدانية بالمقاومة الشعبية السلمية، يمتلك عقل وقلب نبي، وبصيرة حكيم، ستمكنه مع ارادة الشعب المتجددة بالابداعات النضالية من تحقيق انجازات رغم مرارة ومأساوية الصراع مع مشروع صهيوني احتلالي استيطاني انكر علينا اول ما انكر تفكيرنا وسلوكنا الحضاري وقيمنا الانسانية، واحترام فكرة الخلق التي قامت على مبدأ الحياة وليس العكس.
"عام 2016 هو عام الأمل والصبر والصمود" يخيل اليك ان قائل هذه العبارة هو شاعر سياسي، او سياسي شاعر، وليس شخصا بموقع رئيس مأخوذ بنزعة الزعامة، او شخص يهتم باشعال نفوس الجماهير بالعبارات الملتهبة الحماسية الانفعالية، لرفع ذبذبة تصفيقهم وحناجرهم، لكن قائل هذه العبارة هو ذات القائد الانسان الحكيم الشاعر بأحاسيس الأم الفلسطينية والأب الوطني، السياسي الرئيس محمود عباس ابو مازن، هو السياسي الذي اعاد للسياسة معناها الحقيقي وهي علم وفن اصلاح الامور، وليس (اللف والدوران والضحك على الذقون)، والمتاجرة بالشعارات الشعبوية والدينية، والتكسب من (آبار) المصطلحات الوطنية المجانية وتسويقها بالمخادعة، لدفع الجماهير الى متاهات المقابر، كمجرد ارقام، لرفع الرصيد الحزبي، بدل أخذهم واحات الأمان والسلام كراما احرارا.
انصح كل مواطن فلسطيني وعربي مشاهدة وسماع كلمة الرئيس في حضرة الاعلاميين، أصحاب الضمائر الوطنية، المناضلين بالكلمة كما وصفهم، وهم كذلك، فقد لا يكتشفون الرئيس ابو مازن من جديد لأن الوجه هو ذاته والوحهة الوطنية السياسية هي ذاتها (القدس) دون تراجع عن الثوابت ولو بمقدار المسافة ما بين الخط القائم والآخر(المليمتر) في مسطرة التلاميذ في المرحة الابتدائية، لكنه سيطمئن ان الصدق والاخلاص هو الانسان الحكيم الحاكم ابو مازن، وأن الشجاعة لا تعني فتح حنفية المواقف التي لا يأتينا منها الا الموت العبثي والمجاني، واستدراج ردود الفعل القاتلة بالضربة القاضية لمشروعنا الوطني، وانما في القرارات والاجراءات الحامية لمصالح الشعب وامنه ولسلامة كل فرد فيه، الضامنة لاستمرار دورة الحياة بعزة وكرامة، مع مقاومة سلمية للاحتلال، على درب الحرية والاستقلال، مدفوعة بقوة الارادة والايمان، والتمسك بالثوابت، حتى لو كانت مصدرا ومرجعية يستغلها أعداء المشروع الوطني على جبهتي الصراع الرئيسة والثانوية في دعايتهم المضادة، لذلك كان جواب الرئيس على الزميل وليد العمري على سؤال حول مغزى تصريحات اللواء ماجد فرج باحباط مئتي عملية مسلحة منذ اكتوبر الماضي وحتى الآن اذا قال ما معناه وليس حرفيا: نعم نحن معنيون بالدفاع عن شعبنا، ولن نسمح لأحد بتقديم الذرائع لدولة الاحتلال لتدمير ما بناه الشعب الفلسطيني وما رفعه من قواعد انجازات وطنية.
في كلمة الرئيس ( الأمل) حيث دولة فلسطين المستقلة ستقوم لامحالة، خارطة طريق لنضالنا الوطني، وفي كلمته (الصبر) حيث الثبات على البرنامج وتحديدا ما جاء في اعلان وثيقة الاستقلال عام 1988 رغم سيرنا على الجمر، وفي كلمته (الصمود) اذ قال هنا كنا وهنا باقون هذه ارضنا لن نغادرها عليها ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، نقاوم حتى ننال حريتنا، والسلام الذي نريده نحن ولا يفرضه الاخرون علينا... وفي كلمة الرئيس محبة للناس بحجم حبهم للحرية.