بين ثلج الراصد الجوي وثلج الشائعات
لم تكن تقارير الراصد الجوي مبالغا فيها، وقد نقول إنها لم تكن دقيقة تماما، وهذا لا يعيبها لأن أحوال الطقس في المحصلة ليست معادلة رياضية، وتقلباتها رهن بمشيئة أعظم هي مشيئة الله عز وجل، وعلى أية حال أصاب الراصد الجوي فيما يتعلق باشتداد المنخفض الجوي مساء الثلاثاء، فجاء الثلج لكنه لم يأت بالكثافة التي تحدثت عنها تقارير الشائعات لا تقارير الراصد الجوي..!!!
جاء الثلج وأغلق الطرق لساعة وبضع ساعة، حتى تسيدت تقارير الشائعات التي كانت تخاطب غريزة البقاء، وهيمنت على حسابات الناس لتلجأ الى مساكنها مبكرا، وقبل ذلك كان تسوقها على أشده لسلع مختلفة، والحال أن الشائعة لا في هذا الموضوع فحسب، بل وفي كل موضوع تقريبا، ما زالت للأسف الشديد، هي التي تتحكم بالسلوك العام على هذا النحو أو ذاك. شائعات الثلج مثلا خزنت من الخبز في البيوت ما يصعب حصره في إحصاء دقيق، والحقيقة أنه يمكن التغاضي عن نتائج شائعات من هذا النوع، فالخبز في المحصلة خزين غذائي، غير أن شائعات القول السياسي والحزبي، والقول التآمري تحديدا، الذي ما زال يحاول بلبلة الرأي العام، لصالح مخططاته التدميرية، هي الشائعات التي ينبغي الانتباه إليها بوعي التفحص والمراجعة، وبوعي المسؤولية الوطنية والأخلاقية قبل ذلك، لا سيما أن كثيرا من شائعات هذا القول ليست إلا الضغينة بأم عينيها، الضغينة السياسية المدفوعة الأجر!!!! ولننتبه أن شائعات هذا القول تكثر وتنتشر، كلما وضع خطاب الموقف الوطني، خطاب المسؤولية الوطنية، المزيد من النقاط على الحروف فيما يتعلق بمسيرة النضال التحرري، وتسليك الطرق أمامها، ببرنامج عمل واقعي لها، الذي أساسه اليوم: الأمل والصبر والصمود كما جاء في حديث الرئيس أبو مازن لحشد الاعلاميين والصحفيين في مقر الرئاسة السبت الماضي .
ونعتقد أن هذا الحديث قد أربك تماما حسابات ذلك القول التآمري، خاصة فيما يتعلق بمستقبل مسيرة التحرر الوطني الفلسطينية، حين شدد الرئيس أبو مازن على نحو حاسم: خائن من يقبل بدولة فلسطينية دون القدس عاصمة لها، وقد كرر كلمة خائن ثلاث مرات، ليؤكد بذلك أنه ما من فلسطيني سيقبل بهذه الدويلة، وأن من سيقبل بها، في أي عهد كان، فإن مصيره الإعدام، وهذا بلاغ للرأي العام وبلاغ للنائب العام منذ الآن، وعليه وأمام هذا البلاغ الوطني الحاسم بكل ما في هذه الكلمة من معنى، فإن شائعات القول التآمري لن تجد غير المزيد من الضغينة وافتراءاتها، لعلها بحمى هذه النقيصة تسخن أوهامها، لتصطاد بدفء كاذب بعض القلوب الباردة !
يبقى أن نشير إلى أن الثلج بتقارير راصده الجوي وتقارير شائعاته، إلى ذوبان دائما، والثابت هو الشمس التي ما أن تشرق حتى تذيب كل ذلك، وكذلك شمس الحقيقة الوطنية التي تشرق دائما بخطاب المسؤولية بلغته الواقعية النضالية، لتذيب ثلج شائعات القول التآمري مهما بلغت كثافته، والأمر لا يتطلب مع هذه الشمس سوى اليقين بسطوعها، لأن الأمل والصبر والصمود ثابت من ثوابتنا الوطنية التي لا تراجع عنها أبدا.
كلمة الحياة الجديد - رئيس التحرير