الأنفاق بين حماس وحماس!!- موفق مطر
تحتمل ما سميت مبادرة القيادي في حماس احمد بحر ثلاث قراءات، الأولى: ان تكون مناورة والتفافا على لقاء مرتقب بين قيادات من حركة فتح مع حماس في قطر، الثانية: رسالة الى قيادات حماس في الخارج بان قرار حماس لدى مجموعة غزة، والقراءة الثالثة والأخيرة انها محاولة جديدة من حماس لشرعنة انقلابها على السلطة الوطنية عام 2007 والمشروع الوطني.
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الاحمد مفوض العلاقات الوطنية المكلف بملف المصالحة، قال في لقاء مع اذاعة موطني قبل بضعة ايام انه لا يريد الخوض اعلاميا في موضوع اللقاء بالدوحة، آخذا العبرة من سوابق في هذا المجال، وكان حريا بقيادات حماس ترك الامور لتنضج على نار هادئة– هذا اذا افتراضنا حسن نوايا قيادات حماس- دونما تأثيرات، وتنظيرات على الهواء تثير الغبار في وجه الذين سيجتمعون في الدوحة، حتى ان لقاءً جمعنا على (فضائية) مع الدكتور احمد يوسف بدا المذيع مستغربا من الحوار الهادئ والنقاش البناء، رغم تأكيدي على ان التفاؤل هو القوة الدافعة للمناضل الوطني، واننا في حركة فتح ان لم تأتنا اشاراته من هذا اللقاء فاننا سنخلقه في مرات قادمة ولن نيأس لان الوحدة الوطنية بالنسبة لنا عقيدة وحتمية وليست خيارا.
اذن يحق لنا قراءة مبادرة بحر في منظار تحديد قواعد ومخرجات هذا اللقاء سلفا، ما يعني التفافا مقصودا هدفه ضرب اللقاء قبل التئامه، خاصة وان فتح والفصائل وقوى العمل الوطني متفقون على ان اللقاءات هي لبحث تنفيذ اتفاق القاهرة واعلاني الدوحة والشاطئ، بصيغة حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع بما فيها حماس، تنظم بعدها بثلاثة اشهر الانتخابات، كما اعلن الرئيس محمود عباس ابو مازن امام الصحفيين نهاية الشهر الماضي.
القراءة الثانية نراها كرسالة من (حماس غزة) الى (حماس الدوحة) ان القرار ليس بيد رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، وانما بيد مالك السيطرة المباشرة على الارض، وريموت كونترول التحكم بذهنية مسلحي حماس، وقادة آخرين باتت مصالحهم متقدمة كثيرا على مصالح حماس ذاتها والمليوني فلسطيني في قطاع غزة، وان هؤلاء لا يعنيهم اي اتفاق لا يمر عبر غزة ولا يمرر مصالح هؤلاء الذين رفضوا بالفعل مبادرة الفصائل لادارة معبر رفح، لرفع المعاناة عن المواطنين في القطاع.
لا يعني هذا في تقديرنا ان توجهات رئيس المكتب السياسي ومن معه ايجابية بما يكفي للقول ان الفارق بين حماس غزة وحماس الدوحة هو استشعار المصلحة الوطنية، وانما هو اختلاف على التكتيكات لانقاذ حماس من ازمتها السياسية والمالية، ومحاولة لتبرير اي وضع قد ينشأ بعد هذا اللقاء في ظل تصعيد دعاية (معركة الانفاق) التي تبدو حاجة اسرائيل اليها كحاجة حماس لانقاذ كليهما من مأزقيهما.
القراءة الثالثة: سعي اغلبية نواب حماس في المجلس التشريعي لشرعنة مساهمتهم المادية والفعلية في الانقلاب و/ أو تأييدهم له، ما يعني شرعنة الاستيلاء على السلطة والغاء مبدأ التداول السلمي عليها، وما يعني في الوجه الآخر للقراءة تبرئة النواب، وتحصينهم من المساءلة سلفا، وهذا ما دعا النائب احمد بحر لطرح موضوع المصالحة المجتمعية، والأهم دعوته لأن تنال حكومة الوحدة الوطنية الثقة من المجلس التشريعي لتباشر عملها، ما يعني نيل الثقة ممن تسببوا وشرعنوا وايدوا الانقلاب على مدى 9 سنوات تقريبا، وهذا ما لا يحتمل قانونيا واخلاقيا ايضا.. والسؤال الموجه للنائب بحر: لماذا وافقتم على حكومة الوفاق الوطني دونما شرط نيل الثقة من "التشريعي"، فيما تشترطونها على حكومة الوحدة الوطنية التي لم يبشرنا الطبيب الشرعي السياسي بحملها بعد؟! وهل في هذا الاشتراط الا عبوة ناسفة لتفجير اللقاء قبل انطلاقه؟... سننتظر ونحن على يقين ان الرافض للآخر سيبقى يناور لتأمين مصالحه الذاتية والحزبية حتى لو باتت بيوت غزة قبورا لساكنيها..لا سمح الله.. ويبقى سؤال مهم هل بعد هذه القراءة سنكتشف ان ما يحدث هي سياسة وخطة الانفاق بين حماس وحماس؟