فلسطينيو التشيك والانتماء للوطن في اليوم العالمي للتضامن مع أهلنا في أراضي 48
على أجنحة فرانز كافكا، أعظم أدباء جمهورية التشيك وكتابها، ورائد الرواية والقصة القصيرة في أوروبا (1883- 1924)، رفع الفلسطينيون المقيمون في البلاد، مقاربة جددوا خلالها موهبتهم في الانتماء إلى أصل الأشياء، ذات العنوان الأوحد، أو فلسطين المتفق عليها بينهم، والمختلف لأجلها مع كل أنواع الآخرين، في اليوم العالمي للتضامن مع فلسطينيي الداخل.
في ساحة فاتسلاف التاريخية الشهيرة، التي تتربع على عرش أكثر ما يلفت انتباه الزائر للعاصمة براغ، في القلب من جغرافيا القارة الأوروبية، تحرى الواقفون الفلسطينيون يرافقهم متضامنون عرب وتشيكيون، رمزية المكان وشعبيته وشهرته، لإطلاق رسالتهم التي تسلط الضوء على معاناة أهليهم في أراضي الـ48، جراء ازدياد معدلات الممارسة العنصرية ضدهم، وارتفاع نسبة الاحتلال الإسرائيلي المئوية، في التنكيل بالحضور الفلسطيني بكل تجلياته، في أراضي عام 1948.
لافتة صغيرة، مكتوب عليها باللغة التشيكية، ما قاله كافكا ذات يوم عن الحرية، "حتى لو لم يأت الخلاص، فإنني رغم ذلك أريد أن أكون جديرا به كل لحظة"، يحتضنها طالب الصف الأول الثانوي، من أب فلسطيني تعود أصوله إلى عرعرة، وأم تشيكية كميل يونس، الذي يقول بلهجة فلسطينية متماسكة، "سأخبر كل زملائي ورفاقي في المدرسة بأن ما تعلمناه في الفصل، يحتم علينا أن نكون في هذه الساحة، للوقوف مع من ينتظرون لحظة الخلاص في فلسطين، وكل مكان في الأرض يتعرض أهله للاضطهاد".
شعارات عدة وأعلام فلسطينية، ولافتات ومعلقات رمزية، حملها المشاركون الذين توافدوا بالعشرات إلى قلب البلدة القديمة في براغ، دعت إلى نصرة كرامة الإنسان الفلسطيني المقيم على أرضه التاريخية، منذ ما قبل عام 1948، مع صور للراحل الكبير فرانز كافكا الذي لعب دورا في تشكيل الوعي الأدبي التشيكي الحديث، ومقولة أخرى له يرفعها مشارك آخر، تقول "لا يزال الليل ليلا أكثر من اللازم"، أو هكذا أشار المشاركون إلى حال فلسطين.
يقول صلاح أبو عمشة، أحد الشخصيات الفلسطينية، المنسقة لإقامة تلك الوقفة، إن "إسرائيل تحاول توظيف كل المتناقضات، في ترسيخ مشروعها الاحتلالي والتهويدي المقيت، فهي من جهة؛ تسارع لالتهام الحقوق الفلسطينية كما يحدث في الضفة الغربية والقدس الشريف وقطاع غزة، وتمييعها والاستعلاء عليها كما يحدث في أراضي عام 1948، ومن جهة أخرى تحاول خلط الأوراق وتصدير صورة مظلمة ومغايرة، للفلسطيني الذي يسعى للحفاظ على كينونته، في الإعلام الغربي، ومن هنا جاءت وقفتنا اليوم، من وسط أوروبا، مستعينين بمقاربات كافكا المعروف لدى المجتمع التشيكي، كي نعلن الحقيقة التي لم تصل كل الأوروبيين بعد، حول ما يتعرض لنا أهلنا جراء سياسة الاحتلال والإلغاء العنصري الإسرائيلي".
محمد كايد من جنين، مقيم في براغ، وناشط في مساندة نضالات الشعب الفلسطيني في كافة الفعاليات، يحمل لافتة تذكر العالم، بالانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في أراضي عام 1948، وفقا للقانون الدولي "إن كافكا الذي ينحدر من جذور يهودية متحررة، رحل قبل أن تولد إسرائيل بأربعة وعشرين عاما، أي في فترة الإعداد لشهادة ميلادها على حساب شعبنا المظلوم"، مشيرا إلى أن كافكا لو كان حاضرا اليوم لما وافق بإنسانيته على اضطهاد الآخرين باسم اليهود، سيما وأنه قد سأل نفسه ذات يوم، حول يهوديته، وكتب "ما المشترك بيني وبين اليهود ؟ ليس لدي شيء مشترك مع نفسي لأجده معهم!".
وسائل الإعلام التشيكية، اهتمت على غير عادتها، بالحدث الفلسطيني، والتقت عددا من المشاركين في الوقفة التضامنية، في الوقت الذي سلطت فيه شبكة التلفزة الوطنية الرسمية، الضوء على المقاربة التي أوجدها فلسطينيو التشيك، بما يتعرضون له أهلهم في أراضي الداخل، مع فكرة الخلاص من الظلم والاضطهاد، في مفهوم وفكر الأديب والروائي الكبير فرانز كافكا.
سفارة دولة فلسطين لدى براغ، حيت الوقفة التضامنية، التي أداها أبناء شعبنا المقيمين في التشيك، وقالت إنها "تثمن وتدعم كافة الوسائل الحضارية، التي يعتمدها أبناؤنا، في إيصال وإيضاح رسالتنا حول معاناة شعبنا في كل أماكن تواجده، إلى العالم، وتحديدا في جمهورية التشيك، التي نعتقد ونعمل على تعزيز العلاقات معها بكل الوسائل، والتواصل مع الرأي العام فيها بما يبين وجهة النظر الفلسطينية المسؤولة".