"مسيسبي" في مخيم الجلزون
رشا حرزالله
في منزل علي فايز، نامت لطيفة (4 أشهر) في سريرها، ومن يجلس في الصالة الضيقة الخارجية يستطيع سماع صوت زفيرها. يفتح والدها يفتح باب الغرفة، ويقرب أذنه ناحيتها ويقول: "هل تسمعون هذا الصوت؟ هي مصابة بالربو من الرطوبة التي أكلت جدران المنزل.
ومن جدران المنزل المتآكلة تتسرب مياه الأمطار لتبلل السجاد والأثاث، وتشكل نهر "المسيسبي" كما يقول علي ساخرا، الأمر الذي دفعه لحفر قناة داخل غرفته، التي تفوح منها رائحة رطوبة قوية، لتصريف مياه الأمطار الى الشارع.
فصل الشتاء أفشل "عمليات التجميل" التي أجراها علي للمنزل، عبر تغطية الجدران بالجبس والديكورات، لتخفي العفن الأسود الذي يغطي جدران بأكملها: "كما ترون، كل شيء في المنزل غارق، عليّ أن أضع الآن أواني المطبخ، من طناجر وأوعية بلاستيكية تحت السقف لتجميع المياه"، قال علي.
الوصول إلى منزل علي (32 عاما) في أعلى نقطة تقريبا في مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله، يكون بعد اجتياز ما علق بزقاق المخيم من أتربة وحجارة وأكياس نايلون ونفايات جرّتها مياه الأمطار، ومع كل شتاء تتكشف عيوب المخيم أكثر فأكثر، لذا تجد بعض سكانه يكرهون هذا الفصل من السنة.
"هنا في الجلزون، معظم المنازل لا تدخلها الشمس، وبيتي واحد منها. في فصل الشتاء تدخل المياه وتبقى متجمعة داخل الجدران، وتشكل الرطوبة ويتآكل الإسمنت، وتصل هذه المياه أحيانا لشبكة الكهرباء، عدا هن البرودة التي لا تبددها كل وسائل التدفئة"، قال علي.
في المخيم الذي يزيد عدد سكانه عن 14 ألف نسمة، تطوع أكثر من أربعين شابا لتقديم المساعدة للمواطنين في المنخفضات الجوية والعواصف، يعملون بجهد فردي وضمن الإمكانيات المتوفرة، على تقديم الخدمات للمرضى والحالات الطارئة.
مجيد غنام أحد المتطوعين الذين يقومون بتنظيف أسطح منازل المخيم من الأتربة والثلوج في حال سقوطها، وفتح الطرق وتسليك أنابيب الصرف المسدودة خوفا من طوفان المياه في أزقة المخيم.
يقول مجيد البالغ من العمر 27 عاما: "أسطح المخيم لا تحمل كميات كبيرة من الثلوج ومياه الأمطار.
ويضيف: "لدينا بعض المعدات من مجارف وحبال ومضخات شفط للمياه وفرتها لنا بلدية رام الله، نحاول قدر الإمكان تخفيف ثقل الشتاء على سكان المخيم".
توجه علي نحو الباب، المطر في الخارج شديد جدا، ثم عاد مجددا ليلقي نظرة أخرى داخل المنزل، كمن يترصد شيئا ما، يبعد قطع الأثاث قد الإمكان عن الجدران، ويدعو الله أن يكون شتاء هذا العام "خفيفا ظريفا".