عبد الرحيم: نثمن المبادرة الفرنسية وندعو لإنشاء آلية جديدة والتوجه لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان
ثمن أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام، وإنشاء آلية جماعية جديدة مع الذهاب لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس في حفل تكريم رباعي الحوار الوطني التونسي اليوم الثلاثاء في رام الله، لنيلهم جائزة نوبل للسلام للعام 2015.
وقال إن سيادته قرّر منح رباعي الحوار شهادات تقدير خاصة لعطائهم الوطني، مؤكدا أن انجازهم هذا سيمنحهم القدرة على المواجهة والصمود، وسيفتح الطريق أمامهم لتحقيق أحلام شعب تونس الشقيق، بتعزيز وحدته، لمواجهة التحديات الراهنة.
وتابع: لن ننسى مواقف الشعب التونسي العروبي الكريم، والشجاع، والمعطاء، حيث كانت تونس حامية وحارسة القرار الوطني المستقل، ومقرا لقيادة وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية في مرحلة تاريخية هامة، ولم تزل حاضنة لرفات شهدائنا الأبرار من القادة والكوادر.
وأكد "أن من يقف دون حل القضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية هو أول داعم للإرهاب، ومساند له مهما تشدق عكس ذلك".
وثمن عبد الرحيم الجهود العربية كافة التي بذلت لإنهاء الانقسام الداخلي المنبوذ من شعبنا، وفي طليعتها جمهورية مصر العربية الشقيقة، بقوله: نطالب باستمرار تلك الجهود لعل وعسى أن يتخلوا عن المصالح الأنانية الضيقة، ويضع جميعنا مصلحتنا الوطنية على رأس أولوياتنا، وفوق كل اعتبار.
وفيما يلي نص كلمة عبد الرحيم خلال الاحتفال:
سعادة الأخ السفير الحبيب بن فرح
الإخوة في الاتحادات والنقابات والمؤسسات الوطنية،
الإخوة ممثلو الاتحادات التونسية .. الشقيقة،
الحضور الكريم،
أشكركم على دعوتكم لحضور هذه الاحتفالية، ويشرفني أن أنقل لكم تحيات السيد الرئيس محمود عباس، وتقديره لهذه اللفتة من اتحاداتنا ونقاباتنا وهيئاتنا الوطنية، ومن جمعية خريجي تونس الشقيقة في فلسطين لتكريم أشقاءهم في النضال رباعي الحوار الوطني التونسي، وتقديم التهنئة لهم لنيلهم جائزة نوبل للسلام للعام 2015.
وتغمرني السعادة شخصيا بوجودي بينكم، لأشارككم هذه الاحتفالية لتكريم هذا الرباعي المناضل باسم السيد الرئيس ممثلا في الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين بتونس، حيث قرر السيد الرئيس منحهم شهادات تقدير خاصة لعطائهم الوطني ولجهودهم الصادقة والمخلصة في تعزيز الحوار الوطني التونسي، وإنقاذ عملية الانتقال الديمقراطي والوصول بالبلاد إلى بر الأمان في ظل الوحدة الوطنية والوئام والاستقرار. إننا ونحن نحتفي بتكريمكم هنا في فلسطين، وبالتزامن مع الذكرى الثانية للمصادقة على الدستور التونسي الجديد، لندرك تماما أنكم ستواصلون ذات القدر من تحمل المسؤولية التي تليق بتونس، وسيمنحكم هذا الانجاز القدرة على المواجهة والصمود، وسَيفتحُ الطريق أمامكم لتحقيق أحلام شعب تونس الشقيق بتعزيز وحدته التي هو أحوج ما يكون لها في هذه الأيام، لمواجهة التحديات الراهنة التي تحاول النيل من صموده والتلاعب بمصيره وللوقوف في وجه التطرف والإرهاب.
إن لتونس أيها الإخوة، هذا البلد الشقيق العزيز الذي يسكن قلوبنا مثلما أسكننا في قلبه واحتضننا بكرمه الأصيل، مكانة ومعزة خاصة في قلب كل فلسطيني، ولن ننسى مواقف شعبها العروبي الكريم والشجاع والمعطاء، حيث كانت حامية وحارسة القرار الوطني المستقل، ومقراً لقيادة وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية في مرحلة تاريخية هامة كان لها أثرها البالغ في رسم المسار والتوجه الوطني ولم تزل حاضنةً لرفات شهدائنا الأبرار من القادة والكوادر الذين امتزج دمهم بدماء أبناء شعب تونس في حمام الشط.
وما زال شعبنا وقيادته يستلهمون التجربة التونسية العريقة بقيادة فخامة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة كفاحا وحضورا فاعلا وواقعا في الحياة الدولية، وإن اعتزازنا عالٍ جدا بعلاقات الأخوة التاريخية الراسخة والمميزة التي تجمع شعبينا الشقيقين في تونس وفلسطين، ونحن ندرك أن فلسطين والقدس الشريف وشعبها في قلب كل تونسي وتونسية، فبوركتم وبوركت تونس وفلسطين، وعاشت أواصر الأخوة والمحبة التي تربط بيننا، من أجل خير شعبينا، وخير ومستقبل أمتنا المجيدة والإنسانية بأسرها.
الإخوة والأخوات الأعزاء،
السيدات والسادة الحضور الكريم،
بالرغم من حجم ما نعانيه في فلسطين من ظلم وقهر واحتلال وانتهاك للمقدسات، وممارسات همجية وحشية، وعذابات لا تعد، ولا تحصى، بما فيها الاعتقالات وحجز الجثامين، إلا أننا واثقون من المستقبل، وسلاحنا في ذلك الصبر، وإرادة شعبنا الخلاقة، وصمودُه وعطاءُه، ومصممون على الثبات، والصمود، وتراكم الانجازات على ترابنا الوطني الفلسطيني، وعلى تحقيق أملنا بإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة والديمقراطية، وعاصمتها القدس الشريف.
إن عزيمتنا لن تلين ولن تفتر، وسنظل جيلا بعد جيل أوفياء مخلصين لهذه الأرض، ولهذا الشعب نحمل الراية والأمانة حتى تحقيق أهدافنا الوطنية، وتطلعاتنا العادلة والمشروعة بإنهاء الاحتلال، واثقين من استمرار دعم جميع قوى الحرية والعدالة والسلام في العالم، وعدم السماح بتهميش قضية فلسطين، لأنها صمام الأمن، والأمان، والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط بل، والعالم، ولهذا كانت مبادرة السلام العربية.
لهذا فإننا نثمن البيان الفرنسي لعقد مؤتمر دولي، وإنشاء آلية جماعية جديدة مع الذهاب لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان، لأنه لا يمكننا أن نقبل باستمرار الوضع الحالي.
الإخوة والأخوات،
إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية، وعدم حلها حسب قرارات الشرعية الدولية سيزيد من التداعيات الخطيرة في المنطقة، وسيؤدي إلى إعطاء الإرهاب الذي نرفضه الحجج والمبرراتِ لتأجيج الوضع في المنطقة، والذرائع لتصعيد أعماله الإجرامية في كل مكان.
ومن هنا، فإننا نؤكد أن من يقف دون حل القضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية هو أول داعم للإرهاب، ومساند له، مهما تشدق عكس ذلك.
ولا نشك لحظة واحدة أن الإرهاب والداعمين له بشكل مباشر أو غير مباشر هو المدخل الذي يحاولون من خلاله إعادة رسم الخريطة السياسية والجغرافية من جديد في المنطقة، بعد مرور ما يقرب من مائة عام الآن على اتفاقية سايكس بيكو.
على الشعوب العربية أن تكون واعية لذلك، ومستنفرة ضد هذا الخطر، الذي لا يستثني أحدا، ونؤكد تأييدنا من جديد لكل المحاولات الجادة والجدية لمحاربة هذا الإرهاب اللعين، الذي يقتل المواطنين، ويهجرهم، ويفجر أماكن عبادتهم دون وازع من ضمير أو رحمة، فالإسلام منه بريء والأخلاق والأعراف تنبذه وتلعنه.
إن معظم شعوبنا العربية في المشرق والمغرب تعاني من ويلات هذا الإرهاب المجرم، الذي يأخذ أشكالا متعددة ومسميات عديدة، لكنه يحقق لأعداء هذه الأمة المتربصين بوحدة دولها وشعوبها أهدافهم المقيتة بالتقسيم والتفتيت على أساس طائفي أو عرقي، ونحمد الله على أن شعوبنا العربية قد بدأت تتيقظ، وتستنفر ضد هؤلاء الذين يستهدفونها كأمة ذات تاريخ عريق في الحضارة، والتعايش، والتسامح، والعدل، والثقافة والديموقراطية، والكرامة الإنسانية.
الإخوة والأخوات،
إننا نواجه احتلالا يُشرع في وجهنا كل الأسلحة ويستخدمها قتلاً ضد شعبنا شيوخا، ونساء، وأطفالا، وشبانا، وشبيبة، ضارباً عرض الحائط بكل قرارات المجتمع الدولي والمساعي الرامية لحل الصراع، فلقد أفشل كل جهود الرباعية والأحادية ويصر على بقاء احتلاله ومخططات إحلاله.
ولكننا شعب وبقيادة م.ت.ف ممثله الشرعي والوحيد لم يهن ولن يهون ولم تفتر عزيمته ولن يخبو إصراره في سبيل أن يظل على الخريطة السياسية ويبني دولته وعاصمتها القدس على الخريطة الجغرافية فوق أرضه.
وكلما جاء جيل جديد يراهن الاحتلال على أنه سيكون المدخل لتنفيذ مآربه وأطماعه، لكن الأجيال الصاعدة تصر على حمل الأمانة التي حملتها لها الأجيال السابقة بهمة أقوى وبتصميم أعظم وأكبر، لكن الاحتلال الإسرائيلي لا يتعلم من الدروس التي أدركها كل المحتلين من قبله.
سنظل على العهد نحن والأبناء والأحفاد نحمل الأمانة بكل شرف، ونسعى لتحقيقها بكل التصميم والإبداع.
هنا نتوجه لكل من يحاول تكريس الانقسام في شعبنا، ونقول لهم بكل صراحة: إن استمرار الانقسام هو الذي يعطي الاحتلال المبرر الأول للتملص من تنفيذ إرادة وقرارات المجتمع الدولي ويمده بالذريعة التي تسنده في كل ادعاءاته وأكاذيبه.
إننا نحيي كل الجهود العربية التي بذلت لإنهاء هذا الانقسام المنبوذ من شعبنا، وفي طليعتها مصر الشقيقة ونطالب باستمرار تلك الجهود لعل وعسى أن يتخلوا عن المصالح الأنانية الضيقة، ويضع جميعنا مصلحتنا الوطنية على رأس أولوياتنا وفوق كل اعتبار.
في الختام نجدد التهنئة لكم ولشعب تونس الشقيق ولفخامة الرئيس الباجي قائد السبسي على المسيرة الديموقراطية، وكلنا ثقة بأنها سوف تؤتي ثمارها، لما فيه خير ومصلحة تونس وتحقيق أهداف شعبنا الشقيق.
عاشت تونس
وعاشت فلسطين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته